المملكة المتحدة وثورة جونسون:

البحث عن مرشحين «مجانين» لإصلاح الدولة...!

البحث عن مرشحين «مجانين» لإصلاح الدولة...!

-- يعتقد دومينيك كامينغز أن آلة الدولة بطيئة وبيروقراطية جدا لبدء ثورة جونسون
-- دعوة الفنانين والذين لم يدخلوا الجامعة إلى المساهمة في إصلاح الإدارة البريطانية رأسا على عقب
-- يعتمد مفتاح النجاح على الرتب المتوسطة، التي غالباً ما يتم احتقارها في الهيكلة التقليدية
-- يرى كامينغر أن كليات التجارة وإدارة الأعمال، ليست مضيعة للوقت فقط، بل هي شعوذة
-- المشروع العمومي الأكثر طموحًا منذ قيام  الدولة الكافلة من طرف الحكومة العمالية عام 1945
 
   البحث عن مترشحين “غريبين وفضوليين” لإصلاح الدولة على نطاق واسع. كان يمكن أن يكتب هذا الإعلان دومينيك كامينغز، المادة الشخمة لبوريس جونسون، من أجل تحقيق مهمته الجديدة: إصلاح الوظيفة العمومية البريطانية العليا رأسا على عقب. في مذكرة على مدونة، يدعو هذا المدافع الشرس عن البريكسيت، “ الجُوكَر الحقيقيين، والفنانين، والذين لم يذهبوا إلى الجامعة قط، أو تخلصوا بقدراتهم الذاتية من الجحيم”، إلى قياد انقلاب داخل الدولة.
   ويفكر هذا التحرّري الفوضوي المؤثر، منذ فترة طويلة، في الاستراتيجية الحكومية لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. وتشخيصه واضح ومباشر: لتكريس برنامج مستأجر 10 داونينغ ستريت على النحو الأمثل، يجب قلب وايت هول، المركز العصبي للإدارة المركزية العليا، رأساً على عقب. فقد وعد “بوجو” ليس فقط بالخروج من الاتحاد الأوروبي، بل أيضًا باستثمار عمومي ضخم في المناطق الفقيرة وسط إنجلترا وشمالها، وكذلك في الشرطة، والخدمة الوطنية الصحية، والبنية التحتية.
   افتراضيا، يتعلّق الامر بالمشروع العمومي الأكثر طموحًا منذ قيام الدولة الكافلة على يد الحكومة العمالية بزعامة كليمنت أتلي عام 1945، إلا أنه في عام 2020، أصبح اليمين الشعبوي ربّان السفينة.
 
«لتغيير مجرى التاريخ، 
يجب دفعه»
   يعتقد المستشار الرئيسي لـ “10”، أن آلة الدولة بطيئة للغاية، وبيروقراطية للغاية، لبدء ثورة جونسون. وفي نظر مؤيد الكفاءة والجدارة هذا، المفتون بثقافة المساواة في وادي السيليكون، إن الانتداب والتوظيف النخبوي عن طريق المناظرات لكبار الموظفين خريجي أكسفورد وكامبريدج في اغلبهم، يفسر الحذر المفرط في تنفيذ سياسات خارج المسارات المعهودة. وينتقد هؤلاء، خصوصا، بسبب “فكر احادي” لندني، يقوم على اللغة السياسية الخشبية والبراغماتية واحترام النواميس والتناغم.
 
   عند الاستماع إليه، فان “كبار موظفي الدولة” معزولون عن البلاد العميقة والطبقة العاملة والطبقة المتوسطة والصغيرة، تلك التي صوتت لجونسون خلال انتخابات 12 ديسمبر المنقضي، على غرار البيروقراطية الأوروبية التي يكرهها هذا المناصر النقيّ للبريكسيت.
   وبوجود أغلبية قوية من 80 مقعدًا، ومجموعة برلمانية تطهّرت من المحافظين المعتدلين المؤيدين لأوروبا، ومعارضة منقسمة، ووعد بتحقيق البريكسيت في 31 يناير، يعتقد كامينغز، أن في حوزته جميع الأوراق اللازمة لمهاجمة الطاغوت الحكومي خلال السنوات الخمس المقبلة. ولازمته بسيطة: “لتغيير مجرى التاريخ، يجب دفعه بقوة. «
 
   ان مفهوم إدارة كامينغز ثوري. فكليات التجارة وإدارة الأعمال، في نظره ليست فقط مضيعة للوقت، وانما هي شعوذة. ويرى ان مفتاح نجاح العمل يعتمد على الرتب المتوسطة، التي غالباً ما يتم احتقارها في الهيكلة التقليدية، وعلى استراتيجية التزويد والامداد، التي يتم التضحية بها في كثير من الأحيان باسم تحليلات الاقتصاد الكلي أو الإدارة المالية.
   ويُعجب كامينغز بشكل خاص بالمشاريع العسكرية الكبرى، على غرار برنامج “أبولو” القمري أو “مانهاتن بروجكت” لتصنيع القنبلة الذرية الأولى. وتتطلب مثلت هذه المشاريع الضخمة رجالا وعلماء عباقرة وغير عاديين، وبإيجاز مغامرين ومقاتلين. فكما هو الحال في الجيش، نتلقى هدفًا واضحًا، ونختار الوسائل وطرق الوصول إليه، ونمضي قدمًا بشكل مباشر، دون أي تردد.
 
   مبدئيا، لا يوجد ما يخشاه هذا الموالي للأساليب العنيفة والصادمة من النظير البريطاني لخريجي المدرسة القومية للإدارة الفرنسية، الذين سقطوا من عليائهم نتيجة انعدام الثقة تجاه الاستبلشمنت، كما عبّرت عنه صناديق الاقتراع. وتنص خطته على عملية نقل ضخمة للوظائف الإدارية إلى داخل البلاد من أجل استعادة حيوية إنجلترا الخاسرين.
   المشكلة، هي أنه في المملكة المتحدة، يشبه إصلاح الدولة نوعًا من الثعبان البحري جراء قوة مقاومة الإدارة المركزية للتغيير. ستيف هيلتون، الساعد الأيمن لديفيد كاميرون، في السلطة بين 2010 و2016، كان هدفه أيضًا ضرب شبكة نخبة كبار المسؤولين. محبط، جرّاء عدم إحراز تقدم، رمى المدافع عن “الشعبوية التقدمية” المنديل بعد عامين فقط ليلتحق بالتدريس في جامعة كاليفورنية.
 
   إن غريبي الاطوار الإنجليز الذين يقلبون العقل العادي، هم مرشحون ممتازون ليدرجوا في كتاب الأرقام القياسية. وبطريقتهما الخاصة، يعتبر دومينيك كامينغز، ورئيسه بوريس جونسون، إلى حد ما، من الشخصيات الطوطمية لهذه الفلسفة التي تعكس العقل العادي باسم الشعور بعصمة الشعب البريطاني.
 
 
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot