محمد بن راشد: نسعى لتوفير أفضل نوعيات الحياة للمواطن والمقيم والزائر
يركز على العلل التي تُنتجها الأسر والبيئة والمحيط على الأطفال
«الفتاة الهادئة».. مُعالجة ذكية لقصّة بسيطة
تمكّن المخرج الأيرلندي كولم بِرايْد (1981) من خلق أبعادٍ جمالية عدّة، في جديده "الفتاة الهادئة" (2022)، انطلاقاً من مُعالجة ذكية لقصّة بسيطة، لا تحتوي على تفاصيل وتهويمات كثيرة، مُتبعاً بذلك الإحاطة الشاملة بالشخصية، والتركيز على المُعطى النفسي الناشئ من المعاملة والسلوك البشريين.
في "الفتاة الهادئة" ـ المُشارك في برنامج "جيل"، في الدورة الـ72 (10 ـ 20 فبراير/شباط 2022) لـ"مهرجان برلين السينمائي"، والحاصل على "تنويه خاص" ـ ركّز بِرايْد على العلل التي تُنتجها الأسر والبيئة والمحيط على الأطفال، بوعي أو بشكل غير متعمّد. لكنّ النتائج تكون كارثية غالباً،
تجرح البراءة، وتعصف بمستقبل الأطفال، بسبب تلك الاضطرابات النفسية، في مراحلهم العمرية المختلفة. بِرايْد لم يشتّت نفسه، بإغراق فيلمه في معطيات غير ضرورية، بل اختار مرحلة عمرية معيّنة للطفلة كايت (كاثرين كلينش)، التي تبلغ 9 أعوام، مُحلّلاً عللها النفسية وسلوكياتها، بدءاً من محيطها القريب، كأسرتها المهمِلة، مع أب (مايكل باتريك) مُقامر، لا يهتمّ كثيراً بأسرته وأطفاله الخمسة، وأمّ حامل (كيت نِكْ تشونُوْناي)،
لم تجد وقتاً كافياً لرعاية الأطفال الصغار، بالإضافة إلى مشاكل الحياة والفقر والمتطلّبات الأخرى.
هذا سبَّب عسر قراءة لدى كايت في المدرسة، إلى هدوئها وقلّة كلامها وتعاطيها مع محيطها. أكثر من ذلك، تبلّل فراشها، ولا تتعاطى مع ما/من حولها، كما يفعل كلّ من في سنّها. معطيات جعلت الأطفال الآخرين في المدرسة يتنمّرون عليها، ما فاقم من حالتها النفسية. لكنّ حياتها ستتغيّر كلّياً في العطلة الصيفية، بعد إرسال قريبتها رسالة إلى أمها، تدعو فيها كايت إلى تمضية العطلة عندها،
فاستحسن الأب الدعوة، لأنّه اعتبر أنّ كمية من الطعام ستتوفّر للأسرة. لذا، رافقها إلى حيث أقاربها، ثم عاد إلى منزله.
وجدت كايت نفسها في أسرة جديدة، في مزرعة أخرى منعزلة. لا أطفال تلعب معهم، ولا فضاءات تُسلّيها. فقط مزارع ممتدّة، وحظائر أبقار، وزوجان في منتصف العمر. بعد وقت قصير، اكتشفت قريبتها أيبْلِن سينْسِلاك (كاري كراوْلي)، وزوجها شون (أندرو بِنِتْ)، سلوكها غير السوي، الذي يعود أساساً إلى إهمال أسرتها لها، وعدم الاهتمام الكافي الذي يليق بسنّها.
ورغم أنّها تُبلّل سريرها، لم تُعنّفها أيبْلِن أو تجرحها، بل وجّهت لها ملاحظات بسيطة. تعاملت مع الأمر باحتراف،
بمعاينتها المشكلة التي أدّت إلى هذا الوضع، واهتمّت بها، وعلّمتها مهارات كثيرة، وأشركتها في أعمال المنزل، ومشّطت شعرها، وحنت عليها. أمّا شون،
فكان يأخذها معه إلى المزرعة، ويُعاملها كأنّها ابنته. مع مرور الوقت، تغيّرت كايت كلّياً. ثم حان موعد عودتها إلى أسرتها.
هنا، تحوّل الأمر إلى مأساة عاطفية حقيقية.
سرد جزء من القصة مهمّ لفهم أبعاد الفيلم وخلفيّاته النفسية، لاعتماده أساساً على صُوَر سلوكية تُحدثها الأسر، وتُسبِّب بها مآسي لا تنتهي لأطفالها. أشار كولم بِرايْد ـ
كاتب السيناريو أيضاً، بالاستناد إلى رواية "فوستر" للكاتبة الأيرلندية كلير كيغان (1968) ـ إلى هذه النقطة لتفاديها، خاصة مسألة قلّة الاهتمام، التي تولّد شعور القهر والتهميش والمآسي لدى شريحة واسعة من الأطفال.
كايت أفضل دليل على ذلك، إذْ وجدت في الأسرة الجديدة كلّ الرعاية اللازمة، فتغيّرت حياتها، واختفت كلّ أمراضها، وأصبحت مختلفة.
وعند عودتها إلى أسرتها، لم تستطع مفارقة أيبْلِن وشون، فركضت إليهما سريعاً، محاولة اللحاق بسيارتهما عند مدخل منزل أهلها، فاحتضنها شون بقوة، وبكت أيبْلِن وحيدة في السيارة.
في "الفتاة الهادئة" ـ المُشارك في برنامج "جيل"، في الدورة الـ72 (10 ـ 20 فبراير/شباط 2022) لـ"مهرجان برلين السينمائي"، والحاصل على "تنويه خاص" ـ ركّز بِرايْد على العلل التي تُنتجها الأسر والبيئة والمحيط على الأطفال، بوعي أو بشكل غير متعمّد. لكنّ النتائج تكون كارثية غالباً،
تجرح البراءة، وتعصف بمستقبل الأطفال، بسبب تلك الاضطرابات النفسية، في مراحلهم العمرية المختلفة. بِرايْد لم يشتّت نفسه، بإغراق فيلمه في معطيات غير ضرورية، بل اختار مرحلة عمرية معيّنة للطفلة كايت (كاثرين كلينش)، التي تبلغ 9 أعوام، مُحلّلاً عللها النفسية وسلوكياتها، بدءاً من محيطها القريب، كأسرتها المهمِلة، مع أب (مايكل باتريك) مُقامر، لا يهتمّ كثيراً بأسرته وأطفاله الخمسة، وأمّ حامل (كيت نِكْ تشونُوْناي)،
لم تجد وقتاً كافياً لرعاية الأطفال الصغار، بالإضافة إلى مشاكل الحياة والفقر والمتطلّبات الأخرى.
هذا سبَّب عسر قراءة لدى كايت في المدرسة، إلى هدوئها وقلّة كلامها وتعاطيها مع محيطها. أكثر من ذلك، تبلّل فراشها، ولا تتعاطى مع ما/من حولها، كما يفعل كلّ من في سنّها. معطيات جعلت الأطفال الآخرين في المدرسة يتنمّرون عليها، ما فاقم من حالتها النفسية. لكنّ حياتها ستتغيّر كلّياً في العطلة الصيفية، بعد إرسال قريبتها رسالة إلى أمها، تدعو فيها كايت إلى تمضية العطلة عندها،
فاستحسن الأب الدعوة، لأنّه اعتبر أنّ كمية من الطعام ستتوفّر للأسرة. لذا، رافقها إلى حيث أقاربها، ثم عاد إلى منزله.
وجدت كايت نفسها في أسرة جديدة، في مزرعة أخرى منعزلة. لا أطفال تلعب معهم، ولا فضاءات تُسلّيها. فقط مزارع ممتدّة، وحظائر أبقار، وزوجان في منتصف العمر. بعد وقت قصير، اكتشفت قريبتها أيبْلِن سينْسِلاك (كاري كراوْلي)، وزوجها شون (أندرو بِنِتْ)، سلوكها غير السوي، الذي يعود أساساً إلى إهمال أسرتها لها، وعدم الاهتمام الكافي الذي يليق بسنّها.
ورغم أنّها تُبلّل سريرها، لم تُعنّفها أيبْلِن أو تجرحها، بل وجّهت لها ملاحظات بسيطة. تعاملت مع الأمر باحتراف،
بمعاينتها المشكلة التي أدّت إلى هذا الوضع، واهتمّت بها، وعلّمتها مهارات كثيرة، وأشركتها في أعمال المنزل، ومشّطت شعرها، وحنت عليها. أمّا شون،
فكان يأخذها معه إلى المزرعة، ويُعاملها كأنّها ابنته. مع مرور الوقت، تغيّرت كايت كلّياً. ثم حان موعد عودتها إلى أسرتها.
هنا، تحوّل الأمر إلى مأساة عاطفية حقيقية.
سرد جزء من القصة مهمّ لفهم أبعاد الفيلم وخلفيّاته النفسية، لاعتماده أساساً على صُوَر سلوكية تُحدثها الأسر، وتُسبِّب بها مآسي لا تنتهي لأطفالها. أشار كولم بِرايْد ـ
كاتب السيناريو أيضاً، بالاستناد إلى رواية "فوستر" للكاتبة الأيرلندية كلير كيغان (1968) ـ إلى هذه النقطة لتفاديها، خاصة مسألة قلّة الاهتمام، التي تولّد شعور القهر والتهميش والمآسي لدى شريحة واسعة من الأطفال.
كايت أفضل دليل على ذلك، إذْ وجدت في الأسرة الجديدة كلّ الرعاية اللازمة، فتغيّرت حياتها، واختفت كلّ أمراضها، وأصبحت مختلفة.
وعند عودتها إلى أسرتها، لم تستطع مفارقة أيبْلِن وشون، فركضت إليهما سريعاً، محاولة اللحاق بسيارتهما عند مدخل منزل أهلها، فاحتضنها شون بقوة، وبكت أيبْلِن وحيدة في السيارة.