في الوقت الذي لا تزال الكثير من دول العالم تخضع لسيطرة حالة الحظر المفروضة عليها نتيجةً لتفشّي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، نظّم مجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار جلسة تباحثية عالمية لتبادل الأفكار والرؤى بعنوان “ الوجه الجديد للتقنيات الصناعية المتقدمة خلال جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، بمشاركة حسين محمد المحمودي، الرئيس التنفيذي للمجمّع، وفهمي الشوا، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة مختبرات إيمنسا للتكنولوجيا، وصوفي سميث، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة نبتة للخدمات الصحيّة، وبحضور عدد كبير من المختصين والباحثين بمختلف القطاعات ومن شتى أنحاء العالم،  إذ تناولت الندوة الحديث حول تعزيز الوضع التنافسي للقطاعات والصناعات المتقدمة، حيث عُقدت الجلسة عن بعد عبر تقنية الفيديو “الويبينار».
وفي معرض تعليقه خلال الندوة، أشار المحمودي إلى أنه حتى قبل ظهور الجائحة وتفشّيها، كانت حلبة المنافسة مشتعلة دائمًا في قطاع الصناعات المتقدمة الذي يعد مقومًا أساسيًا لرفاهية كل دولة وأمنها الاقتصادي، مؤكدًا على أنه في ظلّ الظروف الراهنة، وبسبب التحديات التي تفرضها هذه الجائحة العالمية، يجب اتباع نهج رائد للابتكار في المنطقة، بحيث تجتمع فيه عوامل المعرفة والبحث والتطوير التجاري للإسهام في استدامة التقنيات الحديثة بطرق مبتكرة.
وأضاف المحمودي أيضًا أنّ مجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار يحرص على استضافة الشركات العاملة في قطاع التقنيات الرئيسية، التي يمكن تطويرها وتحسينها لمواجهة الطلب العالمي، بالإضافة إلى دوره في رعاية أفكار روّاد الأعمال والطلاب ورؤاهم من خلال ما يمتلكه من إمكانات وقدرات قوية حرصًا منه على أن تعمّ الفائدة على الجميع، وأن يُسهم في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
مسرّعات التقنيات والخدمات
وبحسب ما جاء على لسان المحمودي، يسعى مجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، نتيجة للدور الذي يؤديه كأحد مسرّعات التقنيات والخدمات، وراء استكشاف الحلول الرئيسية في مجالات الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والتعليم، والرعاية الصحيّة، وموارد الغذاء والمياه.
كما ألمح المحمودي إلى أن عمليات تمويل المشروعات قد وصلت إلى معدّلات قياسية غير مسبوقة خلال عام 2019، من حيث عدد الصفقات التي أبرمها قطاع الشركات والمؤسسات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ حيث ارتفعت معدّلات التمويل المعلن عنها من 138 مليون دولار في عام 2015 إلى 294 مليون دولار في عام 2016، ثمّ إلى 435 مليون دولار في 2017، وواصلت ارتفاعها في عام 2018 لتصل إلى 557 مليون دولار، وأخيرًا إلى 643 مليون دولار في عام 2019.

الثورة الصناعية الرابعة
وصف المحمودي الثورة الصناعية الرابعة بأنها باتت تغيّر قواعد اللعبة، مضيفًا أن العديد من الشركات قد أصبحت تضع تركيزًا أكبر الآن على تحقيق نوع من الموازنة السريعة بين تحقيق أهداف الاستدامة، وجني المكاسب والأرباح، وحماية الأفراد وكوكبنا الأمّ.
وعلى حد قوله، باستطاعة مجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار مساعدة الشركات على تحقيق أهدافها الرئيسية من خلال شقّين، هما إقامة منظومة مبتكرة، ودعم المشروعات ذات معدلات النمو المرتفعة، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية.
تُخصص العديد من القطاعات الكثير من أرباحها على نحو ممتد ومستدام لصالح التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وبحسب ما أورده أحد تقارير ذكاء الأعمال في الشرق الأوسط، تشتمل مقوّمات هذه المنظومة على التقنيات البيئية (130 مليار دولار)، والطاقة المتجددة (220 مليار دولار)، والتحوّل الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (200 مليار دولار)، بالإضافة إلى النقل، والخدمات اللوجستية، والمدن الذكية (80 مليار دولار)، وكذلك الإنتاج والتصميم والعمارة (300 مليار دولار)، وأخيرًا تقنيات المياه (120 مليار دولار).
تحقيق الاستدامة وجنيّ الأرباح في خضم جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)
تناولت الندوة التباحثية عن بعد أيضًا الحديث عن تكوين أواصر وعلاقات تعاون مع مختلف القطاعات بغرض “تعزيز نمو الشركات والمؤسسات التجارية كثيفة المعرفة، التي يمكنها تخصيص الكثير من من أرباحها على نحو ممتد ومستدام لدفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية. كما أشارت الندوة إلى تدافع نمو قطاع الأتمتة على مختلف الأصعدة العالمية بسبب التقارب المتزايد للتقنيات الحديثة، وعلى رأسها تقنيات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء.
وفي معرض تعليقها خلال الندوة التباحثية، أشارت صوفي سميث، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نبتة للخدمات الصحيّة، إلى أن التعاون الذي يتسم بالشفافية، وعمليات التخصيص النشطة للملكيات الفكرية، وتقنيات الذكاء المعزز قد تشاركت في إقامة شبكة لامركزية متكافئة للبحوث السريرية، تضم أفضل الممارسات المتبعة في هذا المضمار.
لقد ساهم هذا الابتكار المحلي في الحدّ من الأخطاء، والارتقاء بمستويات الرعاية الصحية الأوّلية. وتعمل العديد من المختبرات في الوقت الحالي على اختبار طريقة جديدة تساعد على استقرار الدمّ، والبلازما، والحمض النووي الريبي، والحمض النووي الريبي منزوع الأوكسجين عند درجات حرارة عالية بغرض استكمال مساعيها ومجهوداتها الحثيثة لدراسة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
ومن جانبه، يرى فهمي الشوا، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة مختبرات إيمنسا للتكنولوجيا، فرصة سانحة تخرج من رحم هذه الأزمة الصحيّة العالمية. وفي الوقت الذي تأخرت فيه عمليات تنفيذ المشروعات وتسليمها في جميع المجالات، كانت مختبرات إيمنسا للتكنولوجيا تبادر سريعًا إلى إعادة تجميع أفكارها وابتكار أخرى جديدة بغرض التجهّز والاستعداد لاقتناص هذه الفرصة.
وفي الوقت الراهن، تبوأت الشركة مكانتها في السوق بين مصاف أوائل الشركات التي نجحت في ابتكار أقنعة وجه واقية جديدة وإنتاجها؛ حيث يتجاوز حجم إنتاجها الحالي 25,000 قناع أسبوعيًا بعد أن ارتفعت معدلات إنتاجها سريعًا مع عدم الإخلال بمعايير الجودة التي تحرص على اتباعها.

مواجهة التحدّيات
 الحالية والمستقبلية
يتأهب مجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار للتحوّل إلى قبلة عالمية للحلول الاستراتيجية في أوقات الأزمات.
لقد أدّت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) التي ضربت العالم إلى تغيير الطريقة التي كانت تنتهجها الشركات في عملها. ولحسن الحظّ، يقف مجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار على أهبة الاستعداد كعادته دائمًا لمدّ يد العون والمساعدة إلى الشركات والمؤسسات من خلال تزويدها بالحلول المبتكرة التي تخرج من تحت مظلّته.

الخبرات التجارية
اختتم المحمودي حديثه معربًا عن سعي مجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار إلى استضافة الشركات العاملة في قطاع التقنيات الرئيسية، التي يمكن تطويرها وتحسينها لمواجهة الطلب العالمي، وكذلك المساعدة في مواجهة التحدّيات الحالية والمستقبلية، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والتعليم، والرعاية الصحيّة، وموارد الغذاء والمياه.