في دراسة لمؤسسة جان-جوريس:

هكذا تلاعبت روسيا بحملة 2016 لصالح ترامب...!

هكذا تلاعبت روسيا بحملة 2016 لصالح ترامب...!

-- اختراق أنظمة كمبيوتر عدد قليل من الدوائر الانتخابية سيكون كافيًا لتوجيه النتيجة النهائية
-- تسللت وحدات المخابرات العسكرية الروسية إلى كمبيوترات وحسابات مكوّنات حملة كلينتون
-- تواصلت المخابرات العسكرية الروسية مع ويكيليكس لتزويده بمحتوى مقرصن وتنسيق نشره
-- تمكنت الأجهزة الروسية أيضا من اختراق أجهزة الحزب الجمهوري، لكنها لـم تنشـر ما عثرت عليه
-- بالاختباء وراء ويكيليكس، منحت المخابرات الروسية الاتهامـــات مصداقيــة فوريـــة ومنصــة نشـــر دوليـــة


   «التدخل الرقمي، دليل المستخدم”: تحت هذا العنوان البليغ، تنشر مؤسسة جان-جوريس دراسة حول كيفية تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 مفضلة دونالد ترامب على حساب هيلاري كلينتون، تدخل تمت ملاحظته في تقرير المدعي العام مولر عام 2019.
   لا يكتفي هذا التوليف بمساعدتنا على فهم ما حدث بشكل أفضل، وانما يمكنه أن يعمل أيضًا كتحذير لمواعيد انتخابية أخرى، ليس فقط في الولايات المتحدة.    يلاحظ مؤلف الدراسة، رومان بورنشتاين، من مؤسسة جان جوريس: “في التدخل الروسي، الجانب الأكثر إثارة للدهشة ليس التدخل في ذاته، والمشكلة الأساسية ليست روسيا، ولكن ما كشفته: سوء استعداد الفاعلين في اللعبة الديمقراطية الغربية لإمكانيات التلاعب التي توفرها الوسائط من خلال الشبكات الاجتماعية على وجه الخصوص، ملاحظة المحرر للحياة السياسية. وبالتالي فإن المسالة هنا هي التشريح البارد للسهولة التي تسنى بها استغلال طريقة عمل الشبكات الاجتماعية، واستخدام الممارسات الصحفية السيئة في عصر الأخبار المستمرة، لتلويث الانتخابات الأمريكية 2016 «.

   ارتكز التدخل الروسي على ثلاث أدوات: محاولات الاندساس داخل البنية التحتية لأنظمة التصويت، ونشر رسائل البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي التي سرقت عبر القرصنة، وحملة على الشبكات الاجتماعية.

التصويت الإلكتروني،
 القوائم الانتخابية:
 تسلل للبنية التحتية
    أشارت الدراسة إلى أن ثلاثين من الولايات الأمريكية الخمسين، تستخدم آلات التصويت الإلكترونية، وبعضها لا يحتفظ بسجل ورقي للأصوات المسجلة، مما يجعل مصداقية أي عملية تحقق مستحيلة. ومع ذلك، فإن هذه الأجهزة معرضة للاختراق، وبعضها يستخدم نقاط اتصال ويفي، والبعض الآخر يقوم بتشغيل تحديثاته باستخدام برنامج تم تنزيله من الإنترنت. و”من المستحيل التأكد من أنه من بين آلاف الموظفين المعنيين”الشركات التي توفر أجهزة كمبيوتر التصويت”، لن ينتهي أي منهم بالضغط على رابط ايميل تصيّد. «
   ويشير تقرير صادر عن لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي، الذي نُشر في يوليو 2019، إلى أن جميع الولايات الأمريكية الخمسين كانت ضحية لمحاولة اختراق من قبل الجهات الفاعلة الإلكترونية الروسية قبل انتخابات عام 2016. ولم يكن بمقدور القراصنة الروس تغيير التصويت، لكنهم كانوا قادرين على “تغيير أو حذف بيانات تسجيل الناخبين”: ان حذف الأسماء التي تحيل الى أصول هذا أو ذاك، في بلد حيث التصويت والعرق مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، كان بإمكانه تغيير الاقتراع.
   وبالمثل، في بلد تحسم فيه النتيجة بحفنة من الناخبين والولايات -رجحت ولاية بنسلفانيا وويسكونسن وميشيغان كفة ترامب، بنسبة 0.2 بالمائة إلى 0.7 بالمائة كفارق في الاصوات –”يكون هنا من غير المفيد تمامًا الوصول إلى جميع مكاتب التصويت في البلاد حتى تتمكن من التلاعب بالاقتراع: الدخول لأنظمة كمبيوتر عدد قليل من الدوائر الانتخابية في ولايتين أو ثلاث محورية، سيكون كافيًا لتوجيه النتيجة النهائية “، يوضح رومان بورنستاين.

قرصنة البريد
الإلكتروني الديمقراطي بمساعدة ويكيليكس
   استنادًا إلى تقرير مولر أيضًا، تشير الدراسة إلى أنه حتى مارس 2016، تسللت وحدات المخابرات العسكرية الروسية إلى أجهزة الكمبيوتر وحسابات البريد الإلكتروني لكيانات    حملة كلينتون، بما في ذلك مديرها جون بوديستا. وبحلول صيف عام 2015، دخل نفس العملاء هيكلين للحزب الديمقراطي، وسرقوا مئات الآلاف من الوثائق هناك.    ثم تم توزيع الوثائق الأكثر إزعاجًا للمرشحة عن طريق محاكاة أساليب المبلغين عن المخالفات. “وكدليل على رغبتهم في تفضيل معسكر على حساب آخر، تمكنت الأجهزة الروسية أيضا من اختراق أجهزة الكمبيوتر التابعة للحزب الجمهوري، لكنها لم تنشر ما عثرت عليه. «
   ويكيليكس، الذي يريد مبتكره جوليان أسانج منع فوز كلينتون (“المعتلة اجتماعيا والسادية والالمعيّة والمواكبة جيدا”، كما كتب في رسائل بتاريخ نوفمبر 2015 نقلاً عن تقرير مولر)، سعى للتدخل في الحملة. ومن خلال حساب تويتر تحت اسم غوتسيفر 2.0، تواصلت المخابرات العسكرية الروسية مع ويكيليكس لتزويده بمحتوى مقرصن وتنسيق نشره.
    يوليو 2016، عند افتتاح المؤتمر الديمقراطي، الذي عيّن رسميا هيلاري كلينتون، تم نشر عشرات الآلاف من الرسائل الالكترونية الداخلية للحزب الديمقراطي، ويظهر بعضها مناورات داخلية ضد بيرني ساندرز، وتشمل إهانات ضده وأنصاره.
   خريف عام 2016، تعاون كل من ويكيليكس والمخابرات العسكرية الروسية مرة أخرى: في الوقت الذي كانت فيه تعليقات أدلى بها ترامب عام 2005، يتباهى فيها بـ “اصطياد النساء” مستغلا شهرته، تهدد بإغراق حملته، يتم نشر البريد الالكتروني لبوديستا، مدير حملة كلينتون... جمع التبرعات، وخطابات كلينتون عالية الأجر أمام المصرفيين، وكل محتواها، يسمح بتحقير المرشحة الديمقراطية.
مادة تم تناولها في نسخة مبتورة ومقطوعة من سياقها من قبل الصحفيين وترامب نفسه -على سبيل المثال اتهام كلينتون برغبتها في فتح الحدود بالكامل للمهاجرين، انطلاقا من مقتطف كانت تتحدث فيه حقيقة عن شبكة الكهرباء.
   شاركت ويكيليكس أيضًا في أطروحات نظرية المؤامرة حول وفاة سيث ريتش، وهو ناشط ديمقراطي شاب قتل على يد لصوص. ووعد أسانج بمكافأة على أي معلومة حول جريمة القتل هذه التي جعلت منها صحافة “اليمين البديل” طبقها الدسم -مدعية أنه اغتيال مستهدف لحساب كلينتون -بينما كرونولوجيا (تسلم ويكيليكس رسائل البريد الإلكتروني الديمقراطية بعد عدة أيام من وفاة ريتش) ويعرف أسانج أنه لا علاقة له بالوثائق المسربة.
   وتعلّق مؤسسة جان جوريس: “من البداية إلى النهاية، كان هذا الجانب من التدخل الروسي نموذجًا للتلاعب الناجح. لقد أتاحت قرصنة خوادم كمبيوتر حزبها ورسائل فريقها الإلكترونية، إمكانية جمع معلومات مسيئة حول هيلاري كلينتون. ومن خلال التقليد، ثم الاختباء وراء ويكيليكس، منحت المخابرات الروسية هذه الاتهامات مصداقية فوريـة ومنصة نشر دولية. «

