رئيس الدولة يحضر افتتاح قمة قادة دول العالم للعمل المناخي في كوب 29
ندوة الثقافة والعلوم تناقش رواية «الندبة» وظاهرة «التنمر»
عقدت ندوة الثقافة والعلوم جلسة حوارية لمناقشة رواية “الندبة” للكاتب الأمريكي بروس لاوري، والتي تلقي الضوء على ظاهرة التنمر، وشارك في الجلسة د. ناديا بوهناد المستشارة النفسية، ود. ميثاء غدير، وفتحية النمر وزينة الشامي وهالة شوقي ونخبة من المهتمين.
أدارت الجلسة الكاتبة عائشة سلطان قائلة إن الشاعرة والمترجمة التونسية وئام ذكرت أن جمال رواية “الندبة” للكاتب الأمريكي بروس لاوري، دفعها لترجمتها من اللغة الفرنسية إلى العربية، حتى تصل إلى أكبر عدد من القراء العرب، وفي ظنها أن القارئ العربي إذا طالع هذه الرواية سيحتاج زمن طويل لنسيانها لأنها من الروايات التي تترك أثرا كبيرا في القلب والروح باعتبار أنها من أكثر الكتابات التي تناولت الاختلاف.
وأضافت عائشة أن الرواية صدرت باللغة العربية عام 2018، ولكنها صدرت في عام 1960 بالفرنسية ثم ترجمها الكاتب للإنجليزية وحققت الكثير من النجاح. والرواية عمل أدبي بديع وكتاب تعليمي ونفسي وسلوكي حول التربية والاختلاف والإشكاليات التي قد يتعرض لها بعض الأطفال في المدارس وما صار يعرف حالياً في المدارس بظاهرة “التنمر”. والكتاب تعليمي يشير إلى كثير من القيم التي يفترض أن تعلم منذ البدايات. وأن بطل الرواية مصاب بعيب خلقي (الشفة الأرنوبية) ما جعلها مصدر سخرية واضطهاد من قبل بعض الزملاء ما أثر على سلوكياته الشخصية.
وعلقت د. نادية بوهناد بأن الرواية رائعة رغم أن حقبتها التاريخية تتناول مرحلة الستينيات إلا أن كثير من أحداثها لازالت تقع حتى اليوم من تنمر وتعالى واستعلاء واحساس بالنقص جميعها حالات نفسية توجد بكثرة وخاصة بين الفئات العمرية المراهقة لذلك لابد لمثل هذه الرواية أن يدرج ضمن المناهج الدراسية، وقد تمكن المؤلف من اختيار المرحلة العمرية من 13 عام وهي نهاية الطفولة وبداية المراهقة والتساؤلات والعلاقة بالمحيط من أسرة ومجتمع وزيادة مشكلات الإحساس بالاضطهاد لدى البعض لأنها مرحلة عمرية تتبلور فيها المشاعر الصراعية للمراهق، وخاصة أن بطل الرواية مولود بعيب خلقي (ندبة) عمقت من الصراع وزادت حدته.
وأضافت أنه كان على الأسرة أن تدخل مفهوم هذه الندبة أو العيب للطفل منذ صغره ليستطيع تقبل نفسه وسط المجتمع ولتكون لديه شخصية وثقة بالنفس.
وأشارت بوهناد أنه من خلال الحالات التي تعالجها أن الظاهرة تعددت أشكالها من اللفظي أو الجسدي إلى الإلكتروني والذي يكثر في هذه الفترة ما يتسبب في إيذاء نفسي من الصعب علاجه. وأن المتنمر في كثير من الحالات يحاكي واقعه المعاش بأن يكون لديه في الأسرة شخص متنمر أو أنه لا يوجد من يوقفه عن التنمر. وأكدت أن التنمر بين المراهقين عبر المواقع التواصل هو الأكثر انتشاراً في هذه المرحلة.
وعن موضوع السرقة في الرواية أشارت إلى أنها كانت نتيجة لإحساس الطفل بالنقص والنبذ مما خلق صراع داخلي لديه دفعه لسرقة الطوابع من زميله، وعادة السرقة عند المراهقين نوعين سرقة للمتعة باعتبار أن الآخر يمتلك الكثير، وسرقة من أجل العنف ضد الآخر، وكان هذا بسبب التنمر الذي لاقاه في المدرسة من الزملاء. وكان يجب على الأسرة أن تخلق لديه ثقة بالنفس حتى يستطيع مواجهة التنمر أو الإيذاء الذي يقع عليه، لأن المتنمر في كثير من الأحيان يخشى المواجهة.
وأكدت أن الأسرة يجب عليها مساعدة أبناءها على مواجهة التنمر حتى إن اضطرت لنقله من مدرسة إلى أخرى يلقى فيها المزيد من الحب والاحتواء، وأنه لا يوجد معيار للتنمر ولكنه كتعريف واضح وصريح.وذكرت زينة الشامي أن بروس لاوري أمريكي الجنسية ولد في فبراير عام 1931 وكان يعشق السفر ومفتتن بالثقافة الأوروبية والفرنسية، ترعرع في بلجيكا واكتسب حبه للغة الفرنسية هناك، درس في بدايته في الولايات المتحدة ثم التحق بالجامعة الفرنسية وحصل على الاستاذية في اللغة الفرنسية ودبلوم في الصحافة وكان يكتب بالفرنسية ويترجم أعماله إلى لغته الأم الإنجليزية، وكتابه الندية أو كتبه وحصل على عدة جوائز منها الجائزة العالمية للغة الفرنسية، وقدمها له شارل ديجول وقد أثر فيه هذا اللقاء كثيراً، عانى من مرض سرطان المعدة في آخر حياته وتوفي عام 1983، وكتابه الندبة يدرس ضمن المناهج المدرسية في فرنسا.
وأضافت أن كثير من المدارس يوجد فيها مختصين نفسيين لمعالجة ظاهرة التنمر ومحاولة احتواءها وإعطاء الحل الأصح، سواء من قبل الطلاب أو الهيئة التدريسية أو حتى الأسرة والمجتمع ككل، لأن البعض ينظر للتنمر بأنه نوع من المزاح ولكنه مع الأسف يترك أثرا نفسيا قاسيا على البعض.
وعن الرواية رأت أن معالجة الأسرة لندبة الطفل لم تكن موفقة، وأنه على الأسر أن تعلم أبناءها كيف يتقبلون ويحبون أنفسهم؟ وأنه على كل شخص أن يضع نفسه مكان الآخر قبل إيذاءه، إلا أن التنمر أحيانا لا يقصد به شرا ويعتبره البعض مزاحا أو استظرافا، وأن طفل الرواية نال عقاباً قاسياً نتيجة لكذبه.وذكرت هالة شوقي مرشدة اجتماعية بأنه في عام 2018 كثير من الجهات في مصر تبنت موضوع التنمر وخصصت له حملة بعنوان “أنا ضد التنمر” وبدأ تدريس كتاب الندبة أو الرواية باللغة الإنجليزية في كثير من مدارس اللغات، وشارك في الحملة الكثير من النجوم بالإضافة إلى مشاركة طلبة بعض المدارس بعدة مشروعات عن التنمر، باعتباره نوع من العنف اللفظي أو الجسدي أو الإلكتروني تجاه الأطفال أو المراهقين، وكان لهذه الحملة أثر إيجابي كبير على غالبية الطلبة، وخاصة أن التنمر يقع على الطفل الضعيف أو الطفل المتفوق جداً أو التلميذ الجديد في المدرسة وضحية التنمر دائماً ما يحاول دفع التنمر إما بالعنف أو مراضاة المتنمرين عليه بمختلف الطرق.
وأشارت فتحية النمر أنها تعرفت إلى مصطلح التنمر منذ سنوات قليلة، ولكنها تعرف الظاهرة ولكن المسمى كان حديث، وأن الرواية تناقش التنمر المتسلسل، وأن تنمر البطل لا يوجد سبب له وخاصة أن تنمره كان تجاه من يساعده، وأن السرقة في الرواية غير مبررة بل زادت من حدة المشكلات.وقالت تيسير شويخة أن الرواية كتبت عام 1960 وأصبحت من الكلاسيكيات التي تدرس في المدارس منذ عام 1970 لأن الجميع بمختلف الدرجات يمارسون التنمر دون قصد، فالبعض لا يعرف معنى التنمر هل هو مشاكسة أو مزاحا أو سخرية واستهزاء، والكتاب يلقي الضوء على الظاهرة ويعتبر درسا لانعكاس ممارسة العنف على الآخر، وبأن الجميع يجب أن يعي تلك الظاهرة وآثارها السلبية على المجتمع.
وأشارت أن الرواية فيها عدة أنواع من التنمر بدءًا بالجنسية والعاهة الخلقية واللون والشكل وغيره من الظواهر.وركز نادر مكانسي على أن التنمر جزء من الرواية، لأن الكذب يبدأ من البداية عندما كذبت الأسرة على الصغير عن حقيقة الندبة في وجهه، وهذه الكذبة أدت لمزيد من التنمر والقسوة. وكان الكذب في الرواية يكبر مع الأحداث مثل كرة الثلج. وكان يجب تسليط الضوء على النتائج الاجتماعية للكذب والسرقة وليس التنمر فقط.
وعن الرواية أضافت د. ميثاء الغدير أنها ضد مصطلح التنمر لأنه أبرز ظواهر جديدة عن المجتمع، وأن الجميع بمختلف المراحل تعرض لهذه الظاهرة سواء من السخرية للتفوق أو لموقف معين ولكن لا أحد في المجتمعات العربية يسخر من عيب خلقي أو بنية جسده مختلفة، وأن هذا السلوك من الممكن تقويمه بمزيد من الوعي، وأن تسليط الضوء على التنمر من الممكن أن يساهم في تفاقم الظاهرة.وأكدت أن الرواية تعالج مشكلة التربية وقضايا أسرة لا تستطيع مواجهة أبنائها بمشكلاتهم، ولكنها تكذب وكلما اتسعت مساحة الكذب كبرت المشكلات.وانتهت الجلسة بالكثير من المداخلات التي أكدت ضرورة إدراج الرواية ضمن المناهج الدراسية.