رئيس الدولة ونائباه يعزون خادم الحرمين بوفاة الأميرة جواهر بنت بندر بن محمد
الانتخابات الرئاسية الأمريكية... تجسيد لانقسام سياسي مستفحل
كشفت الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، بلوغ الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة مستويات مُقلقة، وبرهنت على أن الكره المتبادل بين الديموقراطيين والجمهوريين، أكبر من حبهم لحزبيهما، رغم أن الاختلافات بينهما ليست مثيرة إلى هذا الحد.
وسلط الكاتب بول راتنر، في تقرير نشره موقع “بيغ ثينك”، الضوء على خُلاصة دراسة جديدة لإيلي فينكل، أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة نورث وسترن، وأكدا أن القول إن الانتخابات الحالية عصيبة ومُثيرة للانقسام “تبسيط مُخِل” إذ بلغ التوتر في أمريكا حده الأقصى، وباتت الولايات المتحدة مستعدة للانفجار بصرف النظر عمن سيكون الفائز بالرئاسة.
وأشار إلى أن الدراسة الجديدة تُظهر حجم السوء الذي وصلته الأوضاع، إذ بلغ الحقد على الحزب المُعارض الآن درجة تفوق الحب الذي قد يكنه أي مؤيد لحزبه، و بعبارة أخرى، أصبح الأمريكيون يكرهون أبناء وطنهم الذين يُعارضونهم سياسياً، أكثر من اكتراثهم لحزبهم.
وتساءل الكاتب: “هل هذه وصفة لكارثة؟».
مخاطر
تصف دراسة فينكل المواقف السياسية في البلاد بـ “طائفية سياسية”، وتربطها بالحماسة الدينية. كما تُظهِر أن الهوية السياسية عند كثيرين أصبحت هويتهم الأساسية.
وأشار رانتر إلى أن المؤلف الرئيس للدراسة إيلي فينكل، وصف مخاطر الموقف، قائلاً إن “الوضع الحالي للطائفية السياسية ينتج تحيزاً وتمييزاً وتشويهاً معرفياً، ما يُقوِض قدرة الحكومة على أداء وظائفها الأساسية المُتمثلة في تمثيل الشعب، وحلّ مشاكل الأمة”، مضيفاً أن هذا الوضع “يجعل الناس أكثر استعداداً لدعم المُرشحين الذين يقوضون الديموقراطية ويُفضلون العنف لدعم أهدافهم السياسية».
3 أسباب للطائفية السياسية
وحدّد مؤلفو الدراسة ثلاثة أسباب سلوكية، أدَت إلى الطائفية السياسية، هي “الغيرية” أي رؤية الجانب الآخر مختلفاً.
والثانية “الكراهية” أي النظر إلى الجانب الآخر غير المحبوب.
والثالثة هي “التفسير الأخلاقي” أي اعتبار أن الطرف الآخر عديم الأخلاق.
ووجد العلماء أنه في حين احت فظ الناس بمشاعرهم الإيجابية والدافئة تجاه أنصارهم الحزبيين، تحوَلت المشاعر السائدة تجاه الحزب الآخر، إلى كراهية صريحة.
ويعتقد المؤلف المُشارك في الدراسة جيمس دروكمان، أستاذ العلوم السياسية في نورث ويسترن، أن الأمور أصبحت أسوأ بكثير في العقد الماضي، إلا أنه “لا توجد إشارة على أننا وصلنا إلى الحضيض». وأوضح دروكمان أنه “بقدر اختلاف الأحزاب عن بعضها، فإن أنصار الأحزاب يتصورون وجود اختلافات أكبر، معتقدين على سبيل المثال أن الحزب الآخر عدائي، ومتطرف أيديولوجياً”، وأن “تصحيح هذه الأنماط من المفاهيم الخطأ قد يُبطل الطائفية جزئياً».
وأشار رانتر إلى أن هذا الاستنتاج غير مفاجئ للذين يتابعون الانتخابات في الولايات المتحدة، إذ يُسارع أنصار الأحزاب إلى توجيه الانتقادات اللاذعة للمختلفين معهم، ويُطلقون عليهم الاتهامات التي لا أساس لها والإساءات الشخصية، ويلغون صداقتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وينهرُونهم في الشوارع. وسأل: “ألم نتخط حقبة العنف واسع الانتشار منذ زمن بعيد؟».
طائفية سياسية
ونوّه الكاتب إلى أن مؤلفي الدراسة حدَدوا أسباباً لتنامي الطائفية السياسية، أبرزها، “اصطفاف الهوية” الذي فَصَل الانتماء السياسي على أساس “هوية ضخمة” تنبع من الاختلافات العرقية، والدينية، والتربوية، والجغرافية.
وثانيا، بروز وسائل الإعلام الحزبية، مع انقسام المتابعين سياسياً بناء على متابعتهم لشبكات الإعلام المُحافظة مثل شبكة “فوكس نيوز” أو “بريت بارت” أو شبكة “وان أمريكا نيوز” في مقابل شبكة “سي إن إن” أو “إم إس إن بي سي” ذات الميول الليبرالية.
وثالثاً “الاستقطاب الأيديولوجي النُخبوِي”، إذ يسعى الحزبان لإرضاء الغُلاة الذين يُعدُون أكثر تطرفاً من الناحية الإيديولوجية.
وتساءل رانتر: “كيف نُوقف انتشار المرارة والغضب اللذين يُعرِضان الديموقراطية ومصير الولايات المتحدة للخطر؟»
الحوار مع الآخر
رأى رانتر أن من غير المستغرب أن يشجِع الباحثون الحوار مع الآخر، والعمل على تصحيح المفاهيم الخطأ عن المعارضين لتوجّهاتهم السياسية.
وأوضح فينكل “إذا كانت الخلافات بين الديموقراطيين والجمهوريين متطرفة كما يعتقد الأمريكيون، فإن ذلك يُمكن أن يُساعد في تفسير الإزدراء المتبادل بينهما، ولكن هذه الاختلافات موجودة في أذهان الناس أكثر مما هي حقيقية على أرض الواقع.
هناك أرضية مُشتركة بين الطرفين، لكن الأمريكيين يرونها بصعوبة».
واقترح الباحثون أيضاً تدابير أخرى، مثل تعديل خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، لمنع انتشار المعلومات الزائفة، وتحفيز السياسة على التواصل مع مجموعة أوسع من الأمريكيين، وتأسيس إصلاحات مالية للحملات الانتخابية، ومنع تقسيم المناطق الانتخابية إلى مصالح حزبية.