رئيس الدولة ونائباه يعزون سلطان عمان في ضحايا السيول والأمطار
للكلمات والأفعال معنى
أزمة الغواصات: هل خان جو بايدن فرنسا...؟
-- موقف العم جو أملاه الخوف من عدم اصطفاف فرنسا والاتحاد الأوروبي تمامًا وراء استراتيجيتها
-- أوروبا ليست أولوية بايدن وفريقه الأمني الجديد عندما تولى منصبه
-- الفرنسيون: يقول لنا الأمريكان أشــــياء لكنهـــم يفعــلون العكــس
-- باريس تريد استراتيجية تهدف إلى إزالة التوترات في تلك المنطقة من العالم بدلاً من تفاقمها
-- منذ 20 يناير، تم استقبال زعيم أوروبي وحيد في واشنطن: أنجيلا ميركل ولكن في زيارة وداع
الإعلان عن الاتفاقية الأمنية الجديدة بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، صفعة على وجه فرنسا... لكن هذا لم يكن مستغربا.
ألم تكن النيران كامنة تحت الرماد؟ بكل تأكيد نعم. في قصر الإليزيه، كما في كاي دورسيه، ووزارة الدفاع، وأجهزة المخابرات، لم يفت أحد من أن أوروبا ليست أولوية جو بايدن وفريقه الأمني الجديد عندما تولى منصبه. وللكلمات والأفعال معنى... فقد كان أول رئيس دولة أجنبي تم استقباله في البيت الأبيض في أبريل الماضي، هو رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا.
ألم يكن جو بايدن قد نظم أول قمة رباعية له قبل شهر أيضًا، وهو منتدى المحيطين الهندي والهادئ الذي يضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند؟ بالتأكيد أن الاجتماع كان افتراضيًا، ولكن الآن، في 24 سبتمبر، سيعقد حضوريّا على الأراضي الأمريكية. ومن بين الزعماء الأجانب الآخرين الذين تم استقبالهم في واشنطن، منذ 20 يناير، هناك زعيم أوروبي وحيد: أنجيلا ميركل، في يوليو، ولكن في زيارة وداع. وسنضيف فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الأوكراني، في زيارة طال انتظارها في 30 أغسطس، بينما يجعل بايدن موقفه الحازم تجاه روسيا جزءً من سياسته الخارجية التي تحولت نحو الدفاع عن الحريات والقانون.
سنتفاجأ عندما نرى أن عددا أكبر من قادة الشرق الأوسط قد مروا عبر البيت الأبيض في الأشهر الأخيرة، لكن هؤلاء هم الحلفاء الذين سيتركهم جو بايدن أو يواسيهم أو يصبّرهم: سواء كان الرئيس الأفغاني الذي استقبل في يونيو، شهران قبل التخلي عنه من قبل القوات الأمريكية المنسحبة. ورئيس الوزراء العراقي في تموز، لتأكيد الانسحاب النهائي في نهاية العام للقوات الامريكية. وملك الأردن، وأخيراً، بطبيعة الحال، رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت، الرجل الذي حقق إنجاز تشكيل حكومة وحدة وطنية دون نتنياهو، ولكن لا أحد يعرف مدى قدرته على استخدام هذه القوة في خدمة السلام مع الفلسطينيين.
خلف الكواليس، بدأ
صبر الفرنسيين ينفد
أوروبا إذن، ليست في قائمة المدعوين لحفل بايدن الراقص. بينما، بالتأكيد، في اجتماع قمة السبع الذي نظمه بوريس جونسون في كورنوال في الربيع، كما في قمة الناتو التي أعقبت ذلك، في بروكسل، كان جو بايدن عسلًا على عسل، مختلف جدا عن دونالد ترامب الذي كان سريع الغضب ويلعن محاوريه بسبب نقص تضامنهم المالي. لقد تحدثوا طبعا عن تقاسم الأعباء، واتفقوا على أن تركيا تطرح مشكلة، وأن روسيا تظل هي الخصم، وأن على الأوروبيين تحمّل المزيد من المسؤولية عن أنفسهم.
لكن في الكواليس، كان الفرنسيون منزعجين أو نفد صبرهم منذ فترة. لقد سمعت الكثير من التعليقات حول تباطؤ بايدن في إعادة توطين إدارته حتى يكون لدى الأوروبيين محاورين موثوق بهم. فهل من الطبيعي أن وزير الخارجية “الناطق بالفرنسية والفرنكوفوني”، كما نحب أن نقول في باريس، لا يزال من دون مساعد مسؤول عن أوروبا، بينما المؤقت في هذا المنصب، فيل ريكر، تم تعيينه من قبل دونالد ترامب؟ دون ان نتحدث عن إدارة الوباء. طبعا، انتهى الأمر بانضمام أمريكا إلى حركة إعادة توزيع اللقاحات على العالم الثالث، ولكن بعد تأخير كبير. ثم، كيف يمكن أن نتسامح مع أن الأوروبيين ما زالوا لا يستطيعون أن تطأ أقدامهم الأراضي الأمريكية بينما تم تطعيمهم بواسطة فايزر؟
عندما استقبل جان إيف لو دريان “صديقه” توني بلينكين في نهاية يونيو، بدا الجو صافيا وهادئًا وتعاونيًا، على بعد ألف فرسخ من نزهات مايك بومبيو. لكن القلق الأفغاني كان يتجلّى. وعلى سؤالي حول الخوف من رحيل متسرّع جدا من أفغانستان أجاب بلينكن: “الرد النهائي الوحيد لأفغانستان هو اتفاق سلام ينهي الصراع الذي استمر قرابة أربعين عامًا، ولهذا نتحدث مع طالبان... لا نختار خصومنا «.
أفغانستان تصعّد التوترات
كانت الإجابة موجزة مثل “خذها أو اتركها”. استشارة؟ ليس صحيحا. “للولايات المتحدة مصالحها الخاصة ونحن كذلك “، يرى مسؤول فرنسي كبير. ولكن إذا نظرنا إلى السنوات العشر الماضية، فقد ظلت العلاقة مبنية على الثقة ومحفزة بين بلدينا، واليوم يحدث شيء ما”. رغبة في الطمأنينة بأي ثمن؟ في يوليو، في واشنطن، تمكن لو دريان وبلينكين من الاتفاق على ممارسة الضغط على السلطات اللبنانية لتسريع عملية تشكيل حكومة جديدة -خطوة لطيفة بينما بدا ان الأمريكيين يركزون بشدة على آسيا.
لكن أفغانستان كانت لها اليد الطولى بعد شهر. مع استيلاء طالبان على كابول، أسرع بكثير مما توقعه جو بايدن، أصبح الفرنسيون امام اكراهات. لقد استبقوا إلى حد كبير إجلاءهم، لكنهم فشلوا في إخراج أكبر عدد ممكن من المدافعين الأفغان عن الحرية والقانون كما يرغبون. وُسمح لهم فقط بعدد قليل من الدورات الجوية في حين كانت تقلع طائرات C130 التابعة للقوات الجوية الأمريكية بأعداد كبيرة كل يوم.
في نهاية أغسطس، انفجر إيمانويل ماكرون. إنه غاضب من أن الغالبية العظمى من الأفغان الذين تم إجلاؤهم من قبل الأمريكيين قد نزلوا في أوروبا أو أفريقيا، كما لو أن هاتين القارتين البعيدتين عن تمثال الحرية، كانتا مستودعات ومصبّات حيث يكفي الدفع للحصول على مأوى انتقالي مفترض لآلاف الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، والذين عملوا في خدمة الولايات المتحدة. “الأمريكيون يقولون لنا أشياء لكنهم يفعلون العكس”، نسمع في كاي دورسيه، هناك مشكلة أمريكية وهي ثقيلة”. منذ يناير، انتقل الحمّام من حار إلى بارد.
في يوليو، قدم لو دريان خلافاته حول المحيطين الهندي والهادئ
الأكثر إثارة للسخرية بالنسبة للمسؤولين الفرنسيين الذين تلقوا الإهانة على المباشر يوم الأربعاء، هو أن معظمهم يفضلون علاقة قوية عبر الأطلسي.
