مرحلة جديدة في العلاقات بين الطرفين:

من أوروبا إلى الهند، أمميّة اليمين المتطرف تتشكّل...!

من أوروبا إلى الهند، أمميّة اليمين المتطرف تتشكّل...!

-- تسلّط زيارة البرلمانيين الأوروبيين لكشمير الضوء على تضامن اليمين المتطرف الدولي
-- يمكن لمودي وخطابه القومي أن يعدّ بين مؤيديه الزعيم اليميني المتطرف الهولندي خيرت فيلدرز
-- أعجب بانون منذ وقت طويل بمودي، الذي وصفـه ذات مـرة بأنـه «ترامب قبل ترامب»
-- سعى القوميون الهندوس إلى توسيع الامتداد الإقليمي لبلدهم لاستعادة بعض ما كان ذات يوم الهند تحت الحكم البريطاني
-- في الهند وأوروبا، يتعلم كل يمين متطرف من الآخر، وتتطور قدراتهما على الحكم وفقا لبرنامج أيديولوجي مشترك


أكتوبر 2019، سافر ثلاثة وعشرون عضوًا من البرلمـــــان الأوروبــــي إلى كشــــــمير، بعد شــهرين فقــــط من إلغـــــاء الحكومــــة الهنديــــة وضـــع الحكم الذاتي الخاص في المنطقة.
   وبمجرد الكشف عنها، أثارت هذه الرحلة جدلاً لأن الغالبية العظمى من هؤلاء النواب الأوروبيين ينتمون إلى أحزاب يمينية متطرفة -من بينهم فرنسيين، من التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقا)، وألمان، من حزب البديل من أجل المانيا.
   غير ان لونهم السياسي لم يكن العامل الوحيد الذي جذب الانتباه: تم السماح للنواب الأوروبيين بدخول كشمير، رغم أن صحفيي الصحافة الأجنبية والقادة السياسيين لا يمكنهم الدخول إلى المنطقة، وأن الحكومة الهندية قد حجبت الإنترنت هناك منذ أغسطس.

روابط قديمة
   هذه الزيارة، هي أحدث دليل على الروابط القوية بين اليمين المتطرف الهنـــــدي والأوروبــــي، حيث تدور النقاط المشتركة حول كراهية السكان المسلمين، والمهاجرين، وتتجسد في مشاريع وطنية قومية.
في الوقت الحاضر، مع بروز اليمين الشعبوي المتطرف في الهند وفي العديد من الديمقراطيات الأوروبية، أصبح برنامج اليمين المتطرف شائعًا، ويزداد اندماجًا في الخطاب السياسي السائد.وفي هذه المناطق، الارتباط بين الأيديولوجيات اليمينية المتطرفة سابق للصعود النسبي للزعماء الشعبويين اليمينيين في الآونة الاخيرة. فخلال الثلاثينات، تعاون القوميون الهندوس مع شخصيات بارزة من إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية.

   ويعتقد فيناياك دامودار سافاركار، أحد رواد القومية الهندوسية، أنه ينبغي على الهند أن تنسخ مقاربتها لـ “المشكلة الإسلامية”، عن تلك التي يستخدمها النازيون لحل “مشكلتهم اليهودية».
   وفي أوروبا، يرى منظّرون للإيديولوجيا مثل سافيتري ديفي (ولد في ماكسيماني بورتاس في فرنسا) أن هتلر هو تجسيد للإله الهندوسي فيشنو. وبعد مرور أربعة عقود تقريبًا على وفاته، ظلت أفكاره شائعة في الولايات المتحدة في اوساط القوميين البيض.

   ويترجم بيان أندرس بهرنغ بريفيك، الإرهابي النرويجي الذي قتل سبعة وسبعون شخصًا عام 2011، القرابة والانسجام مع النهج القومي الهندوسي تجاه الإسلام، والذي يوجد في أوروبا في العديد من المواقف المعاصرة تجاه السكان المهاجرين المسلمين.
   «الشيء الإيجابي الوحيد في اليمين الهندوسي، هو أنه يسيطر على شوارعه، انهم يرفضون الظلم الحالي، وغالبًا ما يعنّفون المسلمين بشدة، ويخربون أحياءهم عندما يتدهور الوضع، وغالبًا عندما يبصق المسلمون كثيرًا على الهندوسية”، كتب بريفيك قبل تفجير مبنى رسمي في أوسلو، وقتل العشرات من الشباب في معسكر صيفي.

   وتابع “ستواصل الهند تحللها وموتها إذا لم يقوّي القوميون الهنود أنفسهم بشكل صحيح، ولا يوجهون ضربة قوية”. من الضروري أن تتعلم حركات المقاومة الأوروبية والهندية من بعضها البعض، وأن تتعاون قدر الإمكان... أهدافنا متشابهة ان لم تكن متطابقة».
   أقرب إلينا، خطّط كبير استراتيجيي البيت الأبيض السابق، والمحرر السابق لشبكة أخبار بريتبارت اليمينية المتطرفة، ستيف بانون، عام 2015 لإطلاق بريتبارت انديا بعد تعيين نارندرا مودي في منصب رئيس وزراء الهند. لقد أعجب بانون منذ وقت طويل بمودي، الذي وصفه ذات مرة بانه “ترامب قبل ترامب».
  في الوقت نفسه، يمكن لمودي وخطابه القومي، أن يعدّ بين مؤيديه زعيم الحزب اليميني المتطرف، حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية، خيرت فيلدرز.

التضليل واللوبيينغ
   تسلّط زيارة البرلمانيين الأوروبيين لكشمير الضوء على تضامن اليمين المتطرف الدولي. ولئن صدرت الدعوة رسميًا عن مادي شارما، سيدة اعمال متمركزة في بروكسل، ورئيسة “مجموعة التفكير الاقتصادي والاجتماعي حول المرأة” غير الحكومية، فإن زيارتهم بحد ذاتها تم تمويلها وتنظيمها من قبل منظمة غير حكومية مسجلة في نيودلهي، المعهد الدولي لدراسات عدم الانحياز، وهي مجموعة تشترك في نفس العنوان الالكتروني مع نيو دلهي تايمز، وهو موقع إخباري غامض.
   يرتبط هذا الموقع نفسه بشبكة عالمية من الشركات ومراكز الفكر والمنظمات غير الحكومية -وهنا تصبح الأمور مثيرة للاهتمام -أكثر من 265 وسيلة إعلام محلية في خمسة وستين دولة.

   وقد استنتج مختبر الاتحاد الأوروبي للتضليل الاعلامي، الذي يبحث في حملات التضليل التي تستهدف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مؤخرًا، أن وسائل الإعلام المرتبطة بـ “دلهي تايمز” تحاول التأثير على المؤسسات الدولية والمسؤولين المنتخبين.
   وإذا كان التوجه الإيديولوجي لصحيفة نيودلهي تايمز غير واضح، فإن شبكتها الإعلامية تنشر بانتظام محتوى ينتقد دور باكستان في كشمير والمقالات المعادية للإسلام. ولئن لا تبدو هذه المواقف عادية في المشهد الإعلامي الهندي، فمن النادر أن تقوم هذه العناوين باللوبيينغ على المستوى الدولي.
    ضمن هذه الشبكة، يحتفظ موقعان بارزان -EP توداي، وتايمز جنيف -بعلاقات وثيقة مع المنظمات غير الحكومية ومراكز الفكر في بروكسل وجنيف من أجل تعزيز مصالحهما بشكل فعال مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

   وبالإضافة إلى رحلتهم إلى كشمير، وعدت شارما ضيوفها “بعقد اجتماع بارز” مع مودي، وحسب أعضاء البرلمان الأوروبي، كان الغرض من الزيارة هو “جمع المعلومات” حول الوضع في كشمير. ومع ان أعضاء البرلمان الأوروبي يعتبرون من الناحية الفنية وفدًا غير رسمي، لم يُسمح للمجموعة بالسفر إلى كشمير فقط، بل بمقابلة العديد من الشخصيات البارزة من الجيش والحكومة الهندية.

   علنًا، صرحت مختلف الوزارات أنها لم تشارك في تنظيم الزيارة. ومع ذلك، من غير المرجح أنه يمكن الحصول على هذا النوع من الترخيص دون موافقة السلطات على أعلى مستوى.
   وقبل الذهاب إلى كشمير، توقف وفد النواب الأوروبيين في نيودلهي للقاء مودي، الذي قال إن الوفد سيكتسب “فهمًا أفضل للتنوع الثقافي والديني في المنطقة».
   وأثناء إقامتهم في كشمير، قام اعضاء الوفد بجولة صحبة مرشد في العاصمة سريناغار، قبل تناول الغداء في مقر الجيش الهندي. وتسنى لهم الاطلاع على خرائط لما يسمى معسكرات تدريب الإرهابيين في باكستان، حيث تم التخطيط لهجمات في كشمير.

صيحات تجميع
   بعد الاجتماع مع رئيس الوزراء، نشر العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي -منهم التشيكي اليميني المتطرف توماس زديتشوفسكي، والنائب الأوروبي للتجمع الوطني تييري مارياني -تعليقاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي.
   نشر مارياني تغريدة لدعم سياسة الحكومة الهندية في كشمير، وقال للصحافيين أيضًا: “إننا نقف إلى جانب الهند في حربها ضد الإرهابيين».
   واتهم لارس باتريك بيرغ، النائب الأوروبي عن حزب البديل من اجل المانيا، وسائل الإعلام بنعتهم “بالنازيين الذين يكرهون المسلمين”، ودعا كل من مارياني وبيرغ إلى زيادة الأمن على حدود الاتحاد الأوروبي، وربطا بين المهاجرين وهجمات إرهابية إسلامية محتملة.

   ان قضية كشمير هي صرخة تجميع لجزء كبير من اليمين المتطرف الأوروبي. ويشترك القوميون في القارة في قلق عميق بشأن التطرف الإسلامي، وكذلك في رؤية طموحة جدا للقوة القومية. وفي نواح كثيرة، يعتبر الخط المتشدد لمودي في كشمير مثالاً يحتذى.
   في كشمير، بدأت الأزمة الأخيرة في 5 أغسطس 2019، عندما ألغت حكومة مودي المادة 370 من الدستور الهندي، وبذلك ألغت وضع الحكم الذاتي الخاص لجامو وكشمير. ويوم الإعلان، غرّد فيلدرز معبّرا بوضوح عن دعمه إلغاء الحكم الذاتي لكشمير.نفس الشيء للكاتبة البريطانية كاتي هوبكنز، التي عبّرت عن تضامنها، ومؤخراً، أعلنت أن الجالية الهندوسية كانت ضحية للتطهير العرقي في كشمير.

تقارب بشأن الإسلاموفوبيا
   كذريعة فورية، تعلّل مودي بأعمال الشغب التي تعدّ في المنطقة. ومنذ عام 1989، اندلع تمرد انفصالي في كشمير، وتظل الهجمات الإرهابية حقيقة يومية هناك، تمتد أحيانًا إلى الهند.
   لقد رأينا هذا على وجه الخصوص عام 2008 في بومباي، حيث نفذت جماعة عسكر طيبة، وهي حركة إسلامية مقرها باكستان، وتسعى إلى توحيدها مع كشمير، سلسلة من الهجمات التي أودت بحياة 164 شخصًا.

    ازداد الوضع سوءً في فبراير 2019، عندما قام سلاح الجو الباكستاني بسلسلة من الغارات الجوية على كشمير التي تسيطر عليها الهند، مما أدى إلى انتقام الهند. منذ ذلك الحين، نفذت غارات جوية جديدة بشكل متقطع -مما زاد دون شك فين شعبية مودي لدى قاعدته الانتخابية، وساعده على إعادة انتخابه عام 2019.
   وإذا كانت التغييرات الدستورية مدفوعة بالوضع في المنطقة، فإن الحكومة الهندية تسعى لتحقيق أهداف أوسع. لقد سعى القوميون الهندوس منذ فترة طويلة إلى توسيع الامتداد الإقليمي لبلدهم لاستعادة بعض ما كان ذات يوم الهند تحت الحكم البريطاني -وهي مناطق لا تشمل كشمير فحسب، بل باكستان وبنغلاديش أيضًا... ومناطق أخرى في جنوب آسيا.
   تماماً كما تنظر القومية الهندوسية إلى التطرف الإسلامي كتهديد وجودي، فإن زعماء اليمين المتطرف الأوروبي يربطون بين الهجمات الإسلاموية والتهديدات الأجنبية، حتى عندما يكون الإرهابيون من مواطنيهم.

   عام 2017، بعد تفجير ويستمنستر في لندن، طالبت مارين لوبان بان تستعيد فرنسا “السيطرة” على حدودها، بصرف النظر عما إذا كان المعتدي قد اعتنق الاسلام من مواليد بريطانيا العظمى.
   وبعد بضعة أشهر، وبعد الهجوم على ملعب مانشستر، أعلن النائب المجري اليميني المتطرف لاجوس كوسا: “الإرهاب لا يبدأ بـ “الانتحاري”.
 يبدأ الأمر عندما يصل الإرهابيون إلى أوروبا بطريقة غير قانونية ويهبّ الكثير من الناس لمساعدتهم «.
   مرة أخرى، وُلد مرتكب الجريمة في المملكة المتحدة لأبوين لاجئين ليبيين، لكن شخصيات يمينية متطرفة استغلت الهجوم لإدانة التطرف الإسلامي، ولتعزيز برنامج معادٍ للإسلام ومناهض للهجرة. .

   كما لعب أعضاء الدياسبورا من جنوب آسيا الذين يعيشون في الدول الغربية دورهم، حيث ساعدوا في تعزيز القومية الهندوسية من خلال اللوبيينغ وجمع التبرعات للجمعيات التي تتخذ من الهند مقراً لها.
   وإذا تم انتقاد زيارة البرلمانيين الأوروبيين على نطاق واسع داخل المجتمع الدولي بسبب تجاهلهم للمعايير الدبلوماسية، فإن ذلك يمثل مرحلة جديدة في العلاقات الهندية الأوروبية: يتم الآن تنفيذ الخطابات اليمينية المتطرفة من قبل التيار الدولي المسيطر.

   في الهند وأوروبا، يتعلم كل يمين متطرف من الاخر، وتتطور بانسجام قدراتهما على الحكم وفقا لبرنامج أيديولوجي مشترك، يقوم أساسا على كراهية الإسلام.
   قد يكون مفهوم الروابط العابرة للحدود بين القوميين منافيا للمنطق، يبقى أن رؤاهم تظل غير متناقضة بالضرورة، وأنهم سيواصلون تكاملهم طالما بقي “الآخر” المسلم عدوهما المشترك.

   إذا نجح القوميون اليمينيون المتطرفون في الوصول إلى غايتهم، فمن المحتمل أن نرى العلاقات الهندية الأوروبية تتشكل حسب خطوط إسلاموفوبية.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot