محمد بن زايد وسام موستين يؤكدان أهمية استقرار المنطقة وحل النزاعات في العالم بالحوار
البابا والسيستاني يوجهان نداء من أجل السلام
بعد دعوته من بغداد الى الاستماع إلى “من يصنع السلام”، التقى البابا فرنسيس أمس السبت في اليوم الثاني من زيارته التاريخية الى العراق، في النجف المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني الذي أعلن “اهتمامه” بـ”أمن وسلام” المسيحيين العراقيين.
وبعد النجف التي شكّل اللقاء فيها مع السيستاني أبرز محطات زيارة الحبر الأعظم، حطّ البابا فرنسيس في أور، الموقع الرمزي من الناحية الروحية، حيث ندد في خطاب بـ”الإرهاب الذي يسيء إلى الدين».
وقال البابا في خطابه الذي سبق صلاةً مع ممثلين عن الشيعة والسنة والأيزيديين والصابئة والكاكائيين والزرداشتيين “لا يصدر العداء والتطرف والعنف من نفس متدينة: بل هذه كلها خيانة للدين».
وأضاف “نحن المؤمنين، لا يمكن أن نصمت عندما يسيء الإرهاب للدين. بل واجب علينا إزالة سوء الفهم”، وذلك بعد حوالى أربع سنوات من دحر تنظيم داعش الإرهابي الذي سيطر بين 2014 و2017 على أجزاء واسعة من العراق وزرع الرعب والدمار. وشكّلت زيارة أور، الموقع الأثري في جنوب العراق الذي يعتقد أنه مكان مولد النبي ابراهيم، أبو الديانات السماوية، حلماً للبابا الأسبق يوحنا بولس الثاني في عام 2000، قبل أن يمنع الرئيس حينها صدام حسين الزيارة.
قبل ذلك، التقى الزعيم الروحي لـ1,3 مليار مسيحي في العالم المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني الذي يعدّ أعلى سلطة روحية بالنسبة للعديد من الـ200 مليون شيعي في العالم. وفي اللقاء المغلق الذي دام نحو ساعة، أكّد السيستاني على “اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام”، بحسب بيان صدر عن مكتبه بعد الاجتماع.
وشدّد السيستاني خلال اللقاء الذي بدأ نحو الساعة التاسعة في منزله وانتهى بعد خمسين دقيقة، على ضرورة أن يتمتع المسيحيون “بكامل حقوقهم الدستورية».
وبحسب بيان صادر عن الفاتيكان، كان اللقاء “فرصة للبابا لتقديم الشكر إلى آية الله العظمى السيستاني لأنه رفع صوته مع الطائفة الشيعية في مواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، دفاعا عن الأضعف والأكثر اضطهادا».
وأدت سنوات من العنف والاضطهاد إلى تراجع عدد المسيحيين في العراق من 1,5 مليون في 2003 إلى 400 ألف فقط اليوم. ويقول المسيحيون في العراق الذين يتفرعون إلى آشوريين وكلدان وسريان، إنهم يتعرضون للتهميش والتمييز في هذا البلد الذي لم يعرف منذ 40 عاماً على الأقل استقراراً سياسياً وأمنياً. ويشكون من عدم الحصول على مساعدة من الحكومة لاستعادة منازل لهم وممتلكات صودرت خلال النزاع على أيدي مجموعات مسلحة نافذة. ومنذ وصوله الجمعة إلى بغداد، تطرق البابا إلى كل المواضيع الحساسة والقضايا التي يعاني منها العراق وليس المسيحيين فقط.
وقال خلال لقائه الرئيس برهم صالح “ لتصمت الأسلحة! ولنضع حدا لانتشارها هنا وفي كل مكان!». وفي إشارة الى المسيحيين الذين يشكلون واحدا في المئة من السكان، شدّد البابا الجمعة على ضرورة “ضمان مشاركة جميع الفئات السياسية والاجتماعية والدينية، وأن نؤمن الحقوق الأساسية لجميع المواطنين”، قائلا “يجب ألا يعتبر أحد مواطنا من الدرجة الثانية».
وسمى الأيزيديين “الضَّحايا الأبرياء للهجمية المتهورة وعديمة الإنسانية، فقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الديني وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر».
وتعرض الأيزيديون للقتل والخطف والسبي والعبودية والاضطهاد خلال سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على أجزاء واسعة من العراق بين 2014 و2017.وارتكب تنظيم داعش انتهاكات في سوريا المجاورة أيضاً التي ذكرها البابا في خطبه الجمعة والسبت.
وقال السبت “السلام ليس فيه غالبون ومغلوبون، بل إخوة وأخوات، يسيرون من الصراع إلى الوحدة”، مضيفاً “لنصلّ ولنطلب هذا السلام لكلّ الشرق الأوسط، وأفكّر بشكل خاص في سوريا المجاورة المعذّبة». وكان البابا ذكر الجمعة في كلمة أمام المسؤولين في بغداد أيضاً سوريا حيث تحوّلت انتفاضة شعبية إلى حرب لا تزال مستمرةً منذ 10 سنوات، راح ضحيتها أكثر من 387 ألف شخص.
كما دعا أيضاً من أور إلى “احترام حرية الضمير والحرية الدينية والاعتراف بها في كل مكان”، مضيفاً “إنها حقوق أساسية، لأنها تجعل الإنسان حراً للتأمل في السماء التي خلق لها”، في نداء مماثل للذي أطلقه خلال زيارته إلى المغرب قبل نحو عامين. وتغيب بسبب التدابير الوقائية من وباء كوفيد-19، الحشود التي اعتادت ملاقاة البابا في كل زياراته، مع استثناء خلال القداس الذي سيحييه اليوم الأحد في الهواء الطلق في إربيل في كردستان بحضور نحو أربعة آلاف شخص حجزوا أماكنهم مسبقا للمشاركة فيه، علما أن المكان يتسع لعشرين ألفا.
واحتفل البابا عصر أمس السبت بقداس في كاتدرائية مار يوسف للكلدان في حي الكرادة في وسط العاصمة العراقية حيث وضعت سواتر من إسمنت ونشرت قوات خاصة لحماية المكان. وتجري زيارة البابا وسط إجراءات أمنية مشددة.