شارك جناح المملكة العربية السعودية بالقرية العالمية بدبي يوم 22 من شهر فبراير الماضي شعب المملكة ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى الذي يوافق يوم 22 فبراير من كل عام والذي أصدر في يوم 27 يناير 2022 الماضي الملك سلمان بن عبد العزيز أمراً ملكياً بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم يوم التأسيس ويصبح إجازة رسمية.. ويوافق هذا اليوم تاريخ 30 جمادى الأولى من عام 1139هـ بناءً على ما استنتجه المؤرخون وفقاً لمعطيات تاريخية حدثت خلال تلك الفترة وشهدت تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية والعديد من الإنجازات في عهده. وشارك العارضات والعارضون السعوديون أهل المملكة بإرتداء ملابس وحلي تلك المرحلة. 

وقد يبدو من المعروف للكثيرين ممّن يقطنون الشرق الأوسط سبب تسمية السعودية بهذا الاسم فهي تحمل اسم عائلة الملك المؤسس.. لكن ماذا عن تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية ومتى تأسست المملكة التي عبرّت عبر السنين بأطوار تاريخية متعدّدة وتخللتها أحداث ساهمت في رسم الجغرافيا السياسية للمملكة.. لهذا نعرض هنا كل معلومات عن تأسيس الدولة السعودية الأولى وأيضا عن تأسيس الملك الراحل عبد العزيز آل سعود للمملكة العربية السعدية, ومقتطفات عن الزي السعودي في الدولة السعودية الأولى. 

 

بداية تأسيس المملكة السعودية الأولى:

تبدأ حكاية تأسيس المملكة لزمن تأسيس إمارة الدرعية وامتداداتها اللاحقة وقبل تأسيس المملكة العربية السعودية وإمارة الدرعية التي سكنت أسرة ربيعة بن مانع فيها إلى أن ظهر سعود بن محمد بن مقرن عام 1132 هجري ليتولّى بعده الأمير محمد بن سعود الذي بات يلقّب فيما بعد بالإمام عام 1139 هجري الموافق لعام 1725 ميلادي ليقود البلاد إلى مرحلة جديدة حيث نجح في تدشين أساسات دولة واسعة النفوذ.. وفي أعقاب تأسيس الإمارة نجح الإمام محمد بن سعود في وضع بذور الدولة الأولى مستغلّاً علاقاته الوثيقة مع القبائل المجاورة وحفاظه على الاستقرار والأمن فيها حتى أصبحت كياناً مستقلّاً بذاته ذا قوّة وعلاقات مع الحواضر والقبائل على حد سواء.

تأسست الدولة السعودية الأولى في الدرعية تتويجاً لجهود الأمير محمد بن سعود لتصبح بذلك النواة الصلبة الأولى لما سيمتد لاحقاً ويصبح المملكة العربية السعودية على أرض الحجاز التاريخية.. وظهر الكثير من العلماء وازدهرت المعارف والعلوم في عهد الدولة السعودية الأولى وأصبحت الدولة السعودية الأولى تتمتّع بنفوذ ومكانة سياسية مرموقة بين جوارها في شبه جزيرة العرب, وباتت رقعتها الجغرافية تتّسع أكثر فأكثر إلى أن انتهت بهدم الدرعية وسقوط الدولة السعودية الأولى على يد العثمانيين وزوال العديد من البلدان في أرجاء ما كان يعرف بالدولة السعودية من الخارطة.

بالرغم من الخراب الذي حلّ بالدرعية وباقي المناطق الملتحقة بها فإن بذرة الدولة السعودية الأولى لم توؤد بعد إذ بقي السكّان والأهالي موالين لأسرة آل سعود التي أسست الدولة السعودية الأولى, فلم يمض عامان فقط على سقوط الدولة السعودية الأولى حتى عاد قادة آل سعود مجدداً للساحة وأتت محاولة الإمام مشاري بن سعود لإعادة الحكم السعودي في الدرعية لكنها محاولة لم تدم سوى لبضعة أشهر لتتكلّل المحاولة الثانية بالنجاح والإعلان مجدداً عن تأسيس الدولة السعودية الثانية وعاصمتها الرياض.  واصلت الدولة السعودية في نسختها الثانية على ذات درب سابقتها الأولى من حيث استمداد الشرعية من تطبيق الشريعة الإسلامية وترسيخ الأمن والاستقرار في المناطق الواقعة تحت سيطرتها,  لكن المحاولة الثانية لترسيخ الحكم أخفقت مجدداً على إثر الخلافات الناشبة بين أبناء الإمام فيصل بن تركي وسيطرة محمد بن رشيد حاكم حائل عليها.
 

تأسيس المملكة العربية السعودية: 

أعاد الملك المؤسس الكرّة ثالثة في استرداد تجربة حكم آل سعود ونجح عبد العزيز آل سعود في استعادة الرياض ليبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي.. ويعتبر هذا الحدث الذي تم بتاريخ الخامس عشر من يناير 1902 ذروة مفصلية في التاريخ السعودي المعاصر, ومنه ابتدأ فعلياً تاريخ تأسيس السعودية إذ تلى ذلك توحيد وضم أجزاء عديدة من شبه الجزيرة العربية.. ولا شكّ أن شخصية الملك الراحل عبد العزيز قد اشتملت على صفات قيادية فريدة أسعفته في تحقيق حلم إعادة تأسيس المملكة العربية السعودية وضم مساحات شاسعة حولها, وعرف عنه حبه للفروسية وجود كرمه وعدم حقده على أحد حتى ولو ناصبه العداء وقدرة على تحويل خصومه لأصدقاء.. ولعل حادثة استرداد الرياض بعد سقوط الدولتين الأولى والثانية خير دليل على حنكته وحسن التدبير لديه.. وتلى استرداد الرياض ضم المزيد من المدن والمناطق تحت الراية السعودية وشملت جنوب نجد وسدير والقصيم والأحساء وعسير وحائل.. وفي التاسع عشر من شهر سبتمبر من عام 1932 صدر إعلان ملكي عن توحيد البلاد تحت مسمى المملكة العربية السعودية.

 

الملابس التقليدية في الدولة السعودية الأولى:

الملابس التقليدية السعودية وقت تأسيس الدولة السعودية الأولى كانت تتصف بالعديد من المميزات الفريدة التي سار بعضها للآن والبعض الآخر اندثر مع الوقت, ولكن مما لا شك فيه أن الأزياء التقليدية السعودية في تلك الفترة التي ترجع ليوم التأسيس أو يوم البداية هي تراث في القلوب لا يمكن أن ينسى بل ويعتز به في أي وقت واي مكان.  ومن الرائع أن زيادة تلك الأزياء التقليدية الخاصة بحقبة التأسيس حفاوة عند إعادة تذكر تراث الأجداد واسترجاع ذكريات تلك الألبسة بشكل أو بآخر خاصة إذا كان هناك مناسبة مهمة مثل الاحتفال بيوم التأسيس السعودي فتكون تلك أنسب فرصة لإعادة إحياء تلك الملابس التقليدية السعودية وقت التأسيس من جديد.. كانت الملابس التقليدية في فترة بداية تأسيس الدولة السعودية الأولى عبارة عن عقال وشماخ وغترة ودقلة والبرقع والشيلة ومقطع حزام مودن وخنجر وبشت وكرتة وشنكة ومحزم بخنق ومحوثل وصمادة وجبة وسدرة وشبلة نشل وسديري وثوب مسدح.. كل تلك الأزياء كانت تكمل الزي السعودي التقليدي الموروث سواء للرجال أو للنساء فبعض من تلك القطع من الأزياء يتم ارتدائها مع بعض ليكمل بعضها الآخر فهذا رداؤء يوم التأسيس وهو رداء العزة وملبس الأصالة.

 

الأزياء النسائية..

 الملابس التقليدية وقت تأسيس الدولة السعودية الأولى للنساء تنوعت واختلفت على حسب المنطقة فقد كان لكل منطقة من مناطق الدولة السعودية الاولى شأنها وثقافتها وتراثها مما أثر على شكل الزي النسائي التقليدي في تلك الحقبة لكل منطقة على حدحدة.. فالزي النسائي التقليدي في شمال المملكة المقرونة وهي  منديل كبير أسود اللون يتم طيه بطريقة بسيطة من الوسط ليكون شكل مثلث لتقوم المرأة حينها بلفه على الرأس لتغطيتها.. والزي النسائي التقليدي في جنوب المملكة الشيلة وهي قطعة سوداء اللون من القماش المزين من الحواف أو الجