رئيس الدولة ونائباه يهنئون أمير قطر بذكرى اليوم الوطني لبلاده
أزمة المياه في إيران.. زلزال سياسي قادم
تجسد التظاهرات الأخيرة في إيران قفزة نوعية عن تلك التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، بالرغم من أن السبب المباشر للحركة الاحتجاجية الحالية هو أزمة شح المياه. توقع نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية إيلان بيرمان في صحيفة “ذا هيل” الأمريكية، أن تشكل هذه الأزمة زلزالاً سياسياً للنظام الإيراني مشدداً على أن الإيرانيين عطشى.
فخلال الأسابيع القليلة الماضية، نزل الآلاف إلى الشارع في المدن والبلدات الإيرانية للاعتراض على الأزمة المائية المتفاقمة وعلى إبداء النظام سوء تعامل مزمناً معها. منذ أواسط يوليو (تموز) الماضي، انفجرت التظاهرات في محافظة خوزستان الغنية بالنفط بسبب نقص المياه الذي تسببت به ظروف الجفاف وسوء الإدارة الحكومية لها. منذ ذلك الحين، انتشر الاضطراب في أنحاء البلاد.
للمتظاهرين الكثير ليغضبوا بشأنه. في خوزستان وحدها، يقال إن أكثر من 700 قرية تعاني في إمكانية الوصول إلى المياه، ويضطر العديد من السكان للاعتماد على تسليم المياه عبر الشاحنات الحكومية. لكن المشكلة أكبر من ذلك بحسب بيرمان. وفقاً للإحصاءات الرسمية الصادرة عن الحكومة الإيرانية، اضطرت 110 مدن في إيران إلى تطبيق شكل من أشكال تقنين المياه أو عانت من اضطرابات خلال هذا الصيف وحده. تعكس هذه الظروف استياء شعبياً أعمق وأطول مدى. أسست عقود من أنظمة الزراعة والري التي عفا عنها الزمن، إضافة إلى إدارة سيئة وتخصيص موارد بشكل أسوأ، أزمة مائية على نطاق وطني.
نتج عن كل هذه الأسباب، بحسب كاوه مدني من جامعة ييل، تحول إيران إلى دولة “مفلسة مائياً”، حيث يتفوق الطلب على الإمداد. لقد استخدمت إيران مواردها المائية بشكل غير مستدام، وهي مشكلة حذر منها الخبراء طوال سنوات. في 2018، قال رئيس مركز الزراعة الاستراتيجية والإدارة المائية محمد حسين شريعتمدار إن إيران “على بعد خمسة أعوام فقط من كارثة مياه شاملة نتيجة خمسة عقود من سوء الإدارة».في السنة نفسها، استقال 18 مشرعاً من محافظات فقيرة مائياً وسط إيران اعتراضاً على ازدياد التوزيع غير العادل للموارد داخل البلاد. وفي رسالة مفتوحة، طالب البرلمانيون الحكومة بلعب دور فاعل لضمان حصول مختلف المناطق الإيرانية على حصة عادلة من المياه. يظهر هذا الأمر كيف أصبحت المياه قضية بارزة في السياسات الإيرانية الداخلية.
أشار بيرمان إلى أن معهد الموارد العالمي، وهو مؤسسة رأي بيئية رائدة مقرها واشنطن، صنف إيران في 2019 على أنها واحدة من أكثر دول العالم معاناة من الإجهاد بسبب النقص المائي. ووفقاً لدراسة المعهد، تستهلك إيران 80% من مواردها المائية المتاحة كل سنة. حذر المعهد في حينه من أن صدمات الجفاف حتى الضئيلة – والمتوقع أن تزداد بسبب التغير المناخي – يمكنها أن تنتج عواقب وخيمة.
هذه التداعيات متجلية في شوارع طهران ومدن أخرى مع إعراب الإيرانيين عن غضبهم. رد النظام الإيراني بالشكل المتوقع. تم إيقاف أكثر من مئة محتج وقُتل بضعهم في صدامات مع القوات الحكومية. وتحرك النظام سريعاً لقطع الاتصالات والإنترنت معتمداً على عمليات القمع في الجولات السابقة من الاحتجاجات خلال السنوات القليلة الماضية.
أضاف بيرمان أن ثمة سبباً وجيهاً للاعتقاد بأن التظاهرات الحالية أكثر من مجرد إزعاج عابر لآيات الله. طوال سنوات، أدت الانقسامات الآيديولوجية والخلافات السياسية إلى عرقلة توحد المعارضة وتحولها إلى تيار مستدام. بدأ هذا الأمر يتغير مؤخراً. في وقت سابق من هذه السنة، نشأت حملة مدنية جديدة وحدت مئات الناشطين والوجوه الثقافية والشخصيات السياسية ضد النظام تحت شعار “لا للجمهورية الإسلامية».
بإمكان المياه أن تبقي القوى المعارضة المختلفة مصطفة إلى جانب بعضها البعض. يعود هذا إلى أن الأزمة التي خلقتها عقود من سوء الإدارة الرسمية هي مشكلة لجميع الإيرانيين بجميع شرائحهم الاجتماعية بما فيها تلك التي لم تشارك في جولات التظاهر السابقة ضد النظام. ببساطة، وفرت ندرة الماء نقطة تجمع مشتركة بين جميع الإيرانيين كما بين من يعانون من ظلم النظام. لهذه الأسباب، قد تجد السلطات في إيران صعوبة في تبديد التظاهرات الحالية وفقاً لتحليل بيرمان.