اختتام أعمال المؤتمر العالمي للتسامح والأخوة الإنسانية بأبوظبي
أكدت القيادات الدينية والفكرية الدولية والحائزين على جائزة نويل، المشاركة في أعمال المائدة المستديرة التي عقدت في ختام أعمال المؤتمر العالمي للتسامح والأخوة الإنسانية، أهمية بلورة رؤية شاملة يشارك فيها الجميع من مختلف الأديان والطوائف إلى جانب القيادات الفكرية لتضع منهجا شاملا يستند على المبادئ التي قامت عليها وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، ولتشكل منطلقا يكرس قيم التسامح والاخوة الإنسانية في الخطاب الديني والمجتمعي حول العالم.
وأشاد المشاركون، بكلمة معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش التي طرحت رؤية ملهمة يمكن من خلالها تجسيد القيم السامية للتسامح والأخوة الإنسانية واقعا يواجه التحديات ويحمي مستقبل البشرية.
جاء ذلك خلال أنشطة وفعاليات اليوم الثاني من الدورة الخامسة للمؤتمر العالمي للتسامح والأخوة الإنسانية التي اختتمت أعمالها أمس الاول بأبوظبي، ونظمتها وزارة التسامح والتعايش بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين وجائزة زايد للأخوة الإنسانية، برعاية وحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، وعدد كبير من القيادات الدولية والإقليمية، وتضمنت عدة جلسات مفتوحة ومناقشات موسعة تحت عنوان "أفكار حول الأخوة الإنسانية" إضافة إلى المائدة المستديرة النداء العالمي للعمل المشترك للتحالف الدولي للتسامح من أبوظبي.
وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك بكلمته في افتتاح أعمال المائدة المستديرة “ يسرني أن أكون معكم مرة أخرى، وأود أن أشكر كل واحد منكم على مشاركته في المؤتمر العالمي للتسامح والأخوة الإنسانية العالمي لهذا العام، لأنكم تضيفون إلى هذا المؤتمر خبرات عظيمة، ومعرفة متميزة، ورؤى ثاقبة، والتزامًا راسخًا بالسلام والتقدم العالمي، وأود هنا أن أؤكد أن المحاور الثلاثة للمؤتمر - السلام، والكرامة الإنسانية، والتعايش السلمي - تعتمد جميعها على قدرتنا على التعامل مع تنوع السكان في مجتمعاتنا، ويجب علينا أن نتقبل التنوع ونستفيد منه إلى أقصى حد، وأن نرحب بآراء الآخرين ونحترمها، وأن نعبر عن آرائنا بوضوح، وأن نكون مستعدين لتعديل آرائنا عندما نسمع آراء أخرى تقدم معلومات جديدة، أو حججًا مقنعة، أو رؤى مبتكرة".
وأضاف معاليه أن المحاور الثلاثة للمؤتمر تمثل سمات المجتمع المتحضر والسلمي والمتقدم، كما تعكس النموذج الذي نطمح إليه في العلاقات الدولية، لذا فإن احتضان التنوع والنظر إلى جميع البشر على أنهم إخوة وأخوات يمكن الناس في كل مكان من العيش بكرامة، والمساهمة في الازدهار الاقتصادي لمجتمعاتهم، والعيش في عالم يسوده السلام والتقدم.
وأضاف " بصفتي وزير التسامح في دولة الإمارات، فإن أملي هو أن يتمكن الجميع في كل مكان من تقدير التنوع كقوة إيجابية في مجتمعاتنا، وأن يلتزم الجميع في كل مكان، بقيم التفهم والتعاطف والتسامح والأخوة والاحترام والعمل المشترك من أجل الخير للجميع، وهذه هي الآمال والتطلعات التي تجسدها وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي، وبينما نحتفل بهذه الوثيقة التاريخية، يجب أن نحرص على أن يعم السلام والازدهار مستقبل الجميع، وليس فئة قليلة فقط، كما يجب علينا الاستمرار في تعزيز الأفكار والسياسات الجديدة لمساعدة مواطني العالم على تحقيق حياة أكثر صحة وإنتاجية، وأن نركز على بناء قدرات عالمية تساعدنا جميعًا في مواجهة تحديات القرن 21".
وجدد معاليه دعوته للجميع لكي يتأملوا النموذج الناجح الذي تمثله الإمارات في بناء مجتمع متنوع وناجح، مؤكدا أن السلام والتقدم في الإمارات قد ترسخا بفضل مشاركة الجميع، وأن مبدأ المسؤولية الجماعية لا يزال يشكل أساس نجاحنا في الحاضر والمستقبل، لافتا إلى أن هذا الوطن محظوظ بأن يكون لدينا قادة حكماء وذوو رؤية ثاقبة، كما هو الحال مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” وحكومتنا الرشيدة.
وأوضح معاليه إن إعلان رئيس الدولة هذا العام على أنه عام المجتمع هو اعتراف بنجاحنا وتقدمنا، وبأن تراثنا الوطني لا يستند فقط إلى القيم الإسلامية الراسخة والتقاليد العربية العريقة، بل أيضًا إلى الطاقة الإبداعية لشعبنا، الملتزم بالتقدم الاقتصادي والتكنولوجي، حيث تعلمنا أن الجهود والأفكار الإبداعية تساهم في بناء اقتصاد قوي ومستدام، وأن التنمية لا يمكن استيرادها، بل يجب أن تنبع من خلال شعب متعلم ومتفانٍ لمستقبل وطنه، وقادر على المنافسة في السوق العالمية، وأن التعاون الإقليمي والدولي ضروري لنمو المعرفة ولمعالجة التحديات الوطنية والعالمية.
وفي ختام أعمال المائدة المستديرة أشاد المشاركون بالمؤتمر، وبأعمال المائدة المستديرة بالنداء العالمي للعمل المشترك للتحالف الدولي للتسامح من أبوظبي، مطالبين بأهمية التذكير به والتأكيد على أهميته.
ويطالب النداء كافة المشاركين بالتحالف العالمي للتسامح إلى الالتزام بعدة قواعد أهمها، الاحتفاء بما تحقق بالفعل في مجال تعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك، في حدود مجال نفوذنا، ودعوة قادة الأديان العالمية إلى تأكيد معتقداتهم المميزة وفي الوقت نفسه السعي إلى الأخوة والمصالحة من خلال مباركة ومشاركة الحياة مع بعضهم البعض وتعزيز الروح الحقيقية "لوثيقة الأخوة الإنسانية".
كما طالب النداء الجميع بالنظر إلى أرضيتنا المشتركة، التي نتقاسمها جميعا ونعيش عليها، ويجب أن تتضمن كل خطة واستراتيجية وتعهد مكونا بيئيا يحافظ على نظامنا البيئي الثمين ويخدمه ويعززه، ودعا النداء كذلك إلى دعم الابتكار من خلال رعاية وتعزيز البرامج العملية القائمة على وضع حلولاً ناجعة للقضايا المحلية والعالمية ،واستغلال القدرات الإبداعية والحماسية لجيل الشباب بهدف سماع صوتهم، والاستفادة من فطنتهم، ودعم وتأييد ما يضعونه من حلول واقعية، وتكريم ذوي القدرات العقلية والبدنية المختلفة، وتشجيعهم، وتنمية قدراتهم، وتحفيزها من خلال الأنشطة، والتوظيف وإدماجهم في المجتمع، قدر استطاعتهم، من خلال الرياضة والتعليم والفنون.
كما تم تقسيم الشخصيات المشاركة بالمؤتمر إلى 3 فرق رئيسية لبلورة عدة أفكار وتوصيات حول الأهداف الرئيسية للمؤتمر، ومنها فريق "السلام" الذين ناقشوا "السلام والبشرية، وصياغة رؤية عالمية للوحدة والتعاون"، وفريق "الكرامة الإنسانية" الذين ناقشوا كيفية صون الكرامة الإنسانية في إطار عام للمساواة والعدالة والاحترام، وفريق "التعايش السلمي" الذي ناقش الرؤى المتنوعة حول الانسجام والتنوع ودورهما في تنمية التعايش السلمي في عالم معولم.
وأكد سعادة مقصود كروز، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، إن دولة الإمارات تمثل نموذجاً عالمياً رائداً في ترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمي؛ إذ تنطلق رؤيتنا من إرثٍ حضاري وإنساني يعزز من ثقافة الحوار والانفتاح واحترام التنوع، مشيرا إلى أن مشاركة الهيئة في المؤتمر العالمي للتسامح والأخوة الإنسانية تأتي في إطار التزامنا الراسخ بدعم المبادرات التي تعزز أسس التعايش المشترك، وتترجم مبادئ حقوق الإنسان إلى واقع ملموس، كما أننا نؤمن بأن التسامح هو نهج حياة متكامل تبنّته الإمارات قيادةً وشعباً، ليشكل ركيزة أساسية في بناء مجتمعات تنعم بالسلام والكرامة الإنسانية.
وأضاف سعادته أن الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان تعمل وفق رؤية شاملة لترسيخ التسامح كقيمة جوهرية في منظومة حقوق الإنسان، وذلك عبر تطوير السياسات والممارسات التي تدعم التعددية الثقافية، وتعزز من الحوار البناء بين الشعوب، كما أن التزامنا بهذه المبادئ هو امتداد لنهج الإمارات الراسخ في جعل التسامح والتعايش أساساً للتنمية المستدامة، وضمان مستقبل أكثر إشراقاً لأجيال المستقبل في بيئة يسودها الاحترام المتبادل والتعايش المشترك.
شارك في الطاولة المستديرة 33 من القيادات الفكرية والدينية والحائزين على نوبل.