رئيس الدولة ورئيس أوزبكستان يبحثان علاقات البلدين وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية
البحر الأسود مساحة للتنافس لا للنزاع بين أمريكا وروسيا والصين
دخلت الولايات المتحدة مرحلة من التنافس مع القوى الكبرى، ولكنها لم تصل إلى مرحلة نزاع يجب الابتعاد عنها في الوقت الذي تتنافس فيه بفعالية ضد النفوذين الروسي والصيني.
هذا الكلام الذي أطلقه رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك مولي أمام معهد بروكينغز في 2 ديسمبر “كانون الأول” الجاري، استند إليه الكاتبان فيليب بريدلوف ومايكل أوهانلون في مقال نشراه بموقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي لإبراز أهمية منطقة البحر الأسود. وقال الكاتبان إن أمريكيين كثراً يعتبرون مناطق أوروبا الشرقية، بالقرب من روسيا، بعيدة جداً ويصعب التعامل معها. وفي ذلك الجزء من العالم ثمة دول، كبيرة وصغيرة، لا يرد ذكرها عموماً في وسائل الإعلام الأمريكية ولا يتردد عليها السياح الأمريكيون. ومن أجل إضفاء معنى على معظم هذه المنطقة البعيدة، قد يكون مفيداً تصور مفهوم يركز على البحر الأسود وجعله نقطة مرجعية أساسية لمعظم المنطقة. وهذا لا يسساعد فقط على فهم ما يمكن أن تفعله روسيا قرب حدودها فقط، بل يسلط الضوء على النشاط الصيني، وما يستدعيه من رد أمريكي.
أوكرانيا وتركيا وروسيا
ولفت الكاتبان إلى أنه يمكن النظر إلى البحر الأسود من ثلاثة ركائز كبرى-أوكرانيا إلى الشمال، وتركيا إلى الجنوب، وروسيا إلى الشمال الشرقي. ثم هناك ثلاث دول على جانبي هذه المنطقة-رومانيا وبلغاريا ومولدوفا إلى اليسار أو الغرب، وجورجيا أرمينيا وأذربيجان إلى الشرق. ومعلوم أن تركيا ورومانيا وبلغاريا هي دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي إلى جانب أمريكا والأعضاء الـ26 الآخرين في الحلف (مما يؤلف كتلة كبيرة من 30 دولة)، تربطها معاهدة دفاع مشترك. وعلى رغم ان أوكرانيا ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي، فإن الولايات المتحدة تعهدت (إلى جانب روسيا) عام 1994 بحماية أمنها-ولذلك يثير العدوان الروسي ضد أوكرانيا منذ عام 2014 ، قلقاً شديداً. ولا يعني هذا أن على أمريكا الاستعداد للحرب ضد الصين وروسيا في منطقة البحر الأسود. فالبحر بعيد عن السواحل الصينية، بينما تثير الصين قلقاً عسكرياً في غرب منطقة المحيط الهادئ.
القروض الصينية
وفي الواقع، لا تشكل الصين في الكثير من مناطق العالم، تهديداً عسكرياً مباشراً، بينما هي تتحدى المصالح الأمريكية في حقول الاقتصاد والتكنولوجيا والتجسس.
وتقدم الصين قروضاً، عبر مبادرة الحزام والطريق، للكثير من الدول، وبينها دول البحر الأسود. ويأتي المال الصيني مترافقاً مع قيود. ويتعين على أمريكا أن تساعد الدول الإقليمية على فهم ذلك، بحيث تقبل القروض وأعينها مفتوحة.
وتقدم الصين التكنولوجيا بهدف مراقبة السكان، أي أن سكان منطقة البحر الأسود سيكونون خاضعين للرقابة في حال وافقوا على شراء التكنولوجيا الصينية، وحتى من شركات خاصة مثل الجيل الخامس من الهواتف الذكية. كما أن الصين تركز اهتمامها على قطاعات في هذه الدول ذات طبيعة أمنية. وعموماً، فإن البنى التحتية الصينية تأتي مترافقة مع مصالح تعتمد على سيطرة بعيدة المدى. وفي حال تخلفت الدول عن سداد القروض، فإن الصين تتملك المشاريع التي نفذتها.
وباختصار، على أمريكا أن تكون حاضرة. ويتعين عليها أن تكون جزءاً من قيادة المنطقة.
والاتحاد الأوروبي والناتو مهمان على صعيد استكمال الديبلوماســـــية الأمريكية، ويجب على إدارة الرئيس الأمريكي المقبل جـــــو بايدن أن تعتبــــر البحر الأسود منطقة مهمة، وأن تركز على انخــــراط ديبلوماسي واقتصادي.
والأخبار الجيدة هي أنه من غير الضروري أن تكون الحرب جزءاً من مستقبل البحر الأسود. إن الدعم العسكري مهم، لكنه ليس سوى أداة من أدوات الانخراط في هذه المنطقة الحيوية.