ألمانيا هي في مركز التحدي

لماذا ستكون أوروبا الخاسر الجيوسياسي الأكبر من أزمة كورونا؟

لماذا ستكون أوروبا الخاسر الجيوسياسي الأكبر من أزمة كورونا؟


بعد أربعة أشهر من تفشي جائحة كورونا، توقع مدير برنامج أوروبا في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، جان تيشو أن يكون الاتحاد الأوروبي الخاسر الجيوسياسي الأكبر على الأرجح بسبب كورونا، ليس بسبب الأداء الضعيف للاتحاد الأوروبي في استخدام أدوات بروكسل لمحاربة الفيروس وتداعياته الاقتصادية، رغم أهميتها. ويكمن السبب الرئيسي، حسب الكاتب، في إمكانية انقسام أوروبا، ما سيمنعها من الحفاظ على مرونتها، وتحديد نتائج سياستها الخارجية. متفرجة ..  كتب تيشو في موقع “أوبزرفر الاتحاد الأوروبي”، أن أوروبا كانت قوة مستنزفة حتى قبل أن يصبح كورونا قوة عظمى عالمية موقتة. كانت أوروبا جزءاً ثرياً من الكوكب وسوقاً مندمجة ضخمة مع سياسات محلية مستقرة نسبياً، وقاعدة صناعية بارزة، وحوكمة محلية مقبولة. وتمتعت أيضاً بمستويات عالية من السلام والثقة الاجتماعيين وفق المعايير الدولية. لكن في العقدين الماضيين على الأقل، لم تترجم هذه العظمة إلى فطنة في السياسة الخارجية. وفي مسائل الحوكمة والديبلوماسية الدولية كانت أوروبا متفرجة أو مساعدة، ولم تكن محركة.

قوة مشتقة ..  تابع تيشو أن أوروبا تبقى عاجزة عن ضمان أمنها أو النظام الأكبر من القواعد التي يرتكز إليها رفاهها الاقتصادي. كانت بعبارة أخرى قوة مشتقة إلى حد كبير، من واشنطن. وباءت بالفشل جميع جهود تحويل الاتحاد الأوروبي إلى قوة كبرى في السياسة الخارجية يمكن مقارنتها مع قوتها في التجارة الدولية، لسبب بسيط حسب الباحث، هو غياب الطموح والجدية الحقيقيين لدى الدول الأعضاء في الاتحاد. بعد 2008، اضطرت أوروبا إلى توسيع قدراتها المالية والنقدية لتخطي مختلف الأزمات المصرفية، والائتمانية، والإنتاجية بسبب الأزمة المالية. وبعدها، أدت استدارة الولايات المتحدة نحو آسيا وبروز الشعبوية إلى إضعاف أهم عنصر استقرار في أوروبا، وهو العلاقة مع واشنطن. واليوم، ستضطر أوروبا إلى إنفاق آخر مدخراتها للخروج من الأزمة بأقل حد ممكن من الخسائر.
تحذيرات متتالية ..  وسط هذه المعركة، يمكن التضحية بأساسيات السياسة الخارجية. وتساءل تيشو عما ستفعله الحكومات الأوروبية إذا اضطرت للحصول على الأموال، لو كان بإمكان استثمارات معتدلة من قبل قوى خارجية مهتمة أن تقلب المد. ويذكر الكاتب أنه تحدث طيلة سنوات عن اختيار الحكومات الأوروبية التشاور مع بكين وموسكو أولاً في السياسة الخارجية عوض واشنطن، إذا تراجعت القيادة الأمريكية العالمية. وسبق لمفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون التنافسية مارغريت فستاغر أن حذرت من شراء الصين مئات الشركات الأوروبية المفلسة. ودعت الاستخبارات البريطانية، أم آي 5 و أم آي 6 الحكومة البريطانية لتكون أكثر تشدداً مع الاستثمارات والاستحواذات الصينية على صناعات أساسية. وحذر محللان عسكريان ألمانيان من تقليص عدد الجنود في جيوش أوروبية ضعيفة أصلاً لما فيه من مخاطرة أمنية كبيرة على امتداد القارة.

خطة مارشال؟ .. يؤكد تيشو أن قوتي الصين وروسيا ليستا بلا حدود. لكن في الشأن الجيوسياسي، لا يرتبط الأمر بالموارد فقط، بل أيضاً بالأولوية التي يمكن استخدامها في أزمنة الشح. لموسكو وبكين أولوية تتمثل في تعزيز نفوذهما الجيوسياسي على الحكومات حول الكوكب. ولأوروبا أهمية بارزة على لائحتيهما لأنها تشكل درة تاج السلام الأمريكي، ولأنها سوق مهمة. وفي الأثناء، لم تضع أوروبا في صدارة اهتماماتها النفوذ الجيوسياسي، على الأقل منذ جيل كامل.
طالب العديد من السياسيين والمراقبين بخطة مارشال لبناء القارة المثقلة بالديون والصناعات الضعيفة، وارتفاع نسبة البطالة بشكل درامي، إضافة إلى غياب استقرار البنوك. لكن على هؤلاء أن يتذكروا وجود ثلاث مكونات في خطة مارشال عند تنفيذها في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وفقاً للكاتب، وهي دعم مالي أمريكي لتمكين الاستثمار، وتركيز قوي على التعاون بين الدول الأوروبية المتعادية آنذاك، والعنصر الجيوسياسي المركز على تعزيز القارة المدمرة في وجه أي اعتداء خارجي.

شروط التمويل ..  يرى تيشو أن هنالك حاجة لإرسال أموال لإعادة أوروبا إلى اللعبة الجيوسياسية في جوارها المباشر. لكن ليس لأن محيط أوروبا في خطر، بل لأن المركز نفسه أصبح ليناً أيضاً، ما يعجل بالانهيار الخطير. لهذا على أي خطة مارشال أن تضم العنصر الجيوسياسي ضمن أركانها. سيترتب على ذلك تحويل الأموال لتحصين مناعة الحكومات والشركات المرتبطة بها ضد إغراءات الاستثمارات الصينية والروسية، ولتعويم الدول التي لا تتحمل أوروبا انزلاقها إلى فضاء نفوذ الآخرين، ولتعزيز الأمن الأوروبي المحوري.


ولكن ما يُصعّب تحويل الأموال هذه المرة هو أنه على عكس 1947، أن التمويل لن يأتي من قوة فاعلة للخير عبر المحيط الأطلسي. لذلك، على الأوروبيين أن يمولوا هذه المرة خطة مارشال خاصة بهم، إذا لم يريدوا أن تمولهم دولة أقل وداً من الولايات المتحدة.

ما تحتاج إليه ألمانيا
بما أن ألمانيا في مركز التحدي، ستحتاج إلى التفكير في أوروبا ليس فقط من حيث الكلفة الثانوية بل على مستوى مصيرها الجيوسياسي. وطالب تيشو النخب بإدراك أن حريتها في من الداخل والخارج، إذا أرادت تفادي الخسارة الجيوسياسية بسبب كورونا. وعلى ألمانيا فهم أن تمويل أوروبا للخروج من أزمتها الحالية سيأتي عبر برلين، القوة الوحيدة التي تملك مالاً كافياً لمثل هذه الخطة.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot