سيجعل الوباء تحديات خليفته أكثر صعوبة
الولايات المتحدة: إرث دونالد ترامب المسموم...!
-- حتى في السيناريو المتفائل، حيث يتزامن ما بعد الوباء مع ما بعد ترامب، فإن التوقعات ليست مشرقة بالكامل
-- إذا رفض الحزب الجمهوري إرث ترامب، فإن ظهور بديل حزبي يميني متطرف هو احتمال حقيقي
-- إذا ظل ترامب في منصبه حتى عام 2024، يمكن توقع الحالة المزرية التي سيترك عليها المؤسسات
-- ستمر عاصفة ترامب، لكن المناخ السياسي الذي جعلها ممكنة لن يتبدد في وقت قريب
كيف سيبدو ما بعد الأزمة؟ في قلب وباء عالمي، هذا هو السؤال الذي يطرحه الجميع. في الولايات المتحدة، هناك شيء آخر: كيف سيبدو شكل ما بعد ترامب؟ إذا ظل ترامب في منصبه حتى عام 2024، يكفي أن نرى ما فعله حتى الآن لتوقّع الحالة المثيرة للشفقة التي سيترك عليها المؤسسات والقيم الديمقراطية في بلاده: السلطوية، التطهير، الانتقام، التسييس المفرط للعدالة، والمحسوبية والفساد، وكراهية الأجانب، ناهيك عن زعامة دولية دمرت بالكامل.
مناخ سياسي عنيد
هناك فرق بين حالة الطقس اليوم والمناخ. ستمر عاصفة ترامب، الا ان المناخ السياسي الذي جعلها ممكنة لن يتبدد في وقت قريب.
الاستقطاب، والتغيرات الديموغرافية، واستياء الذين اقصتهم العولمة، والذين حوصروا في طابور انتظار الحلم الأمريكي، والبيئة الثقافية والإعلامية المدمرة التي تغذي الاحباط وتجعل منطق الصدام فوق المصلحة المشتركة، والنظام الانتخابي المهترئ ينخره المال: كل هذه العناصر التي تم تناولها في هذه السلسلة من المقالات، ستظل موجودة عندما يغادر دونالد ترامب البيت الأبيض ... عن طيب خاطر أو بالقوة.
وسيجعل الوباء تحديات خليفته أكثر صعوبة.
آثار جائحة عميقة
الاقتصاد الأمريكي في حالة يرثى لها. لقد بلغت البطالة مستويات غير مسبوقة منذ الكساد الكبير، وتتساقط الشركات مثل الذباب، ويصل الدين الفيدرالي إلى مبالغ لا يمكن تصورها... ولم ينته الأمر. يجب أن تكون عدسات عينيك وردية لتصدق تعهدات أولئك الذين يعدون بغد اقتصادي مذهل في الخريف.
حتى لو كانت العلاجات واللقاحات متاحة قبل نهاية العام، فسيكون على الاقتصاد الأمريكي المرور بإعادة بناء طويلة وصعبة.
ضغوط كراهية الأجانب والعزلة والحمائية التي غذت صعود ترامب، سيزيدها الوباء حدة. وإضافة إلى الذكرى السيئة التي خلفها سقوط الزعامة الأمريكية، فإن هذه الضغوط ستعقّد إعادة فتح الاقتصاد العالمي.
ان لبعض الأزمات تأثيرات تجديدية: جلب الكساد الكبير الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية للصفقة الجديدة، اضافة إلى فرض ظهور الزعامة الاقتصادية الدولية للولايات المتحدة. ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون للأزمة الحالية نفس النوع من الآثار التقدمية في سياق يطبعه إرث دونالد ترامب.
لا، لن يغادر الرئيس الحالي المشهد بهدوء إذا أطيح به، كما فعل ريتشارد نيكسون. وإذا هُزم سيسعى دونالد ترامب، بالقهر والجشع، إلى احتكار الفضاء الإعلامي... ستزعجكم فوكس نيوز؟ انتظروا لتشاهدوا “ترامب نيوز”.
اليمين المتطرف الصاعد
سيواجه الحزب الجمهوري معضلة صعبة.
إذا استسلم لترامب، فسيفقد فرصه في استعادة جسم انتخابي سيشبه بشكل أقل الجسم الذي جاء بترامب إلى السلطة. وإذا رفض الحزب إرث ترامب، فإن ظهور بديل حزبي يميني متطرف هو احتمال حقيقي.
عام 2009، لم يتراجع الجمهوريون امام أي شيء لمعارضة سياسات التحفيز الاقتصادي، على أمل ان يقضي باراك أوباما ولاية واحدة.
اما إذا دفع الجمهوريون في الكونجرس ثمن هزيمة ترامب، فإن الذين سيبقون في مقاعدهم سيكونون أكثر تطرفًا. ولن يتردد ورثة ترامب في القيام بنفس الضربة لجو بايدن بعد الوباء.
شعب مرن
سأفاجئ بلا شك العديد من القراء الذين يتابعوني، باختتام مقال اليوم بنبرة متفائلة رغم كل شيء.
لقد تغلب الأمريكيون دائمًا على الأزمات الكبرى بمرونة. إنهم قادرون على الأسوأ، ولكن على الأفضل أيضًا. كما توضح مقولة تنسب إلى تشرشل، دائمًا ما ينتهي بهم الأمر إلى فعل الشيء الصحيح ... بعد استنفاد جميع البدائل.
ستخرج الولايات المتحدة من هذه الأزمة، لكنها ستحتاج الى بعض الوقت لتتعزز. وهنا أيضا، سيكون الخروج من هذا الوباء المدمر والتعلم منه تحديًا كبيرًا.