الاشتراكية تصل إلى الولايات المتحدة

الوسط يغادر الحياة السياسية العالمية... لماذا؟

الوسط يغادر الحياة السياسية العالمية... لماذا؟

    إنها الثالثة... سيغني ساندرز قريباً “أعتقد أنني أستطيع التحليق، وأعتقد أنني أستطيع أن ألمس السماء” !! إن هذا السبعيني، يقفز أمام منافسيه، الذين يظهر أغلبهم، أنه لا يزال بإمكانهم القيام بحملة مرهقة وبوتيرة محمومة، دون أن يعيقهم تجاوزهم سن التقاعد.
    إنه أمر يثير الإعجاب، عندما تدرك ايقاع الحملة الجنوني في بلد شاسع. ومن المؤكد أن مدربهم هو ميك جاغر، لأن طاقتهم بالنسبة لي، وخاصةً طاقة ساندرز، تتجاوز ما يمكن أن يتخيله الإنسان. خاصة ساندرز، لأن مناظراته وخطبه تجرى بسرعة 100 كم - ساعة، مع اهتزاز دائم من شأنه أن يجعل اريك كلابتون يخجل، مع أو بدون “الكوكايين».
   وبينما يبدو بايدن، واسوأ منه بلومبرغ، مخيّبين للآمال، وكأنهما مربوطين بمشدّ، وتقوم بتحريكهما دمى متعبة، يرسل ساندرز، 220 فولت، وإصبعيه في المقبس... وهذا يزيد اندهاشك!

   ان هذه الحملة، شاهد على الانقلاب في السياسة العالمية، والذي ضحيته واضحة: الوسط. نرسم خطًا طويلًا بين اليسار والمحافظين، وهذا الخط، يتحدى أي فكرة رياضية، ليس له وسط. لم نر ذلك قط، وشيء لا يصدق، من شأنه أن يحيل كبار علماء الرياضيات إلى المعاش. ان العالم يغرق في التطرف، بما يفرض اختراع هيبر وسط؟
   لم يعد العالم يؤمن بالمستقبل، لذلك يلجأ إلى تجار الماضي، أو الى وعود الاقصاء. تجار الماضي، الذين يتزايد عددهم في جميع أنحاء العالم، يزدهرون بسبب الافتقار إلى آفاق مستقبلية للمواطنين “العاديين”. ولم يعد لمن فقدوا الايمان بالمستقبل الا رغبة واحدة، تتمثل في استعادة الظروف التي كانت تحكم حياتهم الماضية. فما مضى كان أفضل! اذن لنعد اليه، يقولون.

   والمحزن للغاية، أن نلاحظ أنه في غياب تفسير معقول ومفهوم، يكون في خدمة رؤية للمستقبل، من خلال ما يسمى بالسياسات “الطبيعية”، قد يكون من المغري أكثر الاعتقاد بعودة “الزمن الجميل”... الماضي حيث كان الأمل في تحسين وضع الجيل السابق عاديا عند 90 بالمئة من السكان، الماضي الذي كان يوجد فيه 3 أشخاص في سن العمل مقابل شخص واحد فوق 65 عامًا، الماضي الذي كان النمو فيه لا يزال في متناول اليد، ويتم توظيف اليد العاملة بالكامل، قبل موجة الانتقال إلى الصين.   لم يعد العالم يؤمن بالمستقبل، لذلك يسعى إلى القضاء على المنافسة، ويصوّت للذين يعدون بطرد الأجنبي ذاك الذي يسطو على مواردنا ويشغل وظائفنا. كان هذا الجزء من رقعة الشطرنج أقلية في بلدهم، الا ان ديناميكية هذه الأحزاب أصبحت مذهلة.

  والأمر الأكثر إرباكًا، هو أن رد الفعل المنطقي إلى حد ما، والذي يقضي القول إن في مستطيل التطرف، لا تزال هناك فجوة كبيرة لمرشح “في الوسط”، يبدو أنه قد فقد صلاحيته. فلا مرشح “وسطي” لاستغلال هذا الفضاء الواسع. ومن جميع الجوانب، الصحفيون الذين ما زالوا صاحين، والذين بدأوا يدركون أو يحققون، يتوصلون دائمًا إلى نفس النتيجة: فضاء الوسط.... فارغ! الكيانات المتطرفة تُفرغ وتمتص كل شيء في مرورها، وتترك للوسط أرضا محروقة، إنه دايسون والجيش الروسي معًا.

  والأكثر إثارة للدهشة، أو المذهل بنفس القدر، هو تبني بعض المترشحين لصفة “اشتراكي”، وفي صدارتهم ساندرز. منذ وقت ليس ببعيد، وعلى نطاق إنساني، كان هذا النعت في الولايات المتحدة الأمريكية، يقودك إلى السجن، على الأقل، حيث كنت تشنق.  بالخطأ! وفي وقت يندثر فيه الحزب الاشتراكي في فرنسا، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، التي تستورد لأول مرة مفهومًا أوروبيًا، هي بصدد تصنيع قنبلة اشتراكية يمكن أن تنفجر بالقرب من وجه ترامب، الذي سينتصر مع ذلك.

   والأداء المؤسف لبلومبرغ الذي ينبئ باختفائه السريع، لن يسمح لنا أبداً بمعرفة ما إذا كان الأمريكيون محبطين للغاية من الرأسمالية، بحيث يمكنهم من الآن فصاعداً ايصال “يساري” إلى معبد “البيت الابيض».
   بالنسبة للذين يعتقدون أنهم امام عرض اول تاريخي، معركة بين “رجلي أعمال”، ومليارديران، سيكون لهم ما يريدون. وسنرث جدّين من المقاومة الأمريكية، حتى وان اعتاد أحدهما على لعبة الغولف في فلوريدا وعلى بعض التعزيزات الصغيرة لـ “البوتوكس”، ويخفي سنّه بشكل أفضل خلف فتلة شعر متمرّدة.

  وامام الارباك والاضطراب المعمّم، في كل مكان في الغرب، تحوّل الجمهور والناخبون إلى التطرف، مما جعل الوسط ثقبًا أسود، دون مادة او جوهر. وهذا عنصر إضافي للإرباك والاضطراب لجميع الذين يحبون الرجوع إلى الماضي من اجل توقّع المستقبل. ان الحاضر لم يعد يصرّف مع الماضي، ولكن بصيغة الشرط، ومع العرضي والعشوائي... على طريقة البزل يقول أوديار... لست متأكدا من ان النتيجة ستكون بمثل هذه الطرافة.

•• دينيس جاكيه** رجل أعمال، ومستثمر، ورئيس جمعية “رعاية النمو”، وهي جمعية تساعد الشركات الصغرى والمتوسطة على البحث عن النمو

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot