أزمة لبنان تزداد سوءاً...هل تتدخل الولايات المتحدة؟

أزمة لبنان تزداد سوءاً...هل تتدخل الولايات المتحدة؟


حذر الكاتب راسل أ. بيرمان في موقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي من أن الأزمة في لبنان تزداد سوءاً. فالليرة اللبنانية فقدت 90 في المئة من قيمتها، وثمة قيود مشددة على السحوبات من البنوك، ويعتمد الكثير من اللبنانيين على العملة الصعبة الآتية من أقارب لهم في الخارج.
وفي الوقت نفسه هناك فقدان للسلع، وتقف طوابير من السيارات أمام محطات الوقود التي تحرسها قوى الأمن لمنع نشوب مشاجرات بين الزبائن المحبطين. لا كهرباء، والظلام صار جزءاً عادياً من الحياة اليومية. وهذا الوضع مضر بما يكفي في صيف لبنان الحار، لكنه سيتحول إلى كارثي في الشتاء المقبل.

شبكات الفساد
وكانت الأسرة الدولية توفر المساعدات الإنسانية، لكن الكثير منها كان ينتهي عند شبكات الفساد التي تحكم لبنان. ويتم تهريب بعض المساعدات إلى سوريا، في تجاوز للعقوبات على سوريا، بينما تحول أرباح مهمة إلى كيانات إجرامية، بما فيها “حزب الله”.
وهناك حاجة إلى مزيد من المساعدات الإنسانية،
لكن يجب أن تدار بواسطة مؤسسات دولية موثوقة أو عبر منظمات غير حكومية تحت إشراف دقيق، لا عبر مؤسسات شبيهة بالمافيا. كما أن هناك فرصاً متاحة أمام التمويل غير الربحي والخيري لبنى تحتية لبنانية مهمة مثل المستشفيات والجامعات، علماً أن بقاء هذه المؤسسات أمر حيوي لمستقبل البلاد.
وبينما يبدو أن مثل هذا الدعم لا غنى عنه، فإنه في نهاية المطاف غير كافٍ.
والمطلوب إجراء إصلاحات بنيوية وسياسية مهمة لا يمكن تحقيقها إلا إذا مارست الأسرة الدولية ولا سيما الولايات المتحدة، ضغوطاً مستهدفة وقاسية.
 لكن حتى الآن يبدو أن واشنطن بالكاد تلاحظ الأزمة المتصاعدة.
مفاوضات فيينا
ويقول الكاتب إن مسؤولي السياسة الخارجية في أمريكا وضعوا، عن غباء، كل رهاناتهم على مفاوضات فيينا مع إيران وهم يتجاهلون النقاط الإقليمية الساخنة التي تستحق الإهتمام.ليست المساعدات الإنسانية العاجلة هي الأمر الوحيد المطلوب من أمريكا. إذ إن هناك مصالح حيوية في خطر: فمزيد من الفوضى في لبنان، تعني احتمالات أكبر لتفجر الإرهاب، وموجات جديدة من اللاجئين إلى زعزعة استقرار حلفاء واشنطن، وتزايد النفوذين الروسي والإيراني، وتراجع الولايات المتحدة.وإذ يرى الكاتب إنه الوقت المناسب لتدخل أمريكي، يستدرك: “ولكن كيف يجب أن تتدخل؟».

تدخل واشنطن
من الواضح أن لا شهية سياسية لدى واشنطن لتنخرط في مبادرات خارجية مكلفة، خصوصاً في الشرق الأوسط. وحتى مع تجنب الإنخراطات الواسعة، على غرار الحرب العراقية، يتعين عليها أن تطور نماذج أفضل من الإنسحاب الكامل، مثلما هو حاصل في أفغانستان الآن. على لبنان يجب أن يكون اختباراً لحالة متوسطة من السياسة الخارجية الأمريكية. وهناك طرق مهمة يمكن الولايات المتحدة اعتمادها لنقل لبنان نحو الإستقرار من دون أثمان باهضة. لكن يتعين على واشنطن أن تظهر الإرادة والعناية لمواجهة هذا التحدي.
أولاً، تملك الولايات المتحدة تاريخاً من توفير التدريب للجيش اللبناني، الذي أظهر نجاحاً ملحوظاً في مكافحة الإرهاب. ولسوء الحظ، فإن واشنطن تخفض دورها الإستشاري للجيش اللبناني. والنتيجة ستكون ضارة لكلٍ من الجيش وللعلاقة بين مع القوات المسلحة الأمريكية. ويجب عكس هذا المسار.
ثانياً، يمكن الولايات المتحدة أن تؤثر على الميدان السياسي، وذلك من خلال قانون ماغنيتسكي العالمي الذي ينص على فرض عقوبات على الفاسدين ومنتهكي حقوق الإنسان. واحتمال فرض عقوبات قاسية، وكذلك إطلاق حملة تنديد عامة، يمكن أن تدفع بعناصر من الطبقة السياسية إلى اتخاذ إجراءات إصلاحية كانوا يرفضونها حتى اليوم.ثالثاً، حتى التلويح بالعقوبات وتقديم أدلة على الفساد يمكن أن يشكل عاملاً إيجابياً.رابعاً، يبقى “حزب الله” هو الفيل في الغرفة، والقوة الضاربة التي تحافظ على الطبقة الفاسدة في الحكم. ومن أجل حل الأزمة اللبنانية والحؤول دون معاناة إنسانية هائلة العام المقبل، يجب معالجة مسألة الحزب. وأحد الأهداف الرئيسية يجب أن تكون تطبيق اتفاق الطائف لعام 1989 الذي أنهى الحرب اللبنانية، ونص على نزع أسلحة الميليشيات. ويجب أن يطبق ذلك على الحزب. وفضلاً عن ذلك، فإن مستقبل لبنان مربوط مباشرة بنتائج مفاوضات فيينا حول الإتفاق النووي. وإذا رفعت أمريكا العقوبات عن طهران، فإن إيران ستزيد من تمويل الحزب الذي سيجعل تالياً الأمور أسوأ في لبنان.
وإذا ما وقعت أمريكا اتفاقاً جديداً مع إيران لا ينص على حظر تمويل وكلائها، مثل “حزب الله”، فإن ذلك سيكون بمثابة خطوة ترقى إلى مبادلة سيادة لبنان بمسايرة إيران. إن السياسة الخارجية الأمريكية يجب أن تعتمد معايير أعلى من ذلك.