رئيس الدولة يحضر افتتاح قمة قادة دول العالم للعمل المناخي في كوب 29
رؤية نقدية ..مسكنات فنية
ستظل فكرة الفن مرآة المجتمع أو هو من يشكل وجدان الشعوب، نظرية شائكة تحتاج إلى دراسة متأنية ومحايدة، خاصة وأن السينما في فترات طويلة كانت تعكس ما يدور في المجتمع، وأفلام كثيرة ناقشت خجل المجتمع من اصحاب المواهب من الممثلين والمطربين، ومن جهة أخرى نشاهد أعمال دراميه موجهة، الهدف منها بث روح الفداء والولاء كما تابعنا مسلسلي “الاختيار و رأفت الهجان” وفيلم “ الممر”، وهناك توجيه من نوع أخر فيلم “ اللعب مع الكبار” وكأنه رسالة لكل من تسول له نفسه بكشف بؤر الفساد ومحاربتها ستكون نهايته الموت.
لم يختلف الوضع كثيرا مع سلسلة مسلسلات الفنان الكبير عادل إمام، خاصة مسلسل “ عوالم خفية” الذي تناول العديد من قضايا الفساد المهمة التى تمس الشعوب، والتى ركزت في كشف الفساد والقبض على قيادات كبيرة لها وزنها وثقلها في الحياة العامة، وكلما تم القبض على أحد المفسدين في الأرض هلل الجمهور وكأن فريقه أحرز هدف، أو كأن المسؤول تم القبض عليه فعلا وأصبح خلف القضبان، ومع انتهاء المسلسل سينتهي الفساد وينتصر الخير ويعم الرخاء، هذه النوعية من المسلسلات أو الدراما، نعتبرها ناقوس خطر وجرس انذار كاستطلاع رأي يسترشد به أصحاب القرار، لكن لها مردود جماهيري سلبي، تأتي السلبية حين يشعر المجتمع بأن هناك من عبر عنه ووصل صوته لأعلى المستويات.
ولكن في الحقيقة أن الفن أحيانا يكون مسكن للعقول ومهدئ قوي للأعصاب، كما كان يحدث في الصحف بالسابق، كان الكاتب الكبير أحمد رجب المعروف بمقالاته الساخرة وصاحب “ ٢/١ كلمة” في الأخبار ومشاركة الفنان الكبير مصطفى حسين بالكاريكاتير المميز لمسؤولين احيانا ولشخصين ينقدوا القرارات احيانا اخرى، وكانت هذه الكلمة اليومية في منتهى العبقرية ، الكلمة التى تنشر بصحبة رسمة معبرة عن الكلمات، كانت تهدئ القارئ وتنزع فتيل الكره والحقد على قرار صادر أو قانون تم سنه وتمريره، فيشعر القارئ المحلي أن أحمد رجب قال ما يدور في خاطرهم، والقارئ الإقليمي يرى مساحة الديمقراطية وحرية الرأي في تزايد.
وعلى النقيض تماما نجد أعمال تدعوا للخروج على القانون، وأن صاحب القوة والنفوذ هو من يتمكن من الانتصار، خاصة في الأفلام ذات طابع البطل الأوحد، بدون وجود ضمير يمثل دور الخير، وهذا يدل على أن الجميع ينتج الدراما لهدف معين، حتى اننا نلاحظ في الأونة الأخيرة ظهور مواقع تصوير مختلفة عن السابق، وجود قصور وسيارات فارهة وكأن الفن يؤرخ لواقع نعيشه في حين أن هذه الطبقة الاجتماعية مهما كانت كبيرة فهي قليلة نسبة للعدد الكلي، وبمصطلح السينما يعتبر باقي الشعب عبارة عن مجموعات صامتة ليس لهم دور وفي نفس الوقت وجودهم مهم.
في السابق كان الفن يقدم رسائل توعوية، يبدأ بحكمة وينتهي بآية، وكان له دور في تغيير المجتمع، فيلم “ كلمة شرف” لفريد شوقي واحمد مظهر ساهم في سن قانون خروج المسجونين في الحالات الإنسانية الملحة،
وفيلم “ رصيف نمرة خمسة” فتح طاقة نور لتقنين عمل الحمالين وعمال اليومية، وهذا يدل على أن الفن كان له دور فعال في المجتمع كثير من الأعمال الجادة ساهمت في تغيير المجتمع وأثرت في الوجدان، وكثير أيضا من الأعمال التى استهدفت عقول الناس وتدميرها وفرض نمط حياة على الكون لتغيير الهوية،
وعلى ما يبدو أن الفن دائما سيظل نقطة الهام وموضع اتهام.