Running With the Devil: The Wild World of John McAfee
وثائقي عن محاولات جون مكافي للهروب من يد العدالة
عاد اسم جون مكافي للظهور إلى العلن، في عام 2021، عندما عُثر عليه ميتاً في زنزانته في برشلونة، قبل ترحيله إلى الولايات المتحدة، لتتكشّف أمامنا مرة أخرى حياة جون مكافي، التي تشبه أفلام المطاردة. فابن وادي السيليكون الذي قدّم للعالم تطبيقاً مضاداً للفيروسات "مكافي"، تحول إلى قائد روحي، ثم رجل احتفالات صاخبة، ثم هارب من وجه القانون، ثم متهم بجريمة قتل. كل ذلك، ونحن نشاهد على نشرات الأخبار ما لا يمكن تصديقه. هل فعلاً جون مكافي أخطر رجل في العالم؟ ويمتلك القدرة على اختراق أي حاسوب؟ أم هو مجرد رجل حالم بالشهرة، يبحث عن التسلية والإثارة؟
بثت شبكة نتفليكس، أخيراً، وثائقي Running With the Devil: The Wild World of John McAfee، الذي نشاهد فيه صوراً تبث لأول مرّة، بعضها من وثائقي من إنتاج مكافي نفسه، يريد عبره أن يعرّف العالم إلى قصته. ومشاهد أخرى من وثائقي غير منشور أنتجته Vice بعنوان On The Run with John McAfee. عمل أنجزه روكو كاستورو والمصور روبيرت كينغ، اللذان رافقا مكافي أثناء هربه من أميركا الجنوبية.
تخلق مشاهدة الوثائقي متعة ترافقها مشاعر غريبة، إذ يبدو الأمر وكأننا نشاهد فيلماً متخيلاً، أو التحضيرات لبارودي عن فيلم وثائقي. فمكافي نفسه، يبدو مقتنعاً أنه يمتلك حكاية تستحق السرد. مع ذلك، نراه يتنكر، ويشتري الثياب ليخفي هويته، بل يحاول في بداية الفيلم أن يلعب دور شخص معاق. هكذا، تتصاعد بعدها حدة البارانويا في الفيلم، فمكافي مطلوب من قبل السلطات في الولايات المتحدة وفي جزيرة بليز (Bleize)، حيث يقال إنه قتل جاره حين كان يقيم فيها، ما يجعله دائماً هارباً ومستعداً لترك كل شيء وراءه.
الفيلم بأكمله عبارة عن محاولات مكافي للهروب من يد العدالة. لكن فجأة، وفي الثلث الثاني من الفيلم، يُطرح أمامنا سؤال: ممن يهرب مكافي؟ لم يلق عليه القبض أبداً، ولم يحتك أو يواجه الشرطة. نراه فجأة وفي كل مرة يركب قاربه ويبحر بعيداً وكأنه هارب من سلطة لا نعرف بالضبط مَن هي. هنا يبدأ صنّاع الفيلم بالتشكيك. هل مكافي تحت تأثير المخدرات؟ هل اعترافه مرة وهو شديد التأثر بالكحول بأن كل شيء مسرحيّة، حقيقة؟ أم هلوسة؟
لا يقدم الوثائقي إجابات كافية، لكنه يرسم صورة لمكافي كرجل شديد الريبة، لا يثق بأحد، وفي الوقت ذاته هو رجل مضحك، يدعي أنه يمتلك قوة وسلطة لا يستهان بهما، لذلك هو مطلوب. أما الجرائم المتهم بها من قتل وتهرب ضريبي، فلا إجابات عنها. هو فقط رجل يبحث عن الاستقرار.
يتضح من الفيلم أن مكافي مهووس بالحقيقة. كل ما يحصل وما يقال عنه ليس إلا أكاذيب واتهامات لتشويه صورته وتاريخه، لكن ما الحقيقة التي يريد مكافي أن ينشرها؟ لا نعلم، ما نعرفه أن هناك حقيقة ما، لن ترى النور أبداً.
قراءة ثقافية نوعاً ما لسيرة مكافي، تكشف أننا أمام صورة أخرى من عباقرة وادي السيليكون. فمكافي يمثل القرين المختلف كلياً عن بيل غيتس وستيف جوبز. مكافي الذي تقارع شهرة اسمه شهرة "آبل" و"ميكروسوفت"، قرر الانغماس في الملذات وتبذير أمواله والبحث عن مغامرات لا تخطر على البال. وليس التحول إلى رجل أعمال خيرية يريد القضاء على الجوع العالمي وإيجاد حلول لمشكلات العالم. وهذا المثير في سيرة الرجل؛ إذ يمثل الروح الفردانية بصورتها المتمردة، وكأنه عاش عدة حيوات. وهذا ما يفسّر الغموض حول موته، ونظريات المؤامرة التي تقول إنه قُتل قبل أن يصل إلى الولايات المتحدة، خوفاً من فضيحة كبيرة كان من المفترض أن يفجّرها.
بثت شبكة نتفليكس، أخيراً، وثائقي Running With the Devil: The Wild World of John McAfee، الذي نشاهد فيه صوراً تبث لأول مرّة، بعضها من وثائقي من إنتاج مكافي نفسه، يريد عبره أن يعرّف العالم إلى قصته. ومشاهد أخرى من وثائقي غير منشور أنتجته Vice بعنوان On The Run with John McAfee. عمل أنجزه روكو كاستورو والمصور روبيرت كينغ، اللذان رافقا مكافي أثناء هربه من أميركا الجنوبية.
تخلق مشاهدة الوثائقي متعة ترافقها مشاعر غريبة، إذ يبدو الأمر وكأننا نشاهد فيلماً متخيلاً، أو التحضيرات لبارودي عن فيلم وثائقي. فمكافي نفسه، يبدو مقتنعاً أنه يمتلك حكاية تستحق السرد. مع ذلك، نراه يتنكر، ويشتري الثياب ليخفي هويته، بل يحاول في بداية الفيلم أن يلعب دور شخص معاق. هكذا، تتصاعد بعدها حدة البارانويا في الفيلم، فمكافي مطلوب من قبل السلطات في الولايات المتحدة وفي جزيرة بليز (Bleize)، حيث يقال إنه قتل جاره حين كان يقيم فيها، ما يجعله دائماً هارباً ومستعداً لترك كل شيء وراءه.
الفيلم بأكمله عبارة عن محاولات مكافي للهروب من يد العدالة. لكن فجأة، وفي الثلث الثاني من الفيلم، يُطرح أمامنا سؤال: ممن يهرب مكافي؟ لم يلق عليه القبض أبداً، ولم يحتك أو يواجه الشرطة. نراه فجأة وفي كل مرة يركب قاربه ويبحر بعيداً وكأنه هارب من سلطة لا نعرف بالضبط مَن هي. هنا يبدأ صنّاع الفيلم بالتشكيك. هل مكافي تحت تأثير المخدرات؟ هل اعترافه مرة وهو شديد التأثر بالكحول بأن كل شيء مسرحيّة، حقيقة؟ أم هلوسة؟
لا يقدم الوثائقي إجابات كافية، لكنه يرسم صورة لمكافي كرجل شديد الريبة، لا يثق بأحد، وفي الوقت ذاته هو رجل مضحك، يدعي أنه يمتلك قوة وسلطة لا يستهان بهما، لذلك هو مطلوب. أما الجرائم المتهم بها من قتل وتهرب ضريبي، فلا إجابات عنها. هو فقط رجل يبحث عن الاستقرار.
يتضح من الفيلم أن مكافي مهووس بالحقيقة. كل ما يحصل وما يقال عنه ليس إلا أكاذيب واتهامات لتشويه صورته وتاريخه، لكن ما الحقيقة التي يريد مكافي أن ينشرها؟ لا نعلم، ما نعرفه أن هناك حقيقة ما، لن ترى النور أبداً.
قراءة ثقافية نوعاً ما لسيرة مكافي، تكشف أننا أمام صورة أخرى من عباقرة وادي السيليكون. فمكافي يمثل القرين المختلف كلياً عن بيل غيتس وستيف جوبز. مكافي الذي تقارع شهرة اسمه شهرة "آبل" و"ميكروسوفت"، قرر الانغماس في الملذات وتبذير أمواله والبحث عن مغامرات لا تخطر على البال. وليس التحول إلى رجل أعمال خيرية يريد القضاء على الجوع العالمي وإيجاد حلول لمشكلات العالم. وهذا المثير في سيرة الرجل؛ إذ يمثل الروح الفردانية بصورتها المتمردة، وكأنه عاش عدة حيوات. وهذا ما يفسّر الغموض حول موته، ونظريات المؤامرة التي تقول إنه قُتل قبل أن يصل إلى الولايات المتحدة، خوفاً من فضيحة كبيرة كان من المفترض أن يفجّرها.