موجة من الأخبار الزائفة
على الشبكات الاجتماعية
   كان المكون الثالث للتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية مرتبطًا بشكل مباشر بالناخبين: انتشار مجموعة من الرسائل الدعائية عبر حسابات تم إنشاؤها تحت هويات زائفة على وسائل التواصل الاجتماعي. وتم تنفيذها من قبل شركة خاصة، وكالة أبحاث الإنترنت، برئاسة يفغيني بريغوجين، وهو رجل أعمال مقرب من بوتين.
    تأسست وكالة أبحاث الإنترنت عام 2013، وأطلقت حملات عبر الإنترنت لأول مرة ضد المعارضين الروس والقوميين الأوكرانيين، وأغرقت حساباتهم “في ظل سيل مستمر من الهجمات الشخصية وتعاليق تمجّد الكرملين”، قبل ان تنتقل باتجاه الولايات المتحدة. يكتب موظفوها التعليقات على الشبكات الاجتماعية أو منتديات المواقع الاعلامية، أو يحرّرون مقالات المدونات، أو يقومون بإنشاء مقاطع فيديو على يوتيوب، أو حتى تنشيط حسابات تويتر أو فيسبوك متظاهرين بأنهم مواطنون عاديون.

   لدى وكالة أبحاث الإنترنت أيضًا 50 ألف روبوت، وحسابات آلية يمكنها إعادة نشر مضامين ومحتوى تكسبه انطباعًا بان له شعبية.
   تم إرسال موظفين من وكالة أبحاث الإنترنت إلى الولايات المتحدة في يونيو 2014 لملاحظة ودراسة ومعايشة أفضل للسياق الذي سيتحركون فيه:
   «تحت غطاء السياحة، قاموا بزيارة اثنتي عشرة ولاية، واتبعوا طيلة ثلاثة أسابيع مسارًا يبدو أنه تم اختيار محطاته لتلتصق بأكبر قدر ممكن بالانقسامات السياسية الوطنية: الحدود المكسيكية تواجه أزمة الهجرة (كاليفورنيا، نيو مكسيكو، تكساس)، طائفة الأمريكان السود المفقّرة (لويزيانا، جورجيا، نيويورك)، حزام الصدأ غير الصناعي (ميشيغان، إلينوي). «
   يتابعون الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الأمريكية ويراقبونها، “في كل موضوع، وعلى امتداد علامات التصنيف القوية والرسائل بالأحرف الكبيرة والصور المركبة، تموقع متصيدو وكالة أبحاث الإنترنت في وقت واحد على جانبي النقاش واعتمدوا ما يمكن من أكثر المواقف تطرفًا”: عنف الشرطة ضد السود، الهجرة، حمل السلاح، العنصرية ...

   تظاهرت الحسابات التي أنشأتها وكالة أبحاث الإنترنت، طيلة عدة أشهر، بأنها حسابات مواطنين أمريكيين عاديين، وبعضها لنشطاء، وغيرها أكثر حيادية، قبل الانزلاق بمرور الوقت نحو رسائل موجهة بشكل متزايد. بداية عام 2015، اكملت الوكالة هذه الحسابات (ما يقرب من 4 الاف على تويتر) بصفحات ناشطة صراحة، وخاصة من خلال اغتصاب أسماء منظمات حقيقية. وقدم أحدهم نفسه على أنه منخرط في الحزب الجمهوري بتينيسي: نشر 10 الاف رسالة وجذب 147 ألف مشترك، شاركوه منشوراته أكثر من 6 ملايين مرة.
    لقد سمحت استراتيجية هذه الحسابات بان يتم تداول محتواها، وبالتالي اكسابه مصداقية، من قبل العديد من الشخصيات في حملة ترامب -بما في ذلك المرشح نفسه -واليمين المتطرف، ووسائل الإعلام، وحتى من قبل الرئيس المدير العام لتويتر. ... وتم اعادة نشر تغريداتهم أيضًا من قبل وسائل الإعلام، وبعضها معروفة بأساليبها المريبة (بريتبارت نيوز، التي كان يديرها ستيف بانون، وفوكس نيوز، وروسيا اليوم ...) ولكن من آخرين أكثر شهرة، مثل “واشنطن بوست”، و”نيويورك تايمز”، إلخ.

