تساءل سكوت بيترسون، كاتب لدى موقع “كريستيان ساينس مونيتور” إلى أي مدى يمكن أن تصل التوترات في الخليج من دون خروج الأمور عن السيطرة؟
ويقول إن التصعيد بين هذين الخصمين اللدودين وصل إلى شفا الحرب منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الصفقة النووية، في العام الماضي. ويشير بيترسون إلى أن التصعيد يشمل حملة” الضغط الأقصة” لعقوبات شلت اقتصاد إيران، واستهدفت مرشدها الأعلى والحرس الثوري، وخروقات إيرانية للصفقة النووية لعام 2015، وإسقاط إيران طائرة تجسس أمريكية دون طيار بلغت قيمتها 130 مليون دولار، وإلغاء ترامب في اللحظة الأخيرة هجوماً انتقامياً. وكانت النتيجة، حسب الكاتب، أن الولايات المتحدة وإيران لم تكونا قط، منذ الثمانينيات، أقرب إلى صراع مفتوح.
سؤالان ملحان
وذلك بدوره يطرح، برأي كاتب المقال، سؤالين ملحين. ما الطبيعة السيكولوجية لهذا التصعيد؟ وإلى أي مدى يمكن لهذا المسار التصادمي أن يصل دون التعثر والسقوط في حرب يقول زعماء البلدين أنهم لا يريدونها؟
إلى ذلك، يؤكد الرئيس ترامب أنه يهدف للضغط على الجمهورية الإسلامية كي تتفاوض على صفقة جديدة تشمل الحد من قوة إيران الصاروخية، واحتواء وكلاء إقليميين. لكن صقوراً مساعدين مثل مستشار الأمن القومي، جون بولتون، طالبوا منذ سنوات بتنفيذ ضربات عسكرية ضد إيران وتغيير النظام.
ومن جانبهم، يتعهد مسؤولون إيرانيون أنهم لن يتفاوضوا تحت الضغط، ويصرحون بأن أمريكا دولة لا يمكن الوثوق بها، ويؤكدون كما قال مؤخراً المرشد الأعلى علي خامنئي، بأن الحديث مع إدارة ترامب “سيكون ساماً ومفعوله الفتاك مضاعفاً».
إدراك الخطر
إلى ذلك، يقول حسن أحمديان، عالم سياسي لدى جامعة طهران، وزميل أبحاث لدى مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية التابع لكلية هارفرد: “تحولت استراتيجية إيران من الصبر الاستراتيجي إلى التصعيد من أجل التصعيد. ويعود سبب ذلك لأن إيران لا تستطيع أن تعيش في حالة جمود استراتيجي، لذا كان عليها ابتكار وسيلة للخروج من حالة الجمود التي تحاول إدارة ترامب وضعها فيه».
ويضيف أحمديان أن الهدف الإيراني يقوم على فرض “إدراك الخطر على البيت الأبيض بطريقة تؤدي لخفض التصعيد، في نهاية المطاف».
لكن ذلك الطريق يجلب معه مخاطر إشارات خطأ وسوء تقدير من النوع الذي اتسم به العداء المتبادل بين الولايات المتحدة وإيران منذ 1979، حينما أطاحت الثورة الإسلامية بالشاه الذي كان موالياً للغرب. لكن برأي الكاتب نادراً ما اقترب الخطاب العدائي لكلا الطرفين من خطر نشوب صراع.
خطوات عكسية
في هذا السياق، قالت ويندي شيرمان، كبيرة المفاوضين الأمريكيين على الصفقة النووية لعام 2015، في مكالمة مع صحفيين ضمن لقاء نظمته مجموعة كرايزيس غروب: “تعمل إيران بطريقة حذرة للغاية، سواء في اتخاذ خطوات عكسية، فضلاً عن تنفيذ عملية خطوة بخطوة للضغط على أوروبا، على وجه الخصوص، وعلى روسيا والصين كي ينفصلوا عن الولايات المتحدة. لكن قد تخرج الأمور عن السيطرة بسرعة كبيرة”. وأضافت ويندي إن “عملاً عسكرياً لن يكون خطيراً وحسب، بل كارثياً». كما أعلنت المملكة المتحدة، يوم الأربعاء الأخير أن ثلاثة قوارب إيرانية حاولت عرقلة حركة ناقلة نفط بريطانية في الخليج. ونفت إيران أي دور لها. ولكن في بداية ذلك اليوم، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني المملكة المتحدة من “عواقب” بعدما استولت البحرية البريطانية قبالة سواحل جبل طارق، على ناقلة محملة بنفط إيراني، كانت في طريقها إلى سوريا.
وتأتي تلك الأحداث فيما صرح الجنرال جوزف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، بأن الولايات المتحدة تجري مباحثات مع دول أخرى لتشكيل قوة بحرية “لضمان حرية الملاحة” في المياه القريبة من إيران واليمن.لكن يقول أحمديان، من جامعة طهران “من الحكمة أن تفكر الولايات المتحدة وحلفاؤها مرتين قبل أي تصعيد، لأن الإيرانيين أصبحوا في وضع لا يستطيعون فيه ترك التصعيد دون رد، ولأن ذلك سيضرهم داخلياً، ويضر شرعيتهم والوحدة التي حققتها هذه السياسة».
لا يوجد تعليقات
اضف تعليق