«نهج إمبراطوري».. مخاوف أوروبية من السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا

«نهج إمبراطوري».. مخاوف أوروبية من السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا

حذرت مجلة «ذا نيو ستايتسمان» البريطانية من أن السياسات الأمريكية تجاه أوكرانيا تعكس نهجا إمبراطوريا جديدا، يهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الأمني في أوروبا بما يخدم المصالح الأمريكية، وليس الأوروبية.
ووفقا للمجلة، فقد قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووزير دفاعه بيت هيغسيث، عرضا لروسيا يتضمن عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وعدم وجود قوات أمريكية على الأراضي الأوكرانية، واحتفاظ روسيا بالمناطق التي استولت عليها حتى الآن.
وبحسب المجلة، فإن هذه الشروط التي أُشير إلى أنها نوقشت خلال مكالمة هاتفية بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 12 فبراير-شباط، قد تشكل الأساس لاتفاق سلام محتمل، رغم أنه لن يكون مقبولا من الجانب الأوكراني.
وأشارت المجلة إلى أن هذا النهج يعكس إقصاء أوكرانيا عن المفاوضات، إذ يتم تقرير مصيرها بين واشنطن وموسكو، في مشهد يذكّر بمؤتمر ميونيخ عام 1938، عندما تم التفاوض على مصير تشيكوسلوفاكيا دون مشاركتها. ولفتت المجلة إلى أن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، الذي قال إن أوروبا يجب أن تتحمل مسؤولية أمنها، تكشف عن تحول جوهري في نهج واشنطن.
ففي 12 فبراير/شباط، أوضح هيغسيث أن أمريكا لم تعد الضامن الأساسي للأمن في أوروبا، وهو ما يفسره البعض بأنه دعوة لأوروبا للاعتماد على نفسها، بينما يرى آخرون أن أمريكا تريد التخلص من أعباء الحرب لكنها لا تنوي الانسحاب من أوروبا.
وتضيف المجلة أن ترامب ينظر إلى العلاقات مع أوروبا من منظور إمبراطوري، إذ لا يهمه تحقيق توازن أمني بين الغرب وروسيا بقدر ما يسعى إلى تعزيز الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، من خلال بيع الأسلحة والاستفادة من الموارد الطبيعية الأوكرانية، بينما تتحمل أوروبا وحدها تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا، وفق قولها.
وتوضح المجلة أن خطة ترامب لا تهدف إلى مواجهة روسيا بقدر ما تسعى إلى تعميق تبعية أوروبا للولايات المتحدة، عبر إرغامها على تحمل تكاليف الصراع الأوكراني، مما يبقيها في حالة اعتماد أمني واقتصادي على واشنطن.
وفي هذا السياق، يشير تقرير المجلة إلى أن نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، قدّم خلال كلمته في مؤتمر ميونيخ للأمن في 14 فبراير-شباط، ما يشبه «برنامجا لإعادة التنظيم الإيديولوجي» بين واشنطن وأوروبا، وهو ما فُهم على أنه محاولة أمريكية لإعادة تشكيل الأنظمة السياسية في القارة العجوز بما يتناسب مع مصالحها.
وتختتم المجلة تحليلها بالتأكيد على أن أوروبا تواجه لحظة حاسمة، فإما أن ترسخ استقلالها عن واشنطن، أو أن تستمر في لعب دور المستعمرة الأمريكية، مشيرة إلى أن إلحاق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا سيكون السبيل الوحيد أمام الأوروبيين لفك ارتباطهم بالهيمنة الأمريكية، مما قد يمنحهم حرية تقرير مصيرهم بعيدًا عن التدخلات الخارجية.