قرر بوتين “سحب قواته جزئيًا” من الحدود مع أوكرانيا. وبث التلفزيون الرسمي الروسي صورا لدبابات يتم تحميلها في عربات عائدة إلى حامياتها. وتبتعد روسيا عن خطاب الحرب المتشائم في الأسابيع الأخيرة لمتابعة أهدافها من خلال المفاوضات بدلاً من الحرب.
   طالبه المشرعون في البرلمان الروسي بالاعتراف بالمناطق الناطقة بالروسية في شرق أوكرانيا كدول مستقلة. وقد تكون هذه مناورة لمساعدة بوتين في مفاوضاته مع الغرب. وردّ إنه لن يعترف على الفور باستقلالهم.
  يقول بوتين إنه مستعد للتفاوض بشأن “ضمانات أمنية” في أوروبا الشرقية ووضع الصواريخ القصيرة ومتوسطة المدى في أوروبا، وهي فكرة طرحها جو بايدن في محادثات معه. وقال وزير الخارجية الروسي لافروف، إنه في المحادثات المتعددة الجارية، “كان رد فعل الغرب إيجابيا على المبادرات التي رفضها منذ فترة طويلة”، مضيفا “سيكون من الممكن التوصل إلى نتيجة إجمالية لائقة للغاية».

أداة بوتين لزعزعة استقرار الغرب
   إننا نشهد في الأزمة الحالية عرضا لـ “عقيدة جيراسيموف”. في فبراير 2013، نشر الجنرال فاليري جيراسيموف، رئيس الأركان الحالي للقوات المسلحة الروسية، مقالًا من 2000 كلمة يوضح نظرية جديدة للحرب الحديثة تحمل اسمه الآن... إنه يضع السياسة والحرب في نفس السلسلة.
   يكتب: “قواعد الحرب نفسها تغيرت... ازداد دور الوسائل غير العسكرية في تحقيق الأهداف السياسية والاستراتيجية، وتجاوزت في كثير من الحالات قوة السلاح في فعاليتها».
   بالنسبة إلى جيراسيموف، فإن التكتيكات غير العسكرية (العمليات النفسية والسياسية والتخريبية) ليست ثانوية لاستخدام القوة، ولكنها الوسيلة المفضلة للفوز. والفوضى هي الاستراتيجية التي يجب على روسيا اتباعها، والهدف هو خلق بيئة من الاضطرابات والصراع الدائمين داخل الدول المعادية. وبفضل الإنترنت والشبكات الاجتماعية، أصبح هذا النوع من العمليات ممكنًا الآن. الولايات المتحدة هي الهدف الروسي الرئيسي. وإن وجود عالم أحادي القطب تهيمن عليه الولايات المتحدة أمر غير مقبول بالنسبة لروسيا.

جيراسيموف، بوتين، شي و ...
صن تزو، نفس المعركة
   هذا المفهوم، الذي يتجاوز الحدود بين السلام والحرب، يلهم نهج فلاديمير بوتين في السياسة الخارجية. الهدف الاستراتيجي لبوتين هو تدمير البنية الكاملة للنظام العالمي الحالي، ويشــــاطره الرأي صديقه الصيني شي جين بينغ.
   استراتيجية الأعمال العدائية الشاملة على طريقة جيراسيموف بها عيوب، ويمكن عرقلة تنفيذها عندما يتم الكشف علنا عن كيفية عمل تطبيقاتها التكتيكية وما تهدف إلى تحقيقه. إنها استراتيجية قديمة قدم العالم. وقد أوضح الجنرال الصيني سون تزو، في كتابه فن الحرب قبل 2500 عام، أنه يجب هزم العدو دون قتال بالزّور والتجسس ووسائل خادعة أخرى من أجل ضمان النصر بأقل تكلفة.