الولايات المتحدة: «الأبوكاليبس» حسب روبرت كاغان...!

الولايات المتحدة: «الأبوكاليبس» حسب روبرت كاغان...!

  «تتجه الولايات المتحدة إلى أكبر أزمة سياسية ودستورية منذ الحرب الأهلية، مع احتمال قوي، خلال السنوات الثلاث إلى الأربع القادمة، لوقوع أعمال عنف جماعية، وانهيار السلطة الفيدرالية، وتقسيم البلاد إلى جيوب جمهورية وديمقراطية”، هذا ما أعلنه مؤخرًا المؤرخ، والكاتب والخبير في الشؤون السياسية، المحافظ روبرت كاغان، في مقال راي طويل نشرته صحيفة واشنطن بوست، والذي لا يتوقف، منذ نشره، عن تأجيج الجدل. فمن وجهة نظره، أن تهديدين رئيسيين يلوحان في الأفق: أولاً، الا في صورة مشاكل صحية، “سيكون دونالد ترامب المرشح الجمهوري للرئاسة عام 2024”. بعد ذلك، “سيستعد الرئيس السابق وحلفاؤه الجمهوريون، بنشاط لتأمين فوزه بجميع الوسائل الضرورية”. مهد لـ “فوضى انتخابية” جديدة محتملة.
    أعرف روبرت كاغان قليلاً حيث جمعني لقاء به قبل بضع سنوات في واشنطن على مأدبة عشاء حضرها عشرات الأشخاص، منهم السناتور الجمهوري من فلوريدا ماركو روبيو، وبرنارد هنري ليفي -من فضلكم، لا تسألوني ماذا كنت أفعل هناك. أتذكر انني حادثته لفترة طويلة، وفوجئت بذكائه وبعض الاعتدال في كلماته، بينما كان بالنسبة لكثيرين -وربما بالنسبة لي أيضًا -تجسيدًا للشرّير الفكري من المحافظين الجدد. بعد ذلك، قرأت بعض أعماله، ويجب أن أعترف أنه رغم أنني لا أشاركه دائمًا استنتاجاته، إلا أن تحليلاته وتشخيصه للمجتمع الأمريكي لا تخلو من براعة.
   لذا، لنتناول بضع لحظات النقاط الرئيسية في مقال الواشنطن بوست، ونرى ما يمكن أن نستخلصه.
كتب أولاً: “إن الولايات المتحدة تتجه نحو أكبر أزمة سياسية ودستورية منذ الحرب الأهلية “...”، صحيح أم خطأ؟ صحيح جدا...
يمكن فقط للمتفائل السعيد الذي لا يرى أبعد من طرف أنفه أن يجادل بخلاف ذلك بعد ما حدث في واشنطن في يناير الماضي، ومعرفة أن 78 بالمائة من الناخبين الجمهوريين ما زالوا يعتقدون أن جو بايدن لم يفز بشكل شرعي عام 2022.
ثم يتوقع الصديق بوب، للسنوات الثلاث أو الأربع المقبلة، “عنف جماعي” و”انهيار السلطة الفيدرالية” و”تقسيم البلاد إلى جيوب جمهورية وديمقراطية”... مرة أخرى، كيف يمكن ان نسفّهه؟
   بالنسبة للعنف الجماعي، تلقينا مؤخرًا توطئة لما يمكن أن ينتظرنا من خلال الهجوم على الكونجرس، ولكن أيضًا مع أعمال الشغب التي أعقبت المظاهرات المرتبطة بحركة حياة السود مهمة، والتي أجبرت المدن الأمريكية الكبرى على تحصين نفسها كما في زمن الحرب -تخيلوا أغلقت معظم المتاجر والشركات والبنوك والفنادق في مانهاتن وراء حواجز خشبية ضخمة. انها صور صاعقة حرفيا، ولّدت جزعا كبيرا الى درجة أنها لن تؤدي، بحسب عدد من الخبراء، إلا إلى تصويت احتجاجي لصالح “حزب النظام” في الانتخابات الوطنية المقبلة.
   أما بالنسبة إلى “انهيار السلطة الفيدرالية”، فإن الإشارات مقلقة فعلا. قد يكون صعود الحكام الصاروخي الى الواجهة، في الآونة الاخيرة، أمرًا جيدًا عندما يكون بمثابة سلطة مضادة لترامب، لكنه لا يمكن إلا أن يضعف التماسك الوطني عندما، كما هو الحال منذ بداية وباء كوفيد-19، يقرر هؤلاء الحكام معارضة وبعنف -ليس دائما فقط شفهي -قرارات واشنطن، مما تسبب في ارتباك البلاد، وفي بعض الحالات، قتل مئات الآلاف من الناس.
   إن الأهمية غير المتكافئة التي توليها الثقافة الشعبية ووسائل الإعلام لوظيفة الرئاسة الأمريكية مضللة. فلطالما كانت الحكومة الفيدرالية سلطة ضعيفة نسبيًا امام الكونجرس. ويتمتع الرئيس في نهاية المطاف بصلاحيات قليلة، على عكس نظيره الفرنسي. لكن من سلطة “ضعيفة” وصلنا اليوم إلى سلطة هشة.
    لم يعد العشرات من المواطنين، وكذلك العديد من السياسيين المحليين البارزين، يرون حكومة واشنطن شرعية، ويرفضون الاعتراف بها باعتبارها أعلى سلطة في البلاد، وكل هذا مزعج للغاية. بطبيعة الحال، إن الرئاسة الحالية، التي يجسدها رجل عجوز، سرعان ما خسر شعبيته، وحسب بعض الشهود، لا يتمتع الا ببضع ساعات من الصفاء الذهني في اليوم، ويتم الاعتراض على مشاريعه بانتظام، إن لم يتم رفضها جزئيًا، من قبل أغلبيته، امر لا يساعد. ناهيك عن صورة الهواة التي تظهر أحيانًا من تصرفات نائب الرئيس كامالا هاريس، التي حُكم عليها -بشكل غير عادل في رأيي -بأنها غير كفؤة من قبل أكثر من 60 بالمائة من السكان، والتي، يجب الاعتراف، لا تدين بموقعها إلا من خلال حقيقة كونها امرأة من الأقليات.
   أما بالنسبة للتقسيم القادم للبلاد إلى جيوب جمهورية وديمقراطية الذي تنبأ به روبرت كاغان، فقد سبق تصور هذا السيناريو منذ سنوات من قبل مفكرين مثل صمويل هنتنغتون وستانلي هوفمان. أنا نفسي، فيما اكتب، حاولت بانتظام، وبتواضع شديد، تنبيه الرأي العام إلى مخاطر “أمريكا التي تتزايد هشاشتها بسبب النزعة الانفصالية السياسية والعرقية والثقافية والدينية، أمريكا حيث إرادات الانشقاق، وحتى الانفصال، من جانب بعض المناطق والولايات يتم أخذها على محمل الجد أكثر فأكثر».
   أخيرًا، يؤكد كاغان في مقاله أنه، الا في صورة مشاكل صحية، “سيكون دونالد ترامب المرشح الجمهوري لرئاسة عام 2024”، وأن “الرئيس السابق وحلفائه الجمهوريين يستعدون بنشاط لضمان فوزه بكل الوسائل الضرورية”. وفي هذا خطر إغراق الولايات المتحدة في فوضى انتخابية غير مسبوقة.
   صحيح، وصحيح، مرة أخرى. راهنا، لا يبدو أن هناك شيئًا يمنع ترامب من الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري. وعندما نرى، من بين أشياء أخرى، كيف عمل الجمهوريون المنتخبون لعدة أشهر، وبصورة غير قانونية، من اجل جعل الوصول إلى مراكز الاقتراع صعبًا قدر الإمكان لجزء من مجتمع السود، المؤيد عمومًا للديمقراطيين، يجب أن نتوقع الأسوأ.
   ريد برودي، نائب المدعي العام السابق لولاية نيويورك، قدم عناصر، في مقال راي نشرته صحيفة لوموند، تدعم روبرت كاغان: “ أكثر من محتمل، أن يفوز الجمهوريون في انتخابات منتصف المدة التشريعية 2022 “…”. وبافتراض أنه يتمتع بصحة جيدة، من شبه المؤكد أن دونالد ترامب سيكون مرشحًا رئاسيًا عام 2024، حينها قد تكون الفوضى. إذا أصبح دونالد ترامب رئيسًا “...”، فستكون له السيطرة على جميع السلطات: التنفيذية والتشريعية والقضائية، وحينها ستكون الديمقراطية الأمريكية شيئًا من الماضي».
   «مرحبًا بكم في أمريكا - مرحبًا بكم في شو الكبير”، هكذا غني برنس في ألبومه الصادر بعد وفاته.

ترجمة خيرة الشيباني

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot