رمضان في السودان

الإفطار في الساحات والميادين والمائدة لا تخلو من العصيدة والجروب مع التقلية واللوبيا

الإفطار في الساحات والميادين والمائدة لا تخلو من العصيدة والجروب مع التقلية واللوبيا


تنتمي السودان للدول المشهود لها بكرم الضيافة وربما هذه السمة اقترنت به لحضارته النابعة من التاريخ ووجوده على نهر النيل واهب الحياة لعدد كبير من البلدان ومن يزور السودان يجد النهر يمنحه الوفرة من خواص الزراعة بدون عناء لذلك يعتبر زراعي من الدرجة الأولى ولا ننسى سمرة بشرته الجميلة وابتسامته الشفافة ونغم الموسيقى الفولكلوري الخاص به بتعدد اللهجات وأدباءه وشعرائه الذين انتشروا بأدبهم في الدول العربية ومع فيروس كورونا استقبلوا رمضان بالبهجة والمحبة   
يروي الإعلامي عبد الدين سلامة بأن السودان كغيره من دول العالم الإسلامي يستقبل رمضان كل عام بنكهة استثنائية يمتزج فيها السمو الروحي بالسمو السلوكي الذي أصبح سمة عامة تشكل ملامح الشهر فالجرعة الدينية ترتفع معدلاتها من خلال  صلوات التراويح والقيام وازدهار مجالس العلم في كل مكان وكذلك التقارب في قراءة وختم القرآن الكريم وغير ذلك من مظاهر السمو الروحي التي تمتد إلى صلة الأرحام والتواصل مع المقربين والأصدقاء
من الناحية السلوكية فأن رمضان يتميز بأقطار كل مجموعة بيوت متقاربة أمام إحدى البيوت المطلة على الشارع العام أو إحدى الساحات أو الميادين العامة حيث يشارك كل بيت ما عنده من المأكولات ويجتمع الرجال الفطور في مكان واحد واضح وسهل الوصول لكل من يمر على الطريق وذلك للترحيب بمن يمر عليهم وقت الفطار وهذا الأسلوب الراقي يؤصل لمفهوم الكرم في أبسط صوره، كما يتعمد الناس أن يكون موقع الإفطار استراتيجيا يطل على قدر أكبر من الشوارع فمتعة التجمع تكمن في الكم الذي يأتي به الطريق لسبب أو لأخر لذلك نجد أن الصائم السوداني لا يقلق ابدا من ناحية الإفطار ومهما تعذرت الظروف بل وفي كثير من الأحيان يقطع الناس الطريق على السيارات والحافلات الممتلئة بالركاب والالحاح عليهم بالإفطار قبل مواصلة السير
وتتباري المنازل في إخراج الجيد الكثير المبتكر من مكونات الإفطار ومن أهمها الحلو الذي يتخذ مسميات مختلفة في مختلف مناطق السودان وهو مشروب اساسي مرتبط برمضان تتم صناعته عادة بصورة جماعية في رجب حيث يتم زراعة بعض الحبوب الغذائية ومن ثم طحنها مع مجموعة من البهارات وعجنها وتسويتها بطريقة خاصة كانت نساء الحي في السابق يجتمعون كل مرة لمساعدة إحداهن في التصنيع ولهن في ذلك طقوسهن المميزة
وتبقى العصيدة بملاح النعيمي أو الجروب أو التقلية واللوبيا وغيرها وكلها عبارة عن مرق متفاوت السيولة يصنع من النباتات الطبيعية إضافة للقراصة التي تمثل إحدى أشكال الخبز الشعبي، وبجانب الحلو توجد مشروبات أخرى يتميز بها رمضان وهي التمر هندي أو الغريب كما يطلق عليه هناك والتبلدي والقصيم وغيرها من خيرات الطبيعة المرتبطة بعطا الأرض ومنها اللوبيا العدسة والخليل الذي هو الحبوب قبل نضجها وغيرها فالعادات الرمضانية للأطعمة السودانية حتى وإن طالها بعض التحديث الا انها ارتبطت بالإنتاج الزراعي للأرض
ويضيف المهندس سامي الفاضل قائلا على الصعيد الديني وبحكم  التكوينية الصوفية والتنوع العرقي تزدهر الليالي والحلويات ويكثر التكافل والتراحم وتعم الحياة مسحة ملائكية محببة، وفي المساء بجانب المجالس الدينية تزدهر المجالس الفكرية والثقافية والأدبية ويتغير شكل الحياة الاجتماعية تماما، فالحديث عن رمضان السودان يطول وحصر مظاهره صعب ولكنه يظل من أميز الشهور في نكهته والشي الوحيد الذي يتفق في حبه كل السودانيين، لكن مع انتشار كورونا واتخاذ التدابير الاحترازية تراجعت حفلات السمر التى كان السوداني يمارسها في الليالي وغلق المساجد قهر القلوب وابكى العيون وأذرف منها الدموع فرمضان ارتبط بصلاة التراويح والقيام والتعلق بروحانياته التى ينتظرها الجميع غير المسحراتي الذي استبدله برنات الهاتف للاستيقاظ اثناء السحور واكتفى السوداني أن يمارس الطقوس الأسرية ويصلي مع أهله بالمنزل ويقيم الشعائر والعلاقات الأسرية في مشاهدة الدراما ولعب الورق وغيرها من التسالي الموروثة بين أفراد المجتمع السوداني