دعوة الفخفاخ إلى تعديل الأوتار:

صراع على السلطة بين قصري باردو وقرطاج...؟

صراع على السلطة بين قصري باردو وقرطاج...؟

-- الغنوشي: سعيّد أخطأ في اختيار الفخفاخ والحكومة لن تمرّ إذا أقصي قلب تونس
-- الصحبي بن فرج: هذه التصورات الممكنة لحكومة الفخفاخ
-- مرزوق الفخفاخ في ورطة، وقد أغلق الخناق على نفسه
-- تحييد وزارات السيادة وخروج وزارتي الدفاع والخارجية عن التفاوض
-- إلياس الفخفاخ يطلب من الأحزاب تقديم مرشحيها للمناصب الوزارية


لم يشهد مناخ المشاورات الحكومية انفراجا، بل ان مجموعة من التصريحات في الساعات الأخيرة، تؤكد أن الوضع يتجه الى مزيد التعقيد، وان عملية لي الذراع الجارية تزداد قسوة، وان رئيس الحكومة المكلف الياس الفخفاخ على بعد خطوة من طريق مسدودة اذا استمر في اعتماد خيار اتباع نهج الرئيس، وضرب عرض الحائط بملاحظات بعض الأحزاب وفي مقدمتهم حركة النهضة الرافضة لهذا التوجه، والتي ترى فيه، حسب مراقبين، مسعى لمحاصرتها ونزع انيابها ومخالبها بما يجعل منها رقما عاديا في معادلة تستعيد فيها الرئاسة السلطة كاملة على حساب البرلمان، وبالتالي على حسابها.

ومع موقف النهضة الرافض هذا، يمكن الجزم اليوم أن صورة الحكومة التي رسمها كل من الرئيس قيس سعيد والياس الفخفاخ، باتت مستحيلة التجسيم امام الجفوة المعلنة بين رجلي باردو وقرطاج، أي بين رئاسة الدولة ورئاسة البرلمان.

أخطاء الرئيس
فقد اعتبر رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، في حوار إذاعي أمس الأربعاء، أنّ الرئيس قيس سعيد لم يختر الشخصية الأفضل لتشكيل الحكومة، في إشارة إلى إلياس الفخفاخ، مقارنة على الاقل بالأسماء التي اختارتها حركته.

 كما اعتبر ان عدم مشاركة تونس في منتدى دافوس الاقتصادي وكذلك غيابها عن مؤتمر برلين واوروماد وغيرها كان خطأ.واستغرب راشد الغنوشي مما يروّجه البعض من أنّ قلب تونس أسقط حكومة الحبيب الجملي بطلب منه وتم الاتفاق في المقابل على ترشيح فاضل عبد الكافي وفرض وجود قلب تونس في الحكومة، معتبرا أنّ “هذه الاستنتاجات لا أساس لها من الصحّة والدليل أن كتلة النهضة قامت بالتصويت بالإجماع على الحبيب الجملي فكيف لا تريد له المرور؟” حسب قوله.

تشريك كل الاحزاب
وأكّد رئيس حركة النهضة، تمسّك الحركة بتشريك كل الأحزاب في المشاورات الحكومية لضمان قاعدة واسعة وبالتالي الحصول على حزام سياسي تستند إليه الحكومة.وبيّن أنّ الحكومة القادمة ستواجه ملفات حارقة واستحقاقات دستورية هامة تستوجب صوت 145 نائبا لتمرّ في مجلس نواب الشعب وهو ما لن يتحقق في حال تمّ إقصاء حزب قلب تونس، وفق تقديره.

وقال راشد الغنوشي “إن أقصى رئيس الحكومة المكلف الياس الفخفاخ قلب تونس فلن تمرّ حكومته ولن تنال ثقة البرلمان».وأشار الغنوشي إلى أنّ النهضة ليس متمسكة بتشريك حزب نبيل القروي بقدر تمسكها بتشريك الجميع رفضا لمبدأ الإقصاء، مشدّدا على أنّه لا يمكن لرئيس الحكومة المكلف أن يفرض على حزب ما أن يكون في المعارضة وأن يختار له موقعه أو أن يصنّفه وفق رغبته، حسب تعبيره.

وأوضح أنّ ليس للنهضة أي فيتو ضدّ الياس الفخفاخ خاصة أنه كان في الفريق الحكومي للترويكا.وتابع “من يقود تشكيل الحكومة الآن هو الياس الفخفاخ وهذا ما ينص عليه الدستور ولا يوجد دليل على أن الفخفاخ يأتمر بأوامر قيس سعيد لا يمكن أن تتشكل الحياة السياسية بإقصاء الحزب الثاني وهو ما أدركه الباجي قايد السبسي الذي تأكد انه لا يمكن النجاح إلا بتشريك النهضة.

صراع بين القصرين
ورغم تأكيد الغنوشي ان علاقته بالرئيس قيس سعيد جيدة عكس ما يروج له، فان تصريحاته أمس التي تقر بوجود تباين في الرؤى والخيارات، جاءت لتؤكد الجفوة القائمة بين قصر باردو وقصر قرطاج، وتأتي لتمنح جرعة مصداقية لما صرح به محسن مرزوق رئيس حركة مشروع تونس، الثلاثاء، من ان “هناك ثلاث معارك ... معركة بين راشد الغنوشي وقيس سعيد حول السلطة في البلاد، وإستقطابات أخرى كثيرة غير مبدئية، وثالثة تتعلق بالفخفاخ وما إذا كان سيتمسك بتشكيلة حكومة حسب المقاييس التي أكّدها، أو سيتراجع عن ذلك».
وأضاف مرزوق ‘’الفخفاخ في ورطة، وقد أغلق الخناق على نفسه’’. وانتقد مرزوق تصريحاته بأقصاء قلب تونس من المشاورات، مشددا على أنه خطأ وكان عليه أن يعلن أرضية عمل ينضم إليها من يوافق عليها دون إقصاء أحد، كما استنكر تقسيم الأحزاب في المشاورات إلى ‘’ثورية وغير ثورية’’، مؤكدا أن الثورية الوحيدة هي ثورية الإصلاحات.
وشدد محسن مرزوق على ضرورة أن يعدّل إلياس الفخفاخ من توجّهاته، قائلا ‘’لم يتم اختياره باعتباره نابغة سياسية، اختير على أساس أنه رجل قادر على حلحلة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية».ووجّه مرزوق رسالة للفخفاخ بضرورة اتخاذ قرار شجاع والتركيز على مشاكل التونسيين، وعدم تكرار أخطاء الحبيب الجملي».

السيناريوهات الممكنة
وامام موقف النهضة المتشدد والحازم الى حد اللحظة، يرى الصحبي بن فرج، عضو مجلس النواب السابق، في تدوينة نشرها على صفحته بالفايسبوك، أن العارفين بشخصية الياس الفخفاخ يدركون أنه لن يتراجع عن موقفه، والعارفون بخفايا النهضة يدركون أنها جادة هي أيضا في موقفها حول اشتراط مشاركة قلب تونس حتى لو لزم الأمر التصويت ضد الحكومة وإسقاطها.
وقال بن فرج أن محيط الفخفاخ يراهن على القناعة الساذجة بأن الكتل والنواب سيصوتون في النهاية للحكومة مهما كانت وذلك خوفا على أماكنهم.
وأكد الصحبي بن فرج أن إلياس الفخفاخ سيجد نفسه أمام حلين إما المرور بقوة مع إمكانية قوية لإعادة مشهد سقوط الحبيب الجملي أو في أقصى الحالات الحصول على الثقة بأغلبية هشة قابلة للاضمحلال مع أول أزمة جدية خاصة بتواجد معارضة قوية وشارع يغلي واقتصاد منهار، أي إما الاستجابة لشروط النهضة وحلفائها ليصبح رئيس حكومة النهضة وإما الانسحاب بشرف وإعادة التكليف.

وأضاف بن فرج، أن رئيس الجمهورية بإمكانه أولا حل البرلمان بداية من يوم 10 مارس والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها تُنظٌم بين أواخر أبريل وأواسط يونيو، مشيرا الى أن هيئة الانتخابات بدأت عمليا في الاستعداد لهذه الفرضية، مضيفا أن الرئيس بإمكانه أيضا تكليف الفخفاخ من جديد ولكن مع توجيهه بمزيد التشاور مع الأحزاب، كما يمكنه اعتبار حكومة يوسف الشاهد أمرا واقعا وجب تثبيتها للضرورة القصوى وتدعيمها ببعض الوزراء إلى حين فض الأزمة بين الأحزاب.
من جهة أخرى، أكد بن فرج أن راشد الغنوشي سيواصل الضغط على الفخفاخ مع الحرص على المحافظة على انضباط كتلته وحزبه وتحصين حلفه مع نبيل القروي وتأمينه من الاختراق، وفي نفس الوقت تستعد النهضة فعليا للانتخابات بتجهيز الخطاب والمبررات واستغلال الخطاب المعادي لها مع استثمار المظلومية لتحفيز القواعد وتحدي الخصوم وتجهيز القائمات الانتخابية والتحضير اللوجستي ومحاولة تغيير القانون الانتخابي.

وفي المقابل فان العائلة الديمقراطية ستواصل الركض حسب قوله وراء الفعل السياسي لحركة النهضة، فريق يعارض وفريق يهادن وفريق يناور وفريق يحسب، وإذا تشكلت الحكومة ستنقسم الأحزاب إلى شيعٍ وقبائل، تتبادل السب والشتم والتخوين والاتهامات وستكتشف حين تأتي الانتخابات بكونها غير مستعدة، وسيستفيق جمهورها مرة أخرى على سقطة جديدة متجددة، وسينخرط في الاستهزاء بالمجلس القادم والبكاء على ضياع الوطن.
وأمام تصاعد ضغط الأحزاب في المشاورات يبقى السؤال: هل سيجبر الفخفاخ على تعديل منهجية اوتاره؟
ومن كل ما تقدم، وغيره من العوامل، يتضح انه لم يبق من اوراق النجاح لدى الفخفاخ الا ورقة التراجع عن اقصاء قلب تونس مع ما سيتطلبه هذا المخرج من ثمن سياسي باهض.

المطلوب وزراء
في الاثناء يواصل المكلف بتشكيل الحكومة سيره وكان شيئا من كل هذا لم يكن، وقد تلقت الاحزاب المشاركة في المشاورات، مراسلة من الياس الفخفاخ طالبها فيها بتقديم مرشحيها للتركيبة الحكومية القادمة مع التنصيص على الوزارة المعنية لكل مرشح وأسباب اختياره.
وتنص المراسلة على تحييد وزارات السيادة مع إشارة الى ان الفخفاخ سيختار شخصيتين سياسيتين لتوليهما والتنصيص على خروج وزارتي الدفاع والخارجية عن المفاوضات. ودعا الفخفاخ في مراسلته الى ترشيح قيادات حزبية وشخصيات مستقلة ووضع جملة من المعايير قال انها يجب ان تتوفر في الشخصيات المرشحة لتولي حقائب وزارية.
يذكر ان الاحزاب التي تلقت مراسلات لتقديم ترشحات هي النهضة والتيار وحركة الشعب وتحيا تونس وائتلاف الكرامة والاتحاد الشعبي الجمهوري والبديل وآفــاق تونس ونداء تونس.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot