مع تمسكهم بتحقيق أهداف الحرب.. كيف ينظر «صقور» الكرملين إلى خطة ترامب؟

مع تمسكهم بتحقيق أهداف الحرب.. كيف ينظر «صقور» الكرملين إلى خطة ترامب؟


رأى خبراء في العلاقات الدولية والشأن الروسي، أن “صقور” الكرملين ينظرون إلى المسودة الأمريكية ذات الـ28 بندًا لحل الأزمة الأوكرانية، بعين ترقب لمدى تحقيقها الأهداف التي شنت موسكو الحرب من أجلها.
ورجّحوا في تصريحات لـ”إرم نيوز”، “رضا موسكو إلى حد كبير عن معظم البنود، رغم أنها لم تُعلن رسميًا بعد، إذ لا تزال التسريبات الإعلامية هي المصدر الأساس لها، في وقت لا يزال الموقف الأوروبي غامضًا، إلى جانب ما يخرج من كييف بشأن عدم موافقة الجانب الأوكراني على هذه البنود، وربما اتجاهه إلى تقديم شكوى إلى الداعم الأكبر له، أي دول القارة العجوز».وأوضح الخبراء، أن “نقطة الخلاف الرئيسة تتمحور الآن حول كيفية تمكن الولايات المتحدة من الوصول إلى توافق بين الطرفين الروسي والأوروبي، حيث تبدي واشنطن تعاونًا كبيرًا مع موسكو في مختلف الصيغ والعناوين العريضة، لكن هناك تفاصيل دقيقة تفرضها أوروبا وتعرقل التوصل إلى اتفاق».

«صقور الكرملين»
ويقول المحاضر في العلوم السياسية والباحث في مركز البحوث العلمية والتطبيقية والاستشارية في موسكو الدكتور ميرزاد حاجم، إن “الخطة ــ بحسب المتابعين ــ تعتمد بدرجة كبيرة على مستقبل العلاقات الأمريكية–الروسية، وعلى مسار إحلال السلام في أوكرانيا، إضافة إلى ضمانات أمنية لموسكو، وأخرى مماثلة لكييف، فضلًا عن قضية الأمن الأوروبي التي تُعد أهم نقطة، خاصة بعد مرحلة التصعيد الأخيرة».
وذكر حاجم في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن “صقور الكرملين يعلنون بوضوح أنه إذا تحققت الأهداف التي شنت من أجلها العملية العسكرية، فإن موسكو سترحب بالخطة، لكنها ستشدد في الوقت ذاته على عدم استخدام أي اتفاق جديد بالطريقة ذاتها التي استُخدمت بها الضمانات الأولى، مثل اتفاقات مينسك التي كانت ألمانيا وبعض الدول الأوروبية طرفًا فيها ولم تمنع اندلاع الحرب، وهو ما عزز الشكوك الروسية».
وبيّن أن “روسيا باتت تعتمد على نتائج استراتيجيتها أولًا وأخيرًا، وأن العقدة الأساسية تكمن في قبول الشروط التي بدأت من أجلها العملية العسكرية، ومنها نزع السلاح الأوكراني، والاعتراف بنتائج الضم، وتقديم ضمانات أمنية واضحة”، مشيرًا إلى أن “موسكو تنظر إلى هذه الضمانات بعين عدم الثقة، لأن مينسك 1 ومينسك 2 تركتا أثرًا سلبيًا لدى الروس، بعدما تبيّن أنهما كانتا مجرد فخ لإعادة ترتيب الوضع في أوكرانيا تمهيدًا للهجوم على روسيا».
واعتبر حاجم، أن “الضمانات الأمريكية حتى الآن غير واضحة إلى حد كبير، ولا يوجد ما يؤكد أو يوثق هذه التعهدات، في وقت تتمسك فيه روسيا بمصالحها الوطنية والأهداف التي شُنت العملية العسكرية من أجلها، وحال عدم تحقيقها فلن يكون هناك أي سلام، سواء عبر خطة أمريكية أو أوروبية أو حتى دولية”، مشيرًا إلى أن “السلام الاستراتيجي طويل الأمد لن يتحقق إلا بتحقيق الأهداف الروسية التي قامت من أجلها العملية العسكرية، ومشدّدًا على أنه ما لم يتحقق ذلك فلا ينبغي انتظار أي سلام».

روسيا راضية
بدوره، يؤكد الباحث في الشأن الروسي صدقي زاهر عثمان أنه “بالنظر إلى تسريبات وسائل الإعلام الأمريكية لخطة ترامب للسلام الخاصة بالشأن الأوكراني، فإن النقاط الـ28 الواردة فيها هي نفسها التي جرى تداولها خلال الاجتماعات الأمريكية–الروسية المباشرة التي عُقدت خلال العام الحالي، وأن عودة ترامب إلى السلطة دفعت الجانبين إلى امتلاك تطلعات كبيرة للوصول إلى اتفاقية سلام مع أوكرانيا وإعادة العلاقات السياسية والاقتصادية مع روسيا».
وأفاد عثمان في تصريحات لـ”إرم نيوز”، بأنه “خلال زيارتين أجراهما المبعوث ستيف ويتكوف في أبريل-نيسان الماضي، تكللت الجهود بتحقيق أول هدنة من نوعها منذ بدء العملية العسكرية قبل 3 سنوات ونصف، وهي هدنة عيد القيامة، ثم جاء اقتراح لاحق من الرئيس بوتين بهدنة جديدة تزامنًا مع عيد النصر الروسي في مايو-أيار، لتواجه موسكو عراقيل رئيسة لخطة السلام تتمثل في الأطراف الأوروبية التي تطرح مطالب فضفاضة بشأن ضرورة ضمانات أمنية للقارة الأوروبية من ناحية، وللجانب الأوكراني من ناحية أخرى».
وأوضح أن “التسريبات التي عرضتها وسائل الإعلام الأمريكية كشفت عن وجود بنود تتعلق باعتراف أمريكي رسمي بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، وهو بند ليس جديدًا، إضافة إلى انسحاب أوكراني من إقليم دونباس بما يشمل مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك».
وأشار إلى أن “البنود التي طالما تحدثت عنها روسيا، والتي تمت إضافتها الآن إلى خطة ترامب، تشمل الاعتراف باللغة الروسية لغةً رسمية ثانية في أوكرانيا، وإعادة الاعتبار للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، إضافة إلى ضمانات أمنية تتعلق بتقليص تسليح وعتاد الجيش الأوكراني وتقليص عدد القوات المسلحة الأوكرانية إلى النصف مقارنة بما هي عليه اليوم، وهي كلها مطالب تعتبرها موسكو ضرورية لإنهاء العملية العسكرية».
وأشار عثمان، إلى أن “خطة السلام الحالية تحظى حتى الآن بقدر كبير من التوافق بين الولايات المتحدة وروسيا».
ورجّح أن تكون “موسكو راضية إلى حد كبير عن معظم البنود، رغم أنها لم تُعلن رسميًا بعد، إذ لا تزال التسريبات الإعلامية هي المصدر الأساس لها، في وقت لا يزال الموقف الأوروبي غامضًا، بعد تسريبات من كييف تشير إلى أن الجانب الأوكراني غير موافق على هذه البنود، وربما يتجه إلى تقديم شكوى إلى الداعم الأكبر له، أي الأوروبيين، لتعود بذلك الكرة مجددًا إلى ملعب القارة العجوز».
واستكمل عثمان، أن “نقطة الخلاف الرئيسة الآن تتمحور حول كيفية تمكن الولايات المتحدة من الوصول إلى توافق بين الطرفين الروسي والأوروبي، حيث تبدي واشنطن تعاونًا كبيرًا مع موسكو في مختلف الصيغ والعناوين العريضة، لكن هناك تفاصيل دقيقة تفرضها أوروبا وتعرقل التوصل إلى اتفاق».
وخلص إلى أن “المرحلة الحالية ستُظهر إلى أي مدى سيكون الأوروبيون قادرين على تعطيل بعض البنود أو فرض بنود إضافية قد تزعج موسكو أو تعيدها إلى المربع الأول، بما لا يعالج الأسباب الأساسية التي بدأت العملية العسكرية بسببها».