وكان على هؤلاء، في ذلك اليوم، تولّي نقل الغضب الفرنسي إلى نظرائهم في واشنطن. سواء كان فرانسوا ديلاتر، الأمين العام لـ كاي دورسيه، وهو الذي اتصل مباشرة بالرجل الثاني في وزارة الخارجية، ويندي شيرمان، لإبلاغه بالاستدعاء الفوري للسفير الفرنسي، فيليب إتيان. فقد عاش ديلاتر ما يقرب من نصف حياته الدبلوماسية في القارة الأمريكية، وكان هو نفسه سفيراً في واشنطن قبل سنوات ترامب التي رآها قادمة.
لكن فيليب إيريرا، مدير الشؤون السياسية والأمنية في كاي دورسيه، هو أيضًا الذي اتصل بنظيره في وزارة الخارجية. وإيريرا هو أطلنطي، سفير سابق لدى الناتو، مقتنع بمزايا علاقة فرنسية أمريكية قوية وسلمية.
إذن، لماذا كان قصف الولايات المتحدة لملف المحيطين الهندي والهادئ هذا؟ الخوف من عدم اصطفاف فرنسا والاتحاد الأوروبي تمامًا مع استراتيجيتها في هذه المنطقة؟
هذا صحيح، في قمة السبع، كما في حلف شمال الأطلسي، ومرة أخرى خلال خطاب ألقاه في مؤسسة كارنيجي في منتصف يوليو، شدد لو دريان على ما يميّز المقاربة الفرنسية عن الموقف الأمريكي تجاه الصين.
وأصر على أن “الناتو ليس تحالفًا يقع مركز ثقله في المحيطين الهندي والهادئ” و “يجب تحقيق الانعطاف عبر الأطلسي نحو المحيطين الهندي والهادئ معًا”، ولكن “ليس بمنطق المواجهة مع الصين، وليس بمنطق الكتلة».
باريس تهدد بمقاطعة
قمة بايدن في ديسمبر
وأشار الوزير إلى الحاجة إلى استراتيجية تهدف إلى إزالة التوترات في هذه المنطقة من العالم بدلاً من تفاقمها، من حوار ثلاثي فرنسي مع الهند وأستراليا (والذي قرر إلغاؤه هذا الأسبوع على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة)، والتزامات قوية لصالح مكافحة الاحتباس الحراري، والحفاظ على التنوع البيولوجي. فيما أشار إلى أن “توازن هذه المقاربات”، ضمنيا مع الأمريكيين، يبقى “للتعريف”. وليؤكد مجددًا على أن هذه الاستراتيجية، التي أقرها الاتحاد الأوروبي أخيرًا يوم الأربعاء، هي جزء من منطق السيادة الأوروبية التي يجب على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تفهمه.
«للبقاء حرّا، يجب امتلاك الوسائل”: هل أجندة التحرر هذه هي التي دفعت الأمريكيين إلى التذكير بمن يجب أن يقرر وبشأن أي موضوع عندما نتحدث عن الأمن في أوروبا وفي منطقة المحيطين الهندي والهادئ؟ على الاغلب لا. في باريس، يرى كثير من المسؤولين في القرار الأمريكي رغبة في الخروج من المسلسل الأفغاني من القمة وبفرض النفس بسرعة وبقوة حول الموضوع الوحيد الذي يحظى بإجماع في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهي الصين، التي تعتبر امّ التهديدات، والمنافس لطموحات القوة العالمية الأولى. وليس مهما إذا أزعج ذلك الحلفاء؟
وفي هذا السياق، تواصل فرنسا التشكيك في مغزى مشاركتها في قمة الديمقراطية التي دعا إليها جو بايدن لشهر ديسمبر. قمة الديمقراطيات؟ رابطة “التبعية”، مصطلح يُنسب الآن إلى أستراليا بعد الاتفاق الأمني الموقع مع واشنطن؟ منتدى مناهض للصين أو لروسيا؟ “إذا كان الأمر كذلك، فسيكون بدوننا”، نسمع في باريس.
إن الأزمة ليست فقط نتاج التأثير المذهل لإلغاء عقد الغواصات من قبل أستراليا، إنها أعمق، وربما دائمة، وإذا وجدت تهدئة، فإن الازمة ستترك بصماتها بالتأكيد.
* رئيس تحرير في صحيفة لو جورنال دو ديمانش. من مؤلفاته، “هيلاري كلينتون من الألف إلى الياء”، و”العيش مع الأمريكيين”، ومترجم وكاتب مقدمة كتاب “عن العرق في أمريكا باراك أوباما».
-- أوروبا ليست أولوية بايدن وفريقه الأمني الجديد عندما تولى منصبه
-- الفرنسيون: يقول لنا الأمريكان أشــــياء لكنهـــم يفعــلون العكــس
-- باريس تريد استراتيجية تهدف إلى إزالة التوترات في تلك المنطقة من العالم بدلاً من تفاقمها
-- منذ 20 يناير، تم استقبال زعيم أوروبي وحيد في واشنطن: أنجيلا ميركل ولكن في زيارة وداع
الإعلان عن الاتفاقية الأمنية الجديدة بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، صفعة على وجه فرنسا... لكن هذا لم يكن مستغربا.
ألم تكن النيران كامنة تحت الرماد؟ بكل تأكيد نعم. في قصر الإليزيه، كما في كاي دورسيه، ووزارة الدفاع، وأجهزة المخابرات، لم يفت أحد من أن أوروبا ليست أولوية جو بايدن وفريقه الأمني الجديد عندما تولى منصبه. وللكلمات والأفعال معنى... فقد كان أول رئيس دولة أجنبي تم استقباله في البيت الأبيض في أبريل الماضي، هو رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا.
ألم يكن جو بايدن قد نظم أول قمة رباعية له قبل شهر أيضًا، وهو منتدى المحيطين الهندي والهادئ الذي يضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند؟ بالتأكيد أن الاجتماع كان افتراضيًا، ولكن الآن، في 24 سبتمبر، سيعقد حضوريّا على الأراضي الأمريكية. ومن بين الزعماء الأجانب الآخرين الذين تم استقبالهم في واشنطن، منذ 20 يناير، هناك زعيم أوروبي وحيد: أنجيلا ميركل، في يوليو، ولكن في زيارة وداع. وسنضيف فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الأوكراني، في زيارة طال انتظارها في 30 أغسطس، بينما يجعل بايدن موقفه الحازم تجاه روسيا جزءً من سياسته الخارجية التي تحولت نحو الدفاع عن الحريات والقانون.
سنتفاجأ عندما نرى أن عددا أكبر من قادة الشرق الأوسط قد مروا عبر البيت الأبيض في الأشهر الأخيرة، لكن هؤلاء هم الحلفاء الذين سيتركهم جو بايدن أو يواسيهم أو يصبّرهم: سواء كان الرئيس الأفغاني الذي استقبل في يونيو، شهران قبل التخلي عنه من قبل القوات الأمريكية المنسحبة. ورئيس الوزراء العراقي في تموز، لتأكيد الانسحاب النهائي في نهاية العام للقوات الامريكية. وملك الأردن، وأخيراً، بطبيعة الحال، رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت، الرجل الذي حقق إنجاز تشكيل حكومة وحدة وطنية دون نتنياهو، ولكن لا أحد يعرف مدى قدرته على استخدام هذه القوة في خدمة السلام مع الفلسطينيين.
خلف الكواليس، بدأ
صبر الفرنسيين ينفد
أوروبا إذن، ليست في قائمة المدعوين لحفل بايدن الراقص. بينما، بالتأكيد، في اجتماع قمة السبع الذي نظمه بوريس جونسون في كورنوال في الربيع، كما في قمة الناتو التي أعقبت ذلك، في بروكسل، كان جو بايدن عسلًا على عسل، مختلف جدا عن دونالد ترامب الذي كان سريع الغضب ويلعن محاوريه بسبب نقص تضامنهم المالي. لقد تحدثوا طبعا عن تقاسم الأعباء، واتفقوا على أن تركيا تطرح مشكلة، وأن روسيا تظل هي الخصم، وأن على الأوروبيين تحمّل المزيد من المسؤولية عن أنفسهم.
لكن في الكواليس، كان الفرنسيون منزعجين أو نفد صبرهم منذ فترة. لقد سمعت الكثير من التعليقات حول تباطؤ بايدن في إعادة توطين إدارته حتى يكون لدى الأوروبيين محاورين موثوق بهم. فهل من الطبيعي أن وزير الخارجية “الناطق بالفرنسية والفرنكوفوني”، كما نحب أن نقول في باريس، لا يزال من دون مساعد مسؤول عن أوروبا، بينما المؤقت في هذا المنصب، فيل ريكر، تم تعيينه من قبل دونالد ترامب؟ دون ان نتحدث عن إدارة الوباء. طبعا، انتهى الأمر بانضمام أمريكا إلى حركة إعادة توزيع اللقاحات على العالم الثالث، ولكن بعد تأخير كبير. ثم، كيف يمكن أن نتسامح مع أن الأوروبيين ما زالوا لا يستطيعون أن تطأ أقدامهم الأراضي الأمريكية بينما تم تطعيمهم بواسطة فايزر؟
عندما استقبل جان إيف لو دريان “صديقه” توني بلينكين في نهاية يونيو، بدا الجو صافيا وهادئًا وتعاونيًا، على بعد ألف فرسخ من نزهات مايك بومبيو. لكن القلق الأفغاني كان يتجلّى. وعلى سؤالي حول الخوف من رحيل متسرّع جدا من أفغانستان أجاب بلينكن: “الرد النهائي الوحيد لأفغانستان هو اتفاق سلام ينهي الصراع الذي استمر قرابة أربعين عامًا، ولهذا نتحدث مع طالبان... لا نختار خصومنا «.
أفغانستان تصعّد التوترات
كانت الإجابة موجزة مثل “خذها أو اتركها”. استشارة؟ ليس صحيحا. “للولايات المتحدة مصالحها الخاصة ونحن كذلك “، يرى مسؤول فرنسي كبير. ولكن إذا نظرنا إلى السنوات العشر الماضية، فقد ظلت العلاقة مبنية على الثقة ومحفزة بين بلدينا، واليوم يحدث شيء ما”. رغبة في الطمأنينة بأي ثمن؟ في يوليو، في واشنطن، تمكن لو دريان وبلينكين من الاتفاق على ممارسة الضغط على السلطات اللبنانية لتسريع عملية تشكيل حكومة جديدة -خطوة لطيفة بينما بدا ان الأمريكيين يركزون بشدة على آسيا.
لكن أفغانستان كانت لها اليد الطولى بعد شهر. مع استيلاء طالبان على كابول، أسرع بكثير مما توقعه جو بايدن، أصبح الفرنسيون امام اكراهات. لقد استبقوا إلى حد كبير إجلاءهم، لكنهم فشلوا في إخراج أكبر عدد ممكن من المدافعين الأفغان عن الحرية والقانون كما يرغبون. وُسمح لهم فقط بعدد قليل من الدورات الجوية في حين كانت تقلع طائرات C130 التابعة للقوات الجوية الأمريكية بأعداد كبيرة كل يوم.
في نهاية أغسطس، انفجر إيمانويل ماكرون. إنه غاضب من أن الغالبية العظمى من الأفغان الذين تم إجلاؤهم من قبل الأمريكيين قد نزلوا في أوروبا أو أفريقيا، كما لو أن هاتين القارتين البعيدتين عن تمثال الحرية، كانتا مستودعات ومصبّات حيث يكفي الدفع للحصول على مأوى انتقالي مفترض لآلاف الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، والذين عملوا في خدمة الولايات المتحدة. “الأمريكيون يقولون لنا أشياء لكنهم يفعلون العكس”، نسمع في كاي دورسيه، هناك مشكلة أمريكية وهي ثقيلة”. منذ يناير، انتقل الحمّام من حار إلى بارد.
في يوليو، قدم لو دريان خلافاته حول المحيطين الهندي والهادئ
الأكثر إثارة للسخرية بالنسبة للمسؤولين الفرنسيين الذين تلقوا الإهانة على المباشر يوم الأربعاء، هو أن معظمهم يفضلون علاقة قوية عبر الأطلسي.
وكان على هؤلاء، في ذلك اليوم، تولّي نقل الغضب الفرنسي إلى نظرائهم في واشنطن. سواء كان فرانسوا ديلاتر، الأمين العام لـ كاي دورسيه، وهو الذي اتصل مباشرة بالرجل الثاني في وزارة الخارجية، ويندي شيرمان، لإبلاغه بالاستدعاء الفوري للسفير الفرنسي، فيليب إتيان. فقد عاش ديلاتر ما يقرب من نصف حياته الدبلوماسية في القارة الأمريكية، وكان هو نفسه سفيراً في واشنطن قبل سنوات ترامب التي رآها قادمة.
لكن فيليب إيريرا، مدير الشؤون السياسية والأمنية في كاي دورسيه، هو أيضًا الذي اتصل بنظيره في وزارة الخارجية. وإيريرا هو أطلنطي، سفير سابق لدى الناتو، مقتنع بمزايا علاقة فرنسية أمريكية قوية وسلمية.
إذن، لماذا كان قصف الولايات المتحدة لملف المحيطين الهندي والهادئ هذا؟ الخوف من عدم اصطفاف فرنسا والاتحاد الأوروبي تمامًا مع استراتيجيتها في هذه المنطقة؟
هذا صحيح، في قمة السبع، كما في حلف شمال الأطلسي، ومرة أخرى خلال خطاب ألقاه في مؤسسة كارنيجي في منتصف يوليو، شدد لو دريان على ما يميّز المقاربة الفرنسية عن الموقف الأمريكي تجاه الصين.
وأصر على أن “الناتو ليس تحالفًا يقع مركز ثقله في المحيطين الهندي والهادئ” و “يجب تحقيق الانعطاف عبر الأطلسي نحو المحيطين الهندي والهادئ معًا”، ولكن “ليس بمنطق المواجهة مع الصين، وليس بمنطق الكتلة».
باريس تهدد بمقاطعة
قمة بايدن في ديسمبر
وأشار الوزير إلى الحاجة إلى استراتيجية تهدف إلى إزالة التوترات في هذه المنطقة من العالم بدلاً من تفاقمها، من حوار ثلاثي فرنسي مع الهند وأستراليا (والذي قرر إلغاؤه هذا الأسبوع على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة)، والتزامات قوية لصالح مكافحة الاحتباس الحراري، والحفاظ على التنوع البيولوجي. فيما أشار إلى أن “توازن هذه المقاربات”، ضمنيا مع الأمريكيين، يبقى “للتعريف”. وليؤكد مجددًا على أن هذه الاستراتيجية، التي أقرها الاتحاد الأوروبي أخيرًا يوم الأربعاء، هي جزء من منطق السيادة الأوروبية التي يجب على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تفهمه.
«للبقاء حرّا، يجب امتلاك الوسائل”: هل أجندة التحرر هذه هي التي دفعت الأمريكيين إلى التذكير بمن يجب أن يقرر وبشأن أي موضوع عندما نتحدث عن الأمن في أوروبا وفي منطقة المحيطين الهندي والهادئ؟ على الاغلب لا. في باريس، يرى كثير من المسؤولين في القرار الأمريكي رغبة في الخروج من المسلسل الأفغاني من القمة وبفرض النفس بسرعة وبقوة حول الموضوع الوحيد الذي يحظى بإجماع في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهي الصين، التي تعتبر امّ التهديدات، والمنافس لطموحات القوة العالمية الأولى. وليس مهما إذا أزعج ذلك الحلفاء؟
وفي هذا السياق، تواصل فرنسا التشكيك في مغزى مشاركتها في قمة الديمقراطية التي دعا إليها جو بايدن لشهر ديسمبر. قمة الديمقراطيات؟ رابطة “التبعية”، مصطلح يُنسب الآن إلى أستراليا بعد الاتفاق الأمني الموقع مع واشنطن؟ منتدى مناهض للصين أو لروسيا؟ “إذا كان الأمر كذلك، فسيكون بدوننا”، نسمع في باريس.
إن الأزمة ليست فقط نتاج التأثير المذهل لإلغاء عقد الغواصات من قبل أستراليا، إنها أعمق، وربما دائمة، وإذا وجدت تهدئة، فإن الازمة ستترك بصماتها بالتأكيد.
* رئيس تحرير في صحيفة لو جورنال دو ديمانش. من مؤلفاته، “هيلاري كلينتون من الألف إلى الياء”، و”العيش مع الأمريكيين”، ومترجم وكاتب مقدمة كتاب “عن العرق في أمريكا باراك أوباما».
