حكايات على مائدة العشاء

الكرسي

الكرسي


بادر والدي بالحديث ونحن على مائدة العشاء ذات ليلية، قائلا، أن الألعاب الشعبية تعتبر مرآة المجتمع، لما لها من دور مهم في تكوين شخصية الفرد، وبالتابعية تشمل الجميع وتنعكس على التفكير، لتصبح أسلوب حياة يمارسه الكل تحت مظلة المرح، لكن في الحقيقة لم تكن هذه الألعاب مجرد لهو وتسلية للوقت، وهذا ما يعرفه الأجيال التى كانت تصنع لعبتها بنفسها، ففي السابق كان للصبية العاب قد تذهب إلى العنف أحيانا والى التفكير العميق تارة أخرى، والفتيات في هذه الحقبة الزمنية كانت تصنع العابها بنفسها وتجد في ذلك متعة كبيرة وسعادة دائمة

ومن بين هذه الألعاب التى تلعب دوراً هاما في تشكيل شخصية الفرد وترسخ فيه مبادئ الحياة القادمة، “الكراسي الدائرية” فمن اساسيات لعبة الكراسي الدائرة، تصارع المتسابقين على الفوز بالكرسي، وفي كل تجربة ومع نقصان الكراسي وزيادة شخص يزداد الصراع، وفي النهاية يجلس شخص واحد على الكرسي بعد أن يدفع بالأخر دفعة قد تؤد بحياته، لم تؤصل في المجتمع روح التعاون بل منحت الفرصة للتدريب العملي على حذف الأخر من المواجهة والمشهد ككل، والغريب أن الحشد لا يهتم بما تركته اللعبة في نفس المهزوم من اثر مرير مع ضحكات الجمهور، ولم ننتبه أن مجرد لعبة سوف تبني مجتمع على خصال الأنانية والانتهازية وفكرة الشخص الواحد

لم يهتم المجتمع بصناعة الكل بل أهتم بصناعة الفرد الواحد، ولعبة الكرسي هي خير دليل على أن الألعاب الشعبية ذات تأثير كبير في الوجدان، وصاحبة الفضل في نشر ثقافة الزعيم الأوحد والقائد الأعظم، حيث تبدأ اللعبة بعدد من الشبان يتناوبون على الكراسي ويتكالبون بشكل عفوي يعتمد على القوة البدنية والدهاء الفكري، للربط بين صوت الموسيقى ولحظة الصمت التى يحين فيها صوت المعركة والانقضاض على الكرسي، وسط تصفيق الجمهور للمنتصر وضحكات ساخرة لتنزل على جسد المهزوم كسوط الجلاد حين يغادر الساحة مطأطأ الرأس، يلملم جسده المنهار، وثيابه المتربة من أثر السقوط

لم يهتم المجتمع بما تركه في نفس المهزوم من خيبة أمل وانكسار للذات، في لعبة قد تبدو عادية جدا إلا أنها تخاطب العقل والشعور الدائم في التكوين النفسي لأطفال بمقتبل العمر، وبدل حث الأطفال في سن مبكرة على العمل الجماعي والاهتمام بوجود قائد ونائب وأعضاء، اكتفى المجتمع بالفردية وتناسى تماما غرس القيم والمبادئ السليمة في نفوس هؤلاء الأطفال ليصبحوا بعد ذلك نموذج يحتذى به في جميع قطاعات الدولة

مجرد لعبة بسيطة يلعبها الأطفال في حفلات المدارس وعلى الشواطئ والأماكن المفتوحة رسخت مفهوم عند الجميع أن القائد هو من يفوز بالكرسي لأنه جدير به، مع أن هناك آخرون تمكنوا من أخذ قرار المشاركة من بين حشد كبير من الجمهور وهذا يحتسب لهؤلاء الذين أرادوا أن يثبتوا قدراتهم وميولهم للقيادة، وهذا لا يعني بالضرورة فوز الأصلح أو الأقوى بدنيا أو فكريا، فالكل دخل السباق وواجه الجمهور وصار داخل مربع الأهتمام كما ان هناك شخص واجه الفائز في سباق الكرسي أي وصل للنهائي شخصين فلماذا لم يهتم المجتمع بمنح هذا الشخص شرف التواجد على طرف الكرسي كنائب يقوم الفائز ويجلس النائب وتتلاشى في تلك اللحظة فكرة تأصيل الزعامة الفردية

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot