ترتبط ظاهرة كيو أنون عمومًا بمنظري المؤامرة وتأثيرهم السياسي. وسبق أن تناولت هذه المسألة عدة مرات.
   لئن اعتقدت في البداية أن تأثير كيو أنون سيتضاءل بعد هزيمة دونالد ترامب وأداء جو بايدن اليمين، يبدو أن الحركة لا تزال نشطة بما يكفي لإثارة قلق سلطات مختلف الأديان في الولايات المتحدة. على الأقل، هذا ما يقوله مركز الأبحاث المستقل، معهد بحوث الدين العام.
    لعلكم تعلمون أن أتباع كيو موجودون غالبا بين المؤيدين الجمهوريين، مما يساعد على تفسير شعبية سياسيين كبار مثل مارجوري تايلور جرين، وكذلك الولاء القسري للعديد من المسؤولين المنتخبين لدونالد ترامب. ان انصار المؤامرة كثر بما يكفي ليمنحهم ثقلا سياسيا حقيقيا.

   ما يبدو لي جديدًا فيما يتعلق بظاهرة كيو، هو أن اتباعها لم يعد يكتفون بالتشكيك في العالم السياسي أو وسائل الإعلام الرئيسية: المعلومات المضللة التي يبتلعونها تدفعهم أيضًا إلى التشكيك في كلمات أو تفسيرات القساوسة ورجال الدين.
   ولئن يبدو من غير المنطقي أن يواجه القادة الذين يراهنون على الإيمان منافسة من معتقدات كيو، فإن هذا مؤشر آخر على حجم هذه الظاهرة. إن بعض الإنجيليين، بعد أن زرعوا شكوكهم في القادة طيلة عدة سنوات، يحصدون الآن الثمار المذهلة لعملهم. فبالنسبة لعدد كبير من الأمريكيين، لا توجد ثقة في النخب المختلفة، والانفصال عن العالم الحقيقي شبه اكتمل.

    تقلقني ظاهرة كيو لأنها تعكس انحراف جزء لا يستهان به من الأشخاص الذين يرغبون في تغيير النظام بشكل دائم، والذين هم على استعداد للتخلص من الأساسيات. وبالتالي، من غير المستغرب أن أسس الأنظمة الديمقراطية لم تعد تبدو لهم ضرورية وحتمية، وإلى الجحيم توازن السلطات واحترام التقاليد إذا كان الامر يتعلق بإسقاط النظام القائم.

   وقد أشار موقع اكسيوس الاثنين الماضي إلى أن استطلاعًا آخر أجرته شركة ايبسوس الأسبوع الماضي، ذكر أن 15 بالمائة من الامريكان يعتقدون أن الإعلام والعالم السياسي وعالم المال، يتحكم فيهم أتباع طائفة شيطانية مكونة من متحرشين بالأطفال ومتورطين في الاتجار بهم.
   وبينما لا يزال جو بايدن متمسكًا بالأمل في تخفيف الاستقطاب، وفي حياة سياسية سليمة أكثر، وطبيعية بعد هزيمة ترامب، يمكن الاعتقاد أنه لن يحدث ذلك لفترة أخرى طويلة. أعود إلى هذا كثيرًا، لكن الموعد النهائي للانتخابات 2022 سيكون مهمًا بأكثر من طريقة.

   إذا استعاد الجمهوريون السيطرة على مجلس النواب، واستعادوا أيضًا مجلس الشيوخ، فلن ينجذب المسؤولون المنتخبون من الحزب الجمهوري إلى الابتعاد عن المرشحين المثيرين للجدل وحركة كيو أنون. لقد سحرتني الولايات المتحدة منذ صغري ولم تتوقف عن إدهاشي في السراء والضراء.    إن دخول دونالد ترامب المشهد، أخرج للسطح ظواهر كانت في العادة هامشية. والآن، بعد أن غادر هؤلاء المتآمرون الظل، ونجحوا في اختراق الكونجرس، سيكون من المهم بشكل خاص مراقبة تقدمهم مستقبلا.