بدعة سياسية أم ضربة عبقرية؟

دونالد ترامب وتويتر: أنا أغرّد إذا أنا موجود...!

دونالد ترامب وتويتر: أنا أغرّد إذا أنا موجود...!

-- فهم ترامب كيف يمرّر الرسائل التخريبية الفاضحة والمبتذلة، وخاصة البسيطة والمفهومة من الناخبين
-- ساندرز، هو ترامب اليسار، وهدفه تقليص ثروة المليارديرات الأمريكيين بمقدار النصف
-- ناخبون من اليمين واليسار وجدوا أنفسهم في مغالاته، وفي اتقانه للانحراف السياسي
-- هستر ترامب النقاش العام، ومن البيت الأبيض يرفع باستمرار درجة الحرارة السياسية في البلاد
-- تتمثل استراتيجية إعادة انتخابه في الإفراط في تعبئة داعميه وليس إقناع من لم يصوتوا لصالحه


إنها 13421 تغريدة! هذا هو عدد التدوينات المرسلة على الشبكة الاجتماعية من قبل دونالد ترامب، منذ انتخابه. ويمثل هذا، في ثلاث سنوات من الرئاسة، بمعدّل 300 تغريدة شهريًا، وعشرة في اليوم.

منذ بدء إجراءات العزل ضده في خريف عام 2019، هاجت آلة التغريد، وبلغت ذروتها بمعدّل 35 رسالة يومية! لذلك حتى عندما يمتنع عن التغريد، فإن ترامب، ولهذا السبب، يحتل عناوين الصحف طيلة 24 ساعة ... لقد مر أتباعه البالغ عددهم 47 مليون شخص منذ تنصيبه، الى 68، مما وضعه في قائمة أفضل 10 شخصيات الأكثر متابعة في العالم.

كل رسالة من رسائله تؤدي إلى ألف تعليق في المتوسط. مدمن على رسائل 280 كلمة، حطّم رئيس الولايات المتحدة رقمه القياسي الشخصي في 12 ديسمبر ب 123 تغريدة في 24 ساعة، “يوم المناقشات حول لائحة اتهامه بإساءة استخدام السلطة في واحدة من اللجان التابعة للكونغرس”، يوضّح غيوم ديبري، رئيس قسم الأخبار في تي اف 1.
ويوقّع هذا الاعلامي على عمل باثر رجعي وتحليلي حول مثل هذا “الكلب الرقمي”، ثلاث سنوات من الحكم بالتغريد: أغرد اذن انا موجود، عن دار فيارد.

*كيف بدأت قصة الحب هذه بين ترامب وتويتر؟
- عندما كان مقدمًا لبرنامج تلفزيوني ناجح، لم يكن ترامب يغرّد. ثم بدأ في تنمية أفكار سياسية من خلال معارضة أوباما. وازداد عدد أتباعه من اللحظة التي أصبح فيها يجسّد المعارضة للرئيس المباشر، حيث اكتشف هذه الشبكة باعتبارها ناقلا للتعبئة السياسية، وحينها بدأ في هيكلة رسائله. وفي مساء إعادة انتخاب أوباما عام 2012، أطلق تلك التغريدة المبهمة: “فلنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، وقد تم إعادة نشر هذا الشعار على نطاق واسع، وهي اللحظة التي أدرك فيها أنه لمس شيئًا ما، ومدى قوة هذه الأداة.

*أن تزن وسيلة إعلام الى هذا الحد في شعبية رئيس أمر غير مسبوق؟
- ليس كليا... لقد لعب بعض الرؤساء الأمريكيين الكبار مع وسائل الإعلام في عصرهم. فرانكلين ديلانو روزفلت أدرك أهمية استخدام الراديو. ومن خلال سلسلته الإذاعية “فايرسايد تشات”، تمكّن من تعبئة ناخبيه متجاوزا بارونات مجلس الشيوخ.
وفهم كينيدي قوة وسائل الإعلام التلفزيونية؛ وقد أصبح “الرئيس الكاثودي”. ترامب، من جانبه، فهم مع تويتر كيف يمرّر الرسائل التخريبية الفاضحة والمبتذلة، ولكنها بالخصوص بسيطة للغاية، ومفهومة من جزء كبير من الناخبين.

*وراء تغريدات الرئيس، تستحضر رجلاً في الظل... من هو؟
- ترامب يكتب ويوزع العديد من تغريداته بنفسه، لكن معه شخصية افتراضية في البيت الأبيض... ترامب صغير يزوده بذخيرة كبريتية رقمية. وترامب الصغير هذا، دان سكافينو، هو شاب في الثلاثينات من عمره، كان الغلام السابق لترامب في ملعبه للغولف في ولاية نيويورك.
يملك هذا السياسي حاسة سادسة استثنائية لكل ما يستنفر ناخبي ترامب. وهذا ما يسمح للرئيس بإرسال مئات التغريدات في اليوم، وبالتالي، أخذه لدورة وسائل الإعلام الأمريكية كرهينة. لقد فهم ترامب كيف تشتغل هذه الدورة، وهو يلعب عليها ويتلاعب بها. فمن خلال تويتر، يعيد تجديد برمجيته يوميًا تقريبًا عن طريق إطلاق قنبلة عنقودية سياسية من شأنها أن تشكل نقاش اليوم... وهذا مكر وذكاء، يجب الاعتراف به.

*ترامب وتويتر هما تقريبا العلاقات الخطرة ... لاحظت، وسط الشتائم والأخبار الزائفة، عددًا لا يصدق من الزلات مثل اعترافه بأنه مدين بانتخابه لروسيا ...
- انه يغرد بشكل غريزي واندفاعي، الى حدّ أنه يغرد الشيء ونقيضه. هراء وأخطاء وأكاذيب لا تعد ولا تحصى، ولكن يبدو أن لا شيء يلتصق به وينال منه: لا يزال لديه حوالي 38 إلى 45 بالمائة من الآراء المناصرة من ناخبيه، وهذا مثير للدهشة، وأعتقد أن الأمريكيين قد اختاروا بعد رئيسهم... وهذا ما أدركه.

هناك من يكرهه، وهناك من يعبده. وتتمثل استراتيجيته الانتخابية لإعادة انتخابه في الإفراط في تعبئة من يدعمونه وليس لإقناع الناخبين الذين لم يصوتوا لصالحه.
إنها استراتيجية لم يطبقها أي رئيس قبله، فقد حاول الآخرون إغواء المعتدلين وتوسيع قاعدتهم الانتخابية، في حين يريد هو أن يزيد من حدة النقاشات لتعبئة جمهور الناخبين الذين يعرفهم تمامًا... وهم من البيض، ومن الريف، ومن المحافظين، على عكس الجسم الانتخابي الديمقراطي، غير المتجانس للغاية، والمنقسم، والذي يتوزع من الخضر إلى الأكاديميين، مرورا بالعمال؛ مما يكسبه بعض الهشاشة.

*عندما يروي ترامب أن زوجته تسير به نحو الإفلاس جراء الحقائب اليدوية الفاخرة، هل هذا أيضًا تكتيك انتخابي؟
- لا، لكن قبله لم يسخر أي رئيس من زوجته! أصبح رئيسا للسياسة غير الخشبية، والأفكار غير المناسبة، والذكورية المعلنة، انه يجعل من كل هذا نقطة بيع سياسية لإظهار أنه مختلف عن الآخرين. وهذا من ركائز القوة عنده. لقد نجح، من المكتب البيضاوي، في تجسيد هذا الغضب الأمريكي، ولا أحد فعل هذا من قبله.
*في فرنسا، ما زلنا نميل إلى النظر إليه على أنه رجل مجنون بدلاً من أن يكون استراتيجيًا جيدًا.
- بالطبع هناك شيء من الجنون في ترامب، لكنه ليس مجنونا فقط. ويكمن الخطر تحديدا، في أنه من خلال التفكير في أن ترامب مجنون، لم يعد بإمكاننا فهم فرادته وخصوصيته السياسية، وهي ان يجمع في ذات الوقت، كل من خاب أملهم في التقدمية السياسية، وضحايا الليبرالية الاقتصادية.
ان ناخبين من اليمين واليسار وجدوا أنفسهم في مغالاته، وفي إتقانه للانحراف السياسي، وقدرته على صياغة الأفكار بحيث يفهمها الجميع. إن الحماس الحزبي لدى ناخبيه مدهش حقًا، وأنا لا أرى لماذا لا ينجح اقتراح انتخابي مثل ترامب في فرنسا، ولماذا لا يظهر ترامب فرنسي في السنوات القادمة.

*هل كونه رجل اتصال كبير يجعل منه رئيساً عظيما؟
- التواصل لا يجعل منه رئيسًا عظيمًا، لكن المؤكد أنه سيكون هناك ما قبل ترامب وما بعده. في العمق، هو ليس بالرئيس الذي سيطبع بالضرورة التاريخ، حتى وان أدار الاقتصاد الأمريكي جيدًا، اما ان يطبع التاريخ السياسي، نعم. فلأنه هستر النقاشات، فهم أنه تم انتخابه بثلاثة ملايين صوتًا أقل من منافسته عام 2016، هيلاري كلينتون، ولكي يتمكن من إعادة انتخابه، عليه تعبئة ناخبيه بشكل مفرط.
ولهذا السبب، من البيت الأبيض، يرفع درجة الحرارة السياسية في البلاد باستمرار، ويسعى في كل موضوع جاهدا إلى تعميق الانقسام، والى إنتاج أفكار صادمة تشغل المواطنين. ان المناقشات السياسية في المنازل الأمريكية، لم تكن أكثر حدة وكثافة مما هي عليه اليوم. لقد قام ترامب بتقسيم أمريكا حتى يمكن إعادة انتخابه. وهذا، كمقترح انتخابي، هو حقًا جديد!

*هل تعتقد أنه سيتم إعادة انتخابه؟
- نعم، أعتقد أن لديه فرصة جيدة ليُعاد انتخابه، وأعتقد ايضا أن أصالته وفرادته السياسية تجعل من الصعب على الديمقراطيين تصور اقتراح مضاد يجمع ويوحد بنفس القدر.
من الممكن أن يحدث هذا مع بيرني ساندرز، إنه اشتراكي سابق -أي ما يعادل التروتسكي في فرنسا. ساندرز يقترح ضريبة على الثروة مرتفعة، وإذا ما تم انتخابه وقام بتمرير خطته الضريبية، فإن جيف بيزوس (أغنى رجل في العالم) سيدفع تسعة مليارات ضرائب! ان هدفه هو تقليص ثروة المليارديرات الأمريكيين بمقدار النصف خلال خمسة عشر عامًا. ولم يسبق ان قدم أحد هذا المقترح في الولايات المتحدة... إن ساندرز، هو ترامب اليسار!



Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot