محمد بن راشد: نسعى لتوفير أفضل نوعيات الحياة للمواطن والمقيم والزائر
ينتمي إلى فئة الدراما والخيال والغموض
مسلسل "1899" حلم الوصول إلى مدينة نيويورك
يستفيد صناع مسلسل "دارك" الألماني (2017)، من النجاح الكبير الذي حققه العمل على مدار ثلاثة مواسم، إذ يعود كل من يانتجي فريس وباران أودار لتقديم نموذج درامي خيالي جديد، وذلك من خلال مسلسل "1899" الذي صدر قبل فترة قصيرة على منصة نتفليكس.
ينتمي العمل إلى فئة الدراما والخيال والغموض. قالب شكلي يأتي بنموذج مشابه للسلسلة السابقة في "دارك"، لجهة السيناريو والحبكة، وطريقة توزيع الأحداث وبنائها، والشخصيات الدخيلة على القصة الشائكة.
بداية، يقترح العمل، المكون من ثماني حلقات، مسألة فكرية وفلسفية تناقش أسرار العقل والكون، ضمن سردية خيالية تختار سفينة مهاجرين متجهة إلى أميركا مسرحًا لأحداثها. تضم هذه السفينة مجموعة متنوعة الجنسيات والأعراق والطبقات الاجتماعية. يجمع في ما بينهم حلم الوصول إلى مدينة نيويورك.
يتلقى قبطان السفينة أيك لارسون (اندرياس بيتشمان) رسالة من إدارة السفينة تفيد بوجوب الانحراف عن مسار الرحلة لمعاينة سفينة بروموثيوس الضائعة منذ أكثر من أربعة أشهر. بعد العثور على السفينة، تتخذ الأحداث مجرى تصاعدياً، ويُكشف عن ملامح الحكاية بانضباط وتشويق، بالاعتماد على فتح خيوط رئيسية محركها الأساسي مورا فرانكلين (إيميلي بيتشام) التي تؤدي دور طبيبة دماغ فاقدة الذاكرة.
نشاهد مع بداية كل حلقة، ذكرى خاصة لكل شخصية رئيسية بالاعتماد على مشاهد الفلاش باك. وظيفة هذه المشاهد توسيع حلقة الحكاية، وتوضيح علاقة الشخصيات مع السفينة وسبب لجوئهم إلى أميركا. فكل شخصية لها ماضٍ قاسٍ دفعها إلى ركوب السفينة والهرب نحو "الأراضي الجديدة"، كما كانت تسمى سابقًا. إلّا أنّنا سنكتشف لاحقاً أنّ هذه الذكريات ما هي إلّا أوامر عصبية محفوظة في عقل الشخصيات، تحركها برمجية خاصة تعرف بمشروع "بروميثيوس". مشروع يعمل على خلق محاكاة مبرمجة يبنى من خلالها واقع مركب. وهذا الواقع في ذاته سيكون حلقة الوصل بين الشخصيات التائهة في هذه المحاكاة التي صنعتها مورا وزوجها دانيال (أندرين بارنارد) كما سنكتشف لاحقاً.
تحيلنا هذه المحاكاة إلى مسلسل "ويست وورلد" (West World) الشهيرة التي أصدرتها "إتش بي أو" عام 2016. يلتقي العملان في نوع المحاكاة والتوليفة الخيالية التي تفترض وجود مجموعة من الناس داخل بيئة خاصة، تحركها سيناريوهات معدة سلفًا من صنع البشر أنفسهم، تبحث في نتائج فكرية وفلسفية وعلمية. والغايات المتداخلة بين العملين ترنو إلى دراسة العقل البشري وذاكرته، ضمن منظومة الواقع واللاواقع. إلا أن الفارق بين العملين يظهر جليًا؛ إذ إنّ الشخصيات في "ويست وورلد" هم عبارة عن روبوتات متطورة مصنعة بشكل مذهل لتكون شبيهة بالبشر. الغرض منها خدمة البشر الحقيقيين أصحاب المال والنفوذ. ومن ثم تنقلب الأدوار بين الروبوتات والبشر، لتقود الروبوتات ثورة على صناعها بعد امتلاكها للوعي والإدراك العقلي، ضمن وصفة ناضجة دراميًا وقصصياً.
بينما يفتقر "1899" لهذه الوصفة الناضجة، ويقع في فخ التوسيع المبالغ للحكاية، ومنظور الشخصيات غير المترابط في دفع القصة نحو الأمام، لم يساهم في تعميق الأحداث، وبناء عوالم أكثر مرونة وانسيابية تجمع في ما بينهم. كما أنّ هناك بعض التفاصيل التي شكلت عبئاً على الحكاية والحفاظ على متانتها. مثلاً، يقضي العمل بأن جميع الشخصيات لا تمتلك ذاكرة حقيقية، وإنما محض ذكريات مبرمجة. فما الذي يجعل دانيال، زوج مورا، الشخصية الوحيدة التي تتذكر كلّ شيء داخل هذه المحاكاة؟ علمًا أن وجوده كمحرك للأحداث وكشف القصص المخفية عن زوجته، هو أمر متناقض مع سياق الأحداث، والتي تكشف في الحلقات الأخيرة أن الأحداث تجري في المستقبل، في عام 2099. وأن جميع الشخصيات الرئيسية تم حفظها داخل حجرات خاصة محفوظة في مركبة فضائية. فكل ما كان يجري هو عبارة عن قراءات حسية بصرية تنفذها بعض المستشعرات المتطورة داخل الحجرات. لذا، فإن الجميع يخضع لتوليفة واحدة.
إضافة إلى ذلك، فإنّ هذه المحاكاة إنما صنعت من أجل حماية إيليوت ابن مورا ودانيال. والعمل لا يجيبنا عن سبب حماية الأم لابنها. وهذه نقطة أخرى مبهمة لا تفسير لها، تساهم في زيادة ركاكة العمل وقصته، التي تفرط في استغلال عامل الغموض كنوع من التشويق والإثارة، إلّا في حال كان هناك تفسير في مواسم لاحقة.
هناك بعض النقاط الإيجابية في المسلسل، ولا سيما تقنيات التصوير والإضاءة والألوان والموسيقى. بهذا، قدم مخرج العمل وصفة بصرية وسمعية لافتة لا تقل جمالية عن عمله السابق في "دارك". ويتضح أيضاً من خلال الحلقة الجانبية الخاصة بعملية الإنتاج التي بثتها "نتفليكس" حجم المبالغ المخصصة لهذا العمل، والتقنيات الإخراجية المستخدمة في صنع المشاهد والمناظر.
ينتمي العمل إلى فئة الدراما والخيال والغموض. قالب شكلي يأتي بنموذج مشابه للسلسلة السابقة في "دارك"، لجهة السيناريو والحبكة، وطريقة توزيع الأحداث وبنائها، والشخصيات الدخيلة على القصة الشائكة.
بداية، يقترح العمل، المكون من ثماني حلقات، مسألة فكرية وفلسفية تناقش أسرار العقل والكون، ضمن سردية خيالية تختار سفينة مهاجرين متجهة إلى أميركا مسرحًا لأحداثها. تضم هذه السفينة مجموعة متنوعة الجنسيات والأعراق والطبقات الاجتماعية. يجمع في ما بينهم حلم الوصول إلى مدينة نيويورك.
يتلقى قبطان السفينة أيك لارسون (اندرياس بيتشمان) رسالة من إدارة السفينة تفيد بوجوب الانحراف عن مسار الرحلة لمعاينة سفينة بروموثيوس الضائعة منذ أكثر من أربعة أشهر. بعد العثور على السفينة، تتخذ الأحداث مجرى تصاعدياً، ويُكشف عن ملامح الحكاية بانضباط وتشويق، بالاعتماد على فتح خيوط رئيسية محركها الأساسي مورا فرانكلين (إيميلي بيتشام) التي تؤدي دور طبيبة دماغ فاقدة الذاكرة.
نشاهد مع بداية كل حلقة، ذكرى خاصة لكل شخصية رئيسية بالاعتماد على مشاهد الفلاش باك. وظيفة هذه المشاهد توسيع حلقة الحكاية، وتوضيح علاقة الشخصيات مع السفينة وسبب لجوئهم إلى أميركا. فكل شخصية لها ماضٍ قاسٍ دفعها إلى ركوب السفينة والهرب نحو "الأراضي الجديدة"، كما كانت تسمى سابقًا. إلّا أنّنا سنكتشف لاحقاً أنّ هذه الذكريات ما هي إلّا أوامر عصبية محفوظة في عقل الشخصيات، تحركها برمجية خاصة تعرف بمشروع "بروميثيوس". مشروع يعمل على خلق محاكاة مبرمجة يبنى من خلالها واقع مركب. وهذا الواقع في ذاته سيكون حلقة الوصل بين الشخصيات التائهة في هذه المحاكاة التي صنعتها مورا وزوجها دانيال (أندرين بارنارد) كما سنكتشف لاحقاً.
تحيلنا هذه المحاكاة إلى مسلسل "ويست وورلد" (West World) الشهيرة التي أصدرتها "إتش بي أو" عام 2016. يلتقي العملان في نوع المحاكاة والتوليفة الخيالية التي تفترض وجود مجموعة من الناس داخل بيئة خاصة، تحركها سيناريوهات معدة سلفًا من صنع البشر أنفسهم، تبحث في نتائج فكرية وفلسفية وعلمية. والغايات المتداخلة بين العملين ترنو إلى دراسة العقل البشري وذاكرته، ضمن منظومة الواقع واللاواقع. إلا أن الفارق بين العملين يظهر جليًا؛ إذ إنّ الشخصيات في "ويست وورلد" هم عبارة عن روبوتات متطورة مصنعة بشكل مذهل لتكون شبيهة بالبشر. الغرض منها خدمة البشر الحقيقيين أصحاب المال والنفوذ. ومن ثم تنقلب الأدوار بين الروبوتات والبشر، لتقود الروبوتات ثورة على صناعها بعد امتلاكها للوعي والإدراك العقلي، ضمن وصفة ناضجة دراميًا وقصصياً.
بينما يفتقر "1899" لهذه الوصفة الناضجة، ويقع في فخ التوسيع المبالغ للحكاية، ومنظور الشخصيات غير المترابط في دفع القصة نحو الأمام، لم يساهم في تعميق الأحداث، وبناء عوالم أكثر مرونة وانسيابية تجمع في ما بينهم. كما أنّ هناك بعض التفاصيل التي شكلت عبئاً على الحكاية والحفاظ على متانتها. مثلاً، يقضي العمل بأن جميع الشخصيات لا تمتلك ذاكرة حقيقية، وإنما محض ذكريات مبرمجة. فما الذي يجعل دانيال، زوج مورا، الشخصية الوحيدة التي تتذكر كلّ شيء داخل هذه المحاكاة؟ علمًا أن وجوده كمحرك للأحداث وكشف القصص المخفية عن زوجته، هو أمر متناقض مع سياق الأحداث، والتي تكشف في الحلقات الأخيرة أن الأحداث تجري في المستقبل، في عام 2099. وأن جميع الشخصيات الرئيسية تم حفظها داخل حجرات خاصة محفوظة في مركبة فضائية. فكل ما كان يجري هو عبارة عن قراءات حسية بصرية تنفذها بعض المستشعرات المتطورة داخل الحجرات. لذا، فإن الجميع يخضع لتوليفة واحدة.
إضافة إلى ذلك، فإنّ هذه المحاكاة إنما صنعت من أجل حماية إيليوت ابن مورا ودانيال. والعمل لا يجيبنا عن سبب حماية الأم لابنها. وهذه نقطة أخرى مبهمة لا تفسير لها، تساهم في زيادة ركاكة العمل وقصته، التي تفرط في استغلال عامل الغموض كنوع من التشويق والإثارة، إلّا في حال كان هناك تفسير في مواسم لاحقة.
هناك بعض النقاط الإيجابية في المسلسل، ولا سيما تقنيات التصوير والإضاءة والألوان والموسيقى. بهذا، قدم مخرج العمل وصفة بصرية وسمعية لافتة لا تقل جمالية عن عمله السابق في "دارك". ويتضح أيضاً من خلال الحلقة الجانبية الخاصة بعملية الإنتاج التي بثتها "نتفليكس" حجم المبالغ المخصصة لهذا العمل، والتقنيات الإخراجية المستخدمة في صنع المشاهد والمناظر.