قرع الأواني يبشر بميلاد مجتمع جديد:

كولومبيا: الشعب سئم الثنائي دوكي -أوريبي...!

كولومبيا: الشعب سئم الثنائي دوكي -أوريبي...!

-- يشعر الجيل الجديد بظلم، ويطالبون النخبة السياسية بمعالجته بشكل أكثر صرامة
-- الطبقة الوسطى هشّة، مما يعرضها لخطر السقوط في الفقر
-- يرى كثيرون ان دوكي مجرد دمية لا يمثل حتى مصالح حزبه
-- يعيش المجتمع الكولومبي تحولا اجتماعيا كبيرا من خلال حراك شعبي غير مسبوق
-- في نظر المتظاهرين، يمثل أوريبي سياسة اليمين المتطرف، العنصري، المناهض لليسار

 
حتى داخل الأحياء الشعبية في مرتفعات ميدلين، في تلك المنازل المبنية من الطوب الأحمر والمحصورة بين جانبي الجبال حيث تقع عاصمة منطقة أنتيوكيا، يمكنك سماعه... انه قرع الأواني من قبل متظاهري اللجنة الوطنية للإضراب، على طول شارع المدينة، أحيانا في إيقاع متناغم، وغالبا دون انسجام. هذا الحفل الكبير من الإيقاع والغناء، ينافس كومبيا والسالسا التي تطلقهما المتاجر وسط المدينة على بعد أمتار.

   منذ 21 نوفمبر، في أعقاب ثورات الإكوادور وشيلي، قرر جزء من الشعب الكولومبي ان يُسمع صوته. لقد كان ينتظر اللحظة المناسبة ليحتجّ على السلطة القائمة، سلطة إيفان دوكي، وحزمته من الإصلاحات الضريبية.     ولئن كان القمع أقل دموية منه في البلدان الأخرى، فقد زاد موت شاب في سقف الغضب، وأصبح اسم ديلان، 18 عاماً، الذي قُتل على يد الشرطة، محفورا اليوم على جدران الجامعة الوطنية في ميدلين.   الموظفون والطلاب والنقابات مجتمعين في اللجنة الوطنية للإضراب، ينتقدون دوكي لإجراءاته الاقتصادية الليبرالية المتطرفة، ويدينون الفساد وعنف الشرطة.شعب يريد في الحقيقة إقالة ألفارو أوريبي، الرئيس بين 2002 و2010، والذي يستمر، من منصبه كسيناتور، في ممارسة تأثير هائل على سياسة الحكومة الكولومبية.

«الطبقة الوسطى هشّة»
   ويخشى بيركي هيريرا تابوادا، الأمين العام لنقابة العمال، على الفئات الأكثر هشاشة: “ستؤثر حزمة الإصلاحات الضريبية على الاوضاع المتدنية اصلا للعمال، ويريد دوكي ادخال عقود العمل بالساعة على حساب التعيينات غير المحددة المدة أو عقود العمل المباشرة، والتي في بلدنا قليلة للغاية. «
   وتؤكد منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في أمريكا اللاتينية: “الطبقة الوسطى هشّة لأنها تتولى وظائف رديئة النوعية، وغير رسمية بشكل عام، الى جانب حماية اجتماعية غير كافية، ودخل منخفض، وفي كثير من الأحيان غير مستقر، مما يعرض هذه الطبقة لخطر السقوط في الفقر”، يوضح أنجيل جوريا، مدير المنظمة، الذي يحذر من أن حوالي 40 بالمائة من سكان المنطقة ينتمون إلى هذه الفئة.

   إلى جانب حزمة الإصلاحات الضريبية، فان النقد يُوجّه خصوصا لنظام شمولي: “تعكس هذه الاحتجاجات الشعور بالفساد، وعدم الرضا عن مناورات الطبقة السياسية، يحلل غوستافو دنكان، الباحث في السياسات العامة، ويشعر الكثيرون في الجيل الجديد بالظلم، ويعتقدون أنه يجب ان يعالج بشكل أكثر صرامة من قبل النخبة السياسية «.
   في هذه المسيرات، يتردد صدى اسم آخر في جبال الأنديز الكولومبية، من بوغوتا إلى ميدلين. فبالنسبة لمختلف المجموعات المنضوية تحت لواء لجنة الإضراب الوطنية، فإن ايفان دوكي لا يسيطر على اللعبة السياسية، وانما ألفارو أوريبي، معلمه، الرئيس اليميني السابق –ان لم يكن اليميني المتطرف، حسب المتظاهرين-هو من يواصل تحريك خيوط سياسة البلد. وقد أصبح سناتورا وزعيم حزب الوسط الديمقراطي، “بالتأكيد أن أوريبي هو مرشد السياسة الكولومبية”، كما يقول هيريرا تابوا.

   في شوارع بوغوتا، تستهدف اللافتات والأغاني المفوّض السابق: “لم يكن دوكي معروفًا قبل انتخابات 2018، يقول النقابي، إنه سياسي شاب يفتقر لكاريزما، وروّج له أوريبي على حساب وجوه مشهورة من اليمين واليمين المتطرف للحزب”. نفس الشعور من جانب الطلاب، الذين يرون ان” دوكي هو دمية لا يمثل حتى مصالح حزبه”، حسب خوسيه لويس مارين، المتحدث باسم الحركة الطلابية.

   ورغم انه من منتقدي الحكومة، يُنسّب العالم السياسي غوستافو دنكان، هذه الملاحظة: “إيفان دوكــــــي لا يحركـــــه ألفـارو أوريبي، من الواضح أن دوكي أصبح رئيسا بفضله، وهذه حقيقة، ومع ذلك، فإن الحكومة الحالية في اتجاه أكثر اعتدالا من الوسط الديمقراطي لأوريبي».

أوريبي يريد الحصانة الرئاسية
   وإذا كان المقيم السابق في قصر نارينيو، يحاول السيطرة على السلطة من مقعده كسناتور، فذلك لأنه بعد قضاء ولايتين بين 2002 و2010، لا يمكنه أن يتولى الرئاسة مجددا لان المجلس الدستوري لا يسمح له بذلك. وللسناتور أسباب وجيهة للعودة إلى القصر: الحصول على الحصانة الرئاسية.
   أوريبي غارق في إجراءات قانونية في محكمة العدل العليا بتهمة رشوة شهود – تقع المحكمة قبالة قصر نارينيو، على الجانب الآخر من ساحة سيمون بوليفار، في بوغوتا. ويقال إن محامي الرئيس السابق قد اشترى جماعات شبه عسكرية سابقة ليشهدوا زورا ضد السناتور إيفان سيبيدا، الذي يتهمه أوريبي بإخضاع قوات شبه عسكرية سابقة لنفسه من أجل كسر سياسة السلطة. وأخيرًا، أغلقت المحكمة قضية سيبيدا لتفتح تحقيقا ضد الزعيم السابق للبلاد ... وهي قضية تتهم فيها مختلف الأطراف بعضها البعض، في رمزية على الاستقطاب الثنائي في كولومبيا.

   و”الضمانة الوحيدة لأوريبي بعدم مقاضاته، هي الحفاظ على حصته من السلطة، ولذلك فهو يحتفظ بنفوذ كبير في سياسة دوكي”، يدين بيريكي هيريرا تابوا.
   في نظر المتظاهرين، يمثل أوريبي سياسة أمريكا اللاتينية القديمة المتمثلة في اليمين المتطرف، العنصري، والمناهض لليسار، ورمز المواجهة مع مقاتلي فارك. “لقد اعتبرنا أوريبي دائمًا سياسيًا له أيديولوجية فاشية، يقول النقابي، إنه ظالم، ولا يؤمن بالحريات الديمقراطية، ويستخدم السياسة لفائدة الدوائر العليا للبورجوازية».
   وبالنسبة لغوستافو دنكان، وهو أيضًا باحث في النزاعات الداخلية في مؤسسة الأمن والديمقراطية، “يرتبط أوريبي ارتباطًا وثيقًا بالهجوم من أجل هزم مقاتلي فارك، وخاصة استخدام القوات شبه العسكرية».

   ولإخضاع المقاتلين اليساريين، اعتمد أوريبي بشدة على هذه القوة الموازية الإضافية “التي اعتادت أن تنشر الرعب وتحجب الشكوك حول مسؤولية القوات المسلحة في انتهاك حقوق الإنسان أثناء النزاع”، تدين منظمة العفو الدولية. وهي جماعات مسلحة مدرجة في قائمة المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتحمّلها الأمم المتحدة مسؤولية 80 بالمائة من الجرائم والمذابح التي ارتكبت أثناء النزاع، مقارنة بـ 12 بالمائة لـ “فارك”، و8 بالمائة للجيش.
   وهنا واحد من المحاور الأخرى للنقد الموجّه للثنائي دوكي-أوريبي: تزايد عدد عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، لقمع التمرد، في ظل ولايته. والسعي لنسف اتفاقيات السلام التي ابرمها عام 2016 خوان مانويل سانتوس (الرئيس من 2010 إلى 2018)، القادم من المعارضة. وكان من أول قراراته، معارضة قانون للقضاء الخاص لصالح السلام الموقّع خلال ولاية سانتوس، ومكّن هذا الأخير من الحصول على جائزة نوبل للسلام في العام نفسه.

اتفاقات السلام في خطر
   يرفض المحتجون المساس بهذه الاتفاقات التي تنص على إعادة دمج حزب فارك، ولا سيما في شكل حزب سياسي. ويرى فيليكس مورا أورتيز، المحامي في مجال حقوق الإنسان، في هذه الاحتجاجات، تغييرا بين الأجيال يحدث بشكل رئيسي بفضل نهاية النزاع المسلح: “المجتمع الكولومبي في عملية اجتماعية، وفي تحول كبير، والدليل هو هذا الحراك الشعبي غير المسبوق».
  ويرى هذا الاختصاصي في القانون، أن هذه الاتفاقات الثمينة “فرصة يتيحها لنا التاريخ، نحن الكولومبيين، لكي نبدأ مرحلة انتقالية جديدة، وهي لحظة حاسمة لبناء السلام، وإعادة دمج المقاتلين السابقين من القوات المسلحة الثورية الكولومبية، والتخلي النهائي عن الأسلحة، ولكن أيضًا، انتقال الكيانات التي تدير الجزء الإداري بالكامل للدولة”. حرب عصابات تعهد ألفارو أوريبي بسحقها، إلى درجة أنه في ظل ولايته، ارتفع جدا عدد عمليات القتل خارج نطاق القضاء، التي تسمى ايجابيات زائفة.
   الثلاثاء 17 ديسمبر، بعد جولة جديدة من المفاوضات، أعربت النقابات عن أسفها لعدم إحراز تقدم...
 وبعد شهر من بدء الحراك، لا يبدو أن استياء اللجنة الوطنية للإضراب التي تمثل المتظاهرين سيتوقف.
   لقد تحدّث إيفان دوكي احتفاء بلقب أمريكا كالي في كرة القدم، لكنه فيما يتعلق بالإصلاح، ظل صامتًا... والأكثر من ذلك: الصمت الطويل لشخصية ألفارو أوريبي الحاضرة يحوم فوق كولومبيا.

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot