لِمَ الإيمان عند الخطر فقط؟

لِمَ الإيمان عند الخطر فقط؟

ألَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (لقمان:31)
إن في القرآن مدرسة روحية وثقافية، تُطلق خطابها الدينى ليتحدث عن عنان السماء وما فيها من شمس وكواكب ونجوم، كما تحدث عن الأرض وما فيها من جبال ووديان وأنهار ومخلوقات متنوعة، وفى الآية الكريمة الحديث عن البحر، لينتقل السامع من البر إلى البحر، وفى البحر أمواج تجرى فوقها الفلك بمساعدة الرياح، لتنقل المسافرين من بلد إلى بلد، فكان السفر عن طريق البحر مغامرة كبرى يخشاها من يجيد السباحة ومن لا يجيد، فمن يركب البحر يتنازل عن الكبر والفخر ويرتعد قلبه من الخوف، فإذا ما قيل له أن لله رحمة تدركه فإن أذنه تسمع جيدا، وقد لا يعترض كما كان يعترض وهو متواجد فوق الأرض، وتلك رؤية واضحة تدعو الإنسان إلى إعادة التفكير، ليتحول من رفضه للإيمان بالله إلى ضرورة الإيمان به سبحانه وتعالى، وهو أمر من شأنه تيسير دعوة الرسول لقومه المعاندين، حيث كان يواجه عنادهم بصبر جميل تجلى به عليه مولاه الصبار الشكور، فمن صبر على قومه فهو الرسول الكريم، فبالصبر نال الرسول ما كان يرجوه ويتمناه، حيث منّ الله عليه من فضله ورضاه، فما أن يتحقق الصبر حتى ينفتح من خلاله باب الشكر لله، فما حققه الصبر دعّمه الشكر، فمن شكر الله حالفه النصر من الله، وما النصر إلا من عند الله، حقا إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور. وتمضى السفينة بركابها تجوب البحر فى وقت ارتفعت فيه أمواج البحر حتى كادت أن تحجب أشعة الشمس “وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ”(لقمان: 32)، وما أقسى أن يكون الإنسان فى سفينة تسير تحت ظلال موجة مرتفعة عاتية يحس ركابها بخطر شديد يهددهم بالغرق والموت، في بحر عميق يحوي الحيتان التى تبتلع الغرقى، لذلك يتعرض من يلقى في البحر للموت مرتين، مرة بالغرق ومرة أخرى حينما يبتلعه حوت ضخم، وقبل الغرق يساور النفس الإنسانية لحظات فارقة، وفي اللحظة الحاسمة يؤكد الإنسان اختياره لعبادة الله ودعاءه طمعا في النجاة، وحينما يزول الخطر يُغيّر الإنسان نفسه باختياره، ليختار ما كان عليه من عبادة للأصنام، لكونه تخطى البحر وانتقل إلى البر، ففي البحر أخلاق وفى البر أخلاق أخرى تدعو الإنسان للكفر بالله، كمن يبيت مؤمنا ويصبح كافرا، كما تبين الآية الكريمة أن ليس كل من نجا من الغرق وانتقل من البحر إلى البر وكان كافرا يعود إلى كفره، فمن هؤلاء من كان مقتصدا له قصد طيب نحو الإيمان، فمن لم يكن له بعد نجاته قصد ولا نية في الإيمان بالله ألزم نفسه بالكفر، حيث حجب إيمانه الفطري بخالقه العظيم، فعليه أن يتحمل تبعات كفره باسوداد قلبه وحيرة نفسه، فلا تهدأ النفس ولا تطمئن، أما النفس المؤمنة فهي نفس مطمئنة، وقد خاطبها الله في آيات قرآنه فى سورة الفجر بخطاب قلبي يقول “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ(27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً(28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي(29) وَادْخُلِي جَنَّتِي(30)».


www.zeinelsammak.com

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot