يمكن أن يظهر نظام جديد يوالي الغرب بصورة أكبر
التاريخ يعيد نفسه في حرب روسيا على أوكرانيا...كيف تنتهي؟
اشتعلت الحرب الروسية الأوكرانية مرة أخرى مع الهجمات الصاروخية، وبالطائرات دون طيار الروسية الأخيرة على البنية التحتية المدنية في كييف ومناطق أخرى بينما يستمر الهجوم المضاد الأوكراني في خيرسون الجنوبية، ما دفع السلطات الروسية إلى إجلاء السكان منها.
وحسب الكاتب الياباني يويتشي فوناباشي، في صحيفة “جابان تايمز” في نسخة مترجمة بمجلة “بونجي شونغو” الشهرية، يبدو أن نقطة التحول، كانت استعادة أوكرانيا لخاركيف أوبلاست هذا الصيف، حيث يمكن تشبيه ذلك، قياساً على الحرب العالمية الثانية، بهزيمة اليابان القاتلة في معركة ميدواي في 1942.
في الواقع، تبدو أصداء التاريخ واضحة في كل منعطف من الصراع الجاري في أوكرانيا، وفق الكاتب.
في خطاب على الإنترنت أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في مايو (أيار)، قال مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر: “من الناحية المثالية، يجب أن يكون الخط الفاصل بين أوكرانيا وروسيا، العودة إلى الوضع السابق».
يمكن فهم كلمات كيسنجر على أنها تحذير لأوكرانيا: “لا تخططوا لاستعادة شبه جزيرة القرم».
أثارت كلمات كيسنجر رداً فورياً من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي قال ساخراً: “يبدو أن تقويم كيسنجر ليس عام 2022، بل 1938».
كان 1938، عام الذي التقى فيه رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين ونظيره الفرنسي، إدوارد دالاديي، بأدولف هتلر في ميونيخ، واتفقا في النهاية على ضم ألمانيا للسوديت. كانت وجهة نظر زيلينسكي أن أي سياسة استرضاء لروسيا بوتين ستكون ميونيخ أخرى.
وقال يويتشي فوناباشي، وهو رئيس تحرير سابق لصحيفة “أساهي شيمبون” اليابانية الشهيرة: “يذكرنا الغزو الروسي لأوكرانيا أيضاً بغزو الاتحاد السوفيتي في نوفمبر(تشرين الثاني) 1939 لفنلندا المحايدة، حيث قوبلت القوات السوفيتية بمقاومة بطولية وانتهى الصراع في النهاية بمعاهدة سلام. في فنلندا، يشار إلى هذه الحلقة بحرب الشتاء. ربما تدخل الحرب في أوكرانيا الآن لحظة “حرب الشتاء».
في الواقع، يقول الكاتب: “من المحتمل أن تواجه روسيا سيناريو أكثر خطورة لحظة تذكر بالحرب الروسية اليابانية 1904-1905. ويذكرنا غرق موسكفا، البارجة الرئيسية في أسطول البحر الأسود الروسي، بصواريخ أوكرانية في أبريل (نيسان) الماضي، بتدمير أسطول بحر البلطيق الإمبراطوري الروسي في تلك الحرب. أدى انتصار اليابان إلى انهيار الحكومة الإمبريالية في روسيا».
الأسلحة النووية التكتيكية
ومع ذلك، كلما زادت محاصرة روسيا، زاد احتمال الخضوع لإغراء استخدام الأسلحة النووية التكتيكية. إذا تصاعدت الحرب إلى الدرجة التي تفكر فيها روسيا باللجوء إلى الخيار النووي، فإن اللحظة التاريخية المرجعية ستكون أزمة الصواريخ الكوبية في 1962.
في الواقع، يصف تشارلز كوبشان، الباحث في العلاقات الدولية، الحرب في أوكرانيا بـ “أخطر لحظة جيوسياسية منذ أزمة الصواريخ الكوبية».
علاوة على ذلك، تغذي الحرب تشكيل كتلة صينية روسية مناهضة للولايات المتحدة. في قمة سمرقند الأوزبكية بسبتمبر(أيلول)، كانت كلمات بوتين الأولى للرئيس الصيني شي جين بينغ عبارة عن تأكيدات متواضعة بأنه “يتفهم أسئلة الصين ومخاوفها” من الحرب في أوكرانيا.
تمكن شي من كبح قلقه، والانتقادات الموجهة إليه لموقفه الإيجابي من روسيا وأعطى العالم الخارجي الانطباع بأن الصين تبتعد عن الحرب الروسية.
وحسب الكاتب، لن يتخلى شي عن بوتين وسط المواجهة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين.
ستظهر كتلة استبدادية صينية روسية بينما يتجذر اعتماد روسيا الاقتصادي على الصين وتعيق الصين تقرب روسيا من الغرب.
قصة مختلفة
ومع ذلك، يقول الكاتب، ستكون لدينا قصة مختلفة إذا انسحبت القوات الروسية بالكامل من أوكرانيا. قد يؤدي ذلك إلى سقوط بوتين وزعزعة استقرار روسيا.
ويمكن أن يظهر نظام جديد يوالي الغرب بصورة أكبر في روسيا رغم أن ذلك لا يبدو مرجحاً، وفق الكاتب، في الوقت الراهن. وإذا حدث، فقد تنتج عنه لحظة 1972 في الاتجاه المعاكس.
أدت زيارة نيكسون للصين في 1972 إلى تطور علاقات أكثر دفئا بين الولايات المتحدة والصين لاحتواء الاتحاد السوفيتي، وفي سيناريو في المستقبل، يمكن لروسيا والولايات المتحدة إقامة علاقات أوثق لاحتواء الصين.
منذ بداية الحرب، ظلت الولايات المتحدة ودول أخرى تفرض عقوبات على روسيا وتراقب الصين عن كثب للتأكد من أنها لا تصدر أشباه موصلات أو طائرات دون طيار أو غيرها من المنتجات والمكونات والمواد الخام الاستراتيجية إلى روسيا.
واوضح الكاتب أن قلق الصين يزيد بسبب العقوبات التي لا هوادة فيها على نحو متزايد والتضييق الصارم على الشركات الصينية نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية.
وكتب الباحث في العلاقات الدولية ديل كوبلاند يقول: “يشكك المسؤولون الصينيون في أن الولايات المتحدة قد تتخذ خطوات لقطع وصول الصينيين إلى أشباه الموصلات التايوانية كما حدث بالضبط في 1941 مع حظر النفط الأمريكي».
واختم الكاتب مقاله بالقول: “كلما كان الهدف أكثر حيوية، زاد احتمال أن تؤدي العقوبات إلى الحرب. يجب أن نتذكر أن لحظة 1941، مثال مأساوي لما يحدث عندما تفشل العقوبات الاقتصادية».