رئيس الدولة ورئيس وزراء رومانيا يبحثان علاقات البلدين ويشهدان إعلان مذكرات تفاهم
رغم قساوة الرحلة والأوضاع الداخلية
فنزويلا: كوفيد-19 يدق جرس العودة إلى البلاد...!
-- المهاجرون هم اليوم في صدارة ضحايا تدابير الحجر الصحي التي اتخذت لمكافحة وباء كوفيد-19
-- منذ عام 2015، فر 4 ملايين فنزويلي من بلادهم، وتوزّعوا عبر أمريكا اللاتينية
-- قام السكان بدولرة الاقتصاد بطريقة أو بأخرى، وبات يمثل اليوم أكثر من نصف المعاملات
«في الأسبوع الأول من أبريل، قررت العودة إلى فنزويلا، مهمــــا كانت التكلفة. “...” كنت أبيع اكلات على عربة متنقلـــة، وقدم لي الأصدقاء “الذين كانوا يغــــادرون أيضًا إلى فنزويلا” دراجة وبعض الأشــــياء مقابل مطبــخي المتنقل، الذي أرادوا استخدامه كمقطورة لحقائبهم... تحديت نفسي ببيع الأشياء التي أعطوني إياها، للحصول على بعض المال والمغادرة معهم في صباح اليوم التالي.
كان يوم 6 أبريل. حتى الساعة الثالثة مساءً، لم أقم ببيع أي شيء ... عندما كتبت سيدة تخبرني أنها تشتري كل شيء مقابل 80 ألف بيزو كولومبي “19 يورو «.
في 13 مايو، روى دانيال لوجيوديس، 22 عامًا، في منشور على فيسبوك، تم تداوله أكثر من 39 ألف مرة، رحلته على الدراجة على مسافة 700 كيلومتر (60 كم في اليوم) بين مدينة مونتيريا الكولومبية ووطنه فنزويلا.
خيار فرض نفسه عليه كما يوضح: “بسبب الفيروس، أعلنت كولومبيا عن الحجر الصحي ولم أعد أستطيع العمل.
كنت أستخدم كل الأموال التي أملكها من أجل غذائي، ولم أستطع دفع معلوم الإيجار، لذلك بدلاً من أن أغرق في الديون، قررت العودة للبلاد
«.
حسب الأمم المتحدة، منذ عام 2015، فر 4 ملايين فنزويلي من بلادهم، وكانوا فريسة الحاجة بجميع أنواعها، وتوزّعوا عبر أمريكا اللاتينية. وبالنسبة للجزء الأكبر منهم، يعيش هؤلاء من خلال عمل هامشي، غالبًا ما يندرج في الاقتصاد الموازي (بيع السلع في الشارع، على سبيل المثال). هؤلاء المهاجرون هم اليوم في صدارة ضحايا تدابير الحجر الصحي التي اتخذت لمكافحة وباء كوفيد-19، ومن كولومبيا إلى تشيلي، أصبح الكثير منهم بلا مأوى.
نتذكر الصور المثيرة لجسر سيمون بوليفار الدولي المليء بالفنزويليين الذين يسيرون نحو كولومبيا بحثًا عن سماء أكثر دفئًا
.
اليوم، هم جحافل يعبرونه في الاتجاه الآخر ورؤية مدخل البلاد التي فروا منها سابقا تبعث فيهم الارتياح بعد رحلة شاقّة وصعبة. ومع ذلك، يمثل هؤلاء الأشخاص العائدون جزءً صغيرًا من الذين هاجروا، حتى وإن كان من الصعب الحصول على تعداد واضح: في بداية شهر مايو، مدير هجرة كولومبيا، السلطة المسؤولة عن مراقبة الهجرة، قدم عدد 45 الفا. وقبل أسبوعين من ذلك، قدر رئيس بلدية كوكوتا، المدينة الحدودية الكولومبية، أن 50 ألف شخص عبروا الجسر في الاتجاه الغربي الشرقي.
بالحافلة، والطائرة، والدراجة، وسيرا
على الأقدام
«في ذلك اليوم، التقيت بستة فنزويليين كانوا يسيرون في الشارع يحملون حقائبهم وطفلين يبلغان من العمر عامين. لقد جاؤوا من ليما، وأخبروني أنهم غادروا قبل 13 يومًا وأنهم ينوون الذهاب إلى فنزويلا “، يروي كارلوس ألفاريز، وهو مواطن من بلد هوغو شافيز يعيش في تروخيو، في شمال بيرو. رحلة لا تخلو من المخاطر: في 1 مايو، توفي ثلاثة مترجلين فنزويليين دهستهم شاحنة بينما كانوا يستريحون على طول الطريق في بيرو.
ولتأطير هذه الهجرات في زمن الوباء (ومنعها من المشاركة في انتشار فيروس كورونا)، تم تنظيم العديد من قوافل الحافلات من قبل إدارات المدن الكبرى في كولومبيا، مثل بوغوتا أو ميديلين أو كالي منذ بداية أبريل
.
كما تنظم حكومة نيكولاس مادورو بعض الرحلات الجوية الإنسانية لإعادة المشردين من جميع أنحاء القارة. لكن الشاب دانييل لوجيوديسي تخلى عن هذه الخيارات: “قوائم الانتظار طويلة جدًا، وهذا يعني ضمنيًا الذهاب إلى إحدى هذه المدن بالدراجة، لأنه لا توجد وسائل نقل ومواصلات تسير في كولومبيا الآن. ثم عليك أن تنام في الشارع حتى موعد المغادرة “. وحتى ان كان عليه ركوب الدراجة والنوم في الشارع، اعتبر دانيال أنه من الأفضل القيام بذلك حتى الحدود.
لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة له ولرفاقه الأربعة في الرحلة: انفصلت عجلات المطبخ المتنقل بسرعة، لدرجة أنهم اضطروا إلى التخلي عنه على جانب الطريق وحمل الأمتعة على ظهورهم. وقد تعرضت دراجاتهم المتواضعة الى مشاكل فنية متكررة. كانوا ينامون حيث يمكنهم، وفي الغالب في العراء، حين لا يتم تسكينهم مجانًا في بعض الأحيان. قدم الخيّرون لهم الطعام. يكتب دانيال: “أكثر الناس تواضعاً تواصلوا معنا، بينما تجاهلنا أصحاب الأموال
».
وصوله إلى فنزويلا يثير قلقه الى حد ما، لأنه سمع شائعات مزعجة. وذكرت وكالة رويترز أن 500 مهاجر عائد تكدسوا في مدرسة ثانوية تحولت إلى ملجأ مرتجل، يفتقر الى مياه الشرب، واضطر الرجال للنوم على الأرض. “عندما وصلنا إلى هناك، أعطونا اختبارًا سريعًا سلبيًا في حالتي. نمت ذات ليلة في محطة الحافلات، ثم تم نقلي إلى مدرسة بها أكثر من 100 شخص، وتم وضعنا في غرف في مجموعات من ثمانية وعشرين. نمنا شخصين على كل حشيّة. كان لدينا ثلاث وجبات في اليوم، وكان هناك ما يكفي من الماء للغسيل. لم يكن الأفضل، ولكن ليس الأسوأ أيضًا، لقد تمت معاملتنا بشكل جيد ودائماً باحترام «
بعد أربعة أيام في ذاك المكان، تم نقل دانيال بالحافلة إلى مدينته، ماراكاي، حيث اضطر إلى قضاء أسبوعين آخرين في الحجر الصحي في مأوى، هذه المرة مع سرير له وحده. في نهاية تلك الفترة، كان هناك اختبار آخر، لا يزال سلبيًا، وأخيرًا إمكانية العودة لرؤية عائلته بعد شهر على الطريق، وسنتين من المنفى.
ليست نهاية النفق بالكامل
على عين المكان، لم تنته المشاكل بالنسبة لجميع هؤلاء العائدين. في الأشهر القليلة الماضية، واصلت الجمهورية البوليفارية انهيارها: رغم أنها تجثم على أول احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، إلا أن إنتاجها قد انهار بسبب نقص الاستثمار، وعليها علاوة على ذلك مواجهة الانخفاض التاريخي لأسعاره، دون نسيان العقوبات الأمريكية التي تسبب حالة نقص وندرة في كل المواد. أمام محطات البنزين القليلة التي لا تزال تبيع البنزين، تصبح قوائم الانتظار أطول. انقطاع التيار الكهربائي في ازدياد، وحتى المياه تنفد، وهو ما تعالجه الحكومة من خلال توصيل المياه بالناقلات إلى المناطق الأكثر تضرراً. تعبوا من الانتظار مع علبهم، يجلب بعضهم المياه من النهر، أو حتى يحفرون الآبار بأنفسهم. لكن بشرى سارة: نقص الغذاء بات أقل حدة هذه الأيام، بسبب الاستخدام المكثف للدولار الأمريكي، مما يساعد على استقرار الاقتصاد واحتواء التضخم (أكثر من 9،500 بالمائة عام 2019، بحسب البنك المركزي)، بالإضافة إلى زيادة الواردات السلعية
.
تأتي الاوراق الخضراء من حسابات يملكها الفنزويليون خارج البلاد، ولكن أيضًا من تهريب المخدرات وتحويلات المنفيين. “لقد قام السكان بدولرة الاقتصاد بطريقة أو بأخرى، يقول دانيال. الآن، نجد جميع أنواع الغذاء في كل مكان”. لم تغضب وهي ترى شعبها يتنفس قليلا، تغاضت الحكومة وسمحت بالدولار، الذي يمثل اليوم أكثر من نصف المعاملات.
لكن كوفيد-19 يهدد بهدم هذا الانتعاش الاقتصادي الهش. ورغم أن نيكولاس مادورو يؤكد أن بلاده احتوت المرض، فقد أمر بشهر إضافي من الحجر الصحي في 12 مايو. بالنسبة لجميع الفنزويليين، سواء عادوا أو لم يغادروا، بما يعني إن الرحلة في المياه المضطربة لم تنته بعد.