بادرتني فتاة صغيرة لا تتجاوز العشر سنوات من عمرها، بسؤال عن السعادة ومفهومها في الحقيقة ارتبكت قليلا للمفاجأة ثم ابتسمت واخبرتها بأن السعادة نسبية بين شخص وأخر، لكن العامل المشترك هو وجود المال، رمقتني بطرف عينها وكأن اجابتي خطأ، وأني فشلت في الاختبار، قالت سمعت الشيخ محمد متولي الشعراوي يقول أن السعادة لا تحتاج لمال أبدا، وأن هناك أبواب كثيرة للسعادة لا يمكن للمال تحقيقها.
كان ضروري ارد وأفرض رأي بما أنني رجل كبير، قلت ربما ليس معك المال الكافي للسعادة، فكيف اكتب مثلا مقال أو قصة وأنا لا أملك الكفاف لنفسي وأسرتي وكيف اسعد بنتي وأهلي وأنا لا أملك المال، كان واضح على ملامحها أنها ضجرت مني ولامت نفسها أنها حاورتني، وبصوت حاد هاجمتني، موضحة أنها في قمة سعادتها باللعب مع والدها والجلوس مع والدتها ويدها الصغيرة حين ترقد في حضن يد ابيها وتأكل المثلجات وتتصور سيلفي معهما أو مع اخواتها، كانت تتحدث وفي عينيها لمعة، كأنها تتحدث عند سعادة فقدتها أو قصة تريد أن تعيشها، أو هكذا وصلني إحساسها المتضارب وحدتها في الكلام.
قلت أتراجع قليلا وأوافقها الرأي، وإذا بها تقول هل لديك أولاد قلت نعم قالت اشتريتهم بالمال قلت لا قالت وهل أنت سعيد بهم قلت نعم قالت إذا السعادة ليست بالمال فقط، المال عامل مساعد لكن ليس كل شيء، قلت نعم كلامك صحيح، شعرت بالانتصار وانها اقنعتني وغيرت من أفكارب، وسألتني مرة أخرى بعد فترة صمت قليلة ما هى أركان الإسلام الخمس وقبل أن أجيب قالتهم فهمت أنها أرادت ألا يكون اختبار أفشل فيه أمامها وتسبب لي إحراج أو ربما لم تعرف ديانتي. وضحت لي أن الأركان الأربعة بما أن الحج لمن استطاع، تمارسهم في صلاتها وشرحت لي أنها في التشهد تنطق الشهادتين وتصوم فلا تأكل ولا تشرب وتزكي بوقتها وبدنها والصلاة تمارسها اساسا، ابتسمت لها فلمعت عينيها وقامت لتنضم لأمها التى خرجت من عيادة الطبيب وتدس يدها في حضن يد امها وتسير وقبل أن تختفي عن نظري التفتت للخلف وابتسمت لي ابتسامة شعرت فيها بسعادة لم اشعر بها من قبل، كنت اراقبها وهى تقفز بقدم ليسبق الآخر ولم أسمع النداء على أسمي لأدخل للطبيب وانتبهت عندما وجدتني ادعو لها بالستر والعلم الوفير والسعادة الدائمة.