نحن بحاجة إلى تعليم أسرار ومفاتيح كتابة الأغنية الراقية
طـــوني أبي كـــرم: الســوق بحــاجة إلــى جيــل جــديد من الشعــراء
قرّر الشاعِرُ الغنائي طوني أبي كرم خوضَ تجربةٍ جديدةٍ من خلال تدريس كتابة الشعر الغنائي مع التراجع الكبير الذي تعيشه الأغنية بعد سيطرة الأعمال، التي وصفها بالهابطة، نتيجة غياب أو رحيل أبرز شعرائها.
أبي كرم الذي تَعامَلَ مع أهم النجوم الأغنية يتحدث عن هذا القرار وعن مشاريعه الجديدة في هذا الحوار:
- نعم، لديّ تلاميذ أدرّسهم في أحد أهمّ المعاهد في لبنان.
• هل اتجهتَ إلى التدريس لأنه لا يوجد طلب على شراء الأغنيات؟
- بل الطلب على الأغنيات موجود دائماً، ولكن السوق بحاجة إلى جيل جديد من الشعراء. والجيل الذي رافَقَني منذ 25 عاماً وحتى اليوم لم يعد كله موجوداً إما بسبب الموت أو بسبب الابتعاد عن الساحة، ما أدى إلى وجود نقص في عدد الشعراء وإلى غزو للأغنيات الهابطة. ونحن اليوم بحاجة إلى تعليم أسرار ومفاتيح كتابة الأغنية الراقية التي قدّمناها ونجحْنا فيها كي يكمل الجيل اللاحق المسيرة التي كنا قد بدأنا فيها وورثناها عن الذين سبقونا. وقد لامني كثيرون على هذه الخطوة واعتبروا أنه يجب أن أحتفظ بالسر لنفسي، ولكنني مُصرّ عليها للمحافظة على الأغنية الراقية التي لا تؤذي سمع الناس.
• ولكن كتابة الشعر تحتاج إلى موهبة؟
- هذا صحيح، وأخضعتُ الراغبين إلى نوعٍ من الامتحان واخترتُ بينهم مَن يملكون الموهبة وبدأتُ بتدريسهم ولمستُ تفاوتاً في التقدم بين شخص وآخَر. أعلّم أصول كتابة شعر الأغنيات، ومن بين المنتسبين شاعرة اكتشفت أن هناك اختلافاً كبيراً بين عالم الشعر وعالم الأغنية.
• وما الاختلاف بينهما؟
- القصيدة يمكن أن تتجاوز صفحات عدة، أما الأغنية فلا تتجاوز الـ 50 أو 60 كلمة، وتتناول موضوعاً معيّناً على الشاعر الغنائي أن يعرف كيف يعالجه. كتابة الرسالة القصيرة أصعب بكثير من الرسالة الطويلة.
• هل هذا يعني أن كتابة القصيدة أسهل من كتابة الأغنية؟
- طبعاً، لأن الشاعر الذي يَنْظم القصائد يكتب ما يشاء وساعة يشاء.
• وهل هذا يعني أنك أهمّ من المتنبي مثلاً؟
- لا أقول ذلك. هما مجالان مختلفان تماماً. وكما أن هناك شعراء عظماء لا يجيدون كتابة أغنية، هناك أيضاً شعراء أغنية لا يجيدون كتابة قصيدة.
• ولكن القصيدة صعبة ومهمة جداً ولا يمكن لأي فنان أن يغنّيها؟
- أتحدّث عن الشاعر الذي يكتب القصائد. القصيدة هي شعر وليست أغنية ولا يوجد فنان اليوم يمكن أن يغني قصيدة مدّتها ساعتان. حتى الأغنية التي تتجاوز مدتها 3 دقائق يجدها الناس اليوم طويلة.
• ولكن ألا يُعتبر الفنان الذي يغنّي قصائد الشاعر نزار قباني مثلاً أهمّ من غيره؟
- مَن يغنون قصائد نزار قباني يكتفون بمقطعين أو ثلاثة مقاطع منها فقط.
• يقال إن (الأطلال) هي أهمّ ما غنتْه أم كلثوم وهي قصيدة؟
- عندما طُرحت (الأطلال) كان الجنرال شارل ديغول يتواجد في بيروت، واليوم نحن في عصر مختلف تماماً.
• ولكن (الأطلال) مستمرة؟
- نحن نتجه نحو العالم الأصغر والأسرع والأخفّ والأقصر والأكثر. فهل يجب أن نتطور أم أن نبقى في زمن أم كلثوم.
• وهل القصيدة ترمز إلى التخلّف؟
- لا أتحدّث عن التخلف، بل أقول إنها أعمال قديمة. عندما كانت أم كلثوم تغني (الأطلال) كان الناس يمضون سهرتهم وهم يشربون الشاي ويستمعون إلى الأسطوانة، فهل هناك فنان يمكن ان يفعل ذلك في يومنا الحالي؟
• ولكنك أشرتَ إلى أهمية وضرورة التمسك بالأصالة في بداية الحوار؟
- تحدثتُ عن الأغنية وكيفية صياغتها وكتابتها وتقديمها، وهي أصعب من أي شيء آخر.
• مَن هو أهمّ مَن يكتب الأغنية في لبنان؟
- لا أريد أن أدخل في لعبة الأسماء. كل شاعر له أسلوبه وطريقته.
• كيف تفسر أسباب استسهال بعض الفنانين في اختيار أعمالهم؟
- يجب أن نعرف خلفية وبيئة وثقافة كل فنان. مثلاً، أنا صاحب كلمات أغنيات راغب علامة (اشتقتلك أنا) و(تركْني لحالي) و(ردّلي كلماتي) ومستوى كلامها معروف وواضح. وراغب علامة يتميز بمستوى عالٍ ويجيد اختيار أغنياته، بينما الفنان صاحب الثقافة المتواضعة يختار أغنيات ركيكة وتشبهه.
• تقصد أن راغب حافَظَ على المستوى؟
- هو لم يحافظ عليه بل رفَعَه أيضاً.
• ما رأيك بأغنياته المصرية؟
- راغب يقدّم كل الألوان ويحترم الجمهور ولا يغنّي كلاماً ركيكاً ويختار موسيقى جميلة يرقص عليها الناس. وعندما غنى باللهجة اللبنانية رفعْنا المستوى سواء بالأغنيات الكلاسيكية أو الرومانسية. الفنان يجب أن يُرْضي مختلف الأذواق كي يَكسب شعبية عريضة، وراغب لم يقدّم يوماً أغنية هابطة.
• ما الأعمال التي تستعدّ لها للفترة المقبلة؟
- دويتو غنائي للفنان راغب علامة ولا يمكنني الكشف عن تفاصيله. وهناك تحضيرات مع نقولا الأسطا وعاصي الحلاني وبعض الأصوات الجديدة.