  ويلاحظ رومان بورنشتاين هذه الظاهرة: “خدّرتها الشبكات الاجتماعية، ومعتقدة أنها تستمع في هذا الضجيج الذي تنظمه أقلية نشطة، لانعكاس آراء الأغلبية، وفي غاية السعادة لعثورها على مادة للعمل دون إنفاق المال، اعتادت جميع غرف الأخبار تقريبًا على إنتاج مقالات وتقارير ترتكز على “رأي مستخدمي الإنترنت”. وإلى جانب قوة الشبكات، فإن هذه الممارسات الصحفية السيئة، هي باب مفتوح للتلاعب والتوظيف. وتتمثل عبقرية وكالة أبحاث الإنترنت في انها فهمت وأدركت ذلك قبلنا. «
    كما نشرت الوكالة حسابات مزيّفة لوسائل إعلام محلية، وقامت بمحاكاة صحف إقليمية على سبيل المثال، واستخدمت الإعلانات المستهدفة -سلاح فيسبوك الفتاك، الذي يسمح بعدد لا يحصى من التصفية والتدقيق (وحتى التمييز).
   وتقدم دراسة مؤسسة جان -جوريس أمثلة كثيرة على الرسائل التآمرية، التي نشرتها الحسابات الروسية الزائفة، متهمة حملة كلينتون بجميع العلل، “وسائل الإعلام السائدة”، مكتب التحقيقات الفدرالي، الخ. “استراتيجية فوضى تهدف إلى تشويه مصداقية العملية الانتخابية لشل رئاسة كلينتون المقبلة”، ومهاجمة جميع المترشحين، باستثناء بيرني ساندرز ودونالد ترامب.

   ووفقًا للأرقام التي تم نقلها عبر منصات الإنترنت إلى السلطات الأمريكية، في المجموع، تكون وكالة أبحاث الإنترنت قد نشرت 10.4 مليون منشور عبر 3،841 حساب تويتر، و116 الفا على 133 ملفًا شخصيًا على انستغرام، و80 الفا على 470 صفحة فيسبوك، و1100 مقطع فيديو عبر 17 قناة على موقع يوتيوب. لكنك لن تعرف أبدًا عدد عشرات الملايين (126 مليون على فيسبوك) من الأمريكيين الذين اطلعوا عليها واتخذوا قرارهم بسبب هذا المحتوى.  ويخلص رومان بورنشتاين إلى: “لقد كان للأجهزة الروسية ذكاء الكشف عن هذه الاتجاهات السياسية، وعرفوا كيف يوظفون ويتلاعبون بالنظام الاعلامي، وكيف يتعاملون مع الأدوات الرقمية القادرة على ابرازها، ولكنهم ليسوا مبدعيها... لم يكتبوا خوارزميات الشبكات الاجتماعية، وليسوا مسؤولين عن برمجة القنوات الإخبارية المستمرة، لقد تسربوا من باب لم يلاحظ أحد أنه تُرك مفتوحًا على مصراعيه».

    وتشير الدراسة إلى أن هذه القضية بعيدة كل البعد عن كونها حكاية روسية أمريكية حصريا.
   «إن الثغرات الديمقراطية والتكنولوجية التي تم استغلالها في الولايات المتحدة موجودة في معظم الديمقراطيات الغربية”، يؤكد المؤلف، الذي يعرض العديد من حالات التلاعب والمعلومات الكاذبة والطعنات الرقمية الأخرى في العديد من البلدان. “في الوقت الذي تجري فيه الحملة الأمريكية لعام 2020، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2022، يجب على الجميع أخذ ذلك في الاعتبار: ان هذه القصة في بدايتها فقط».
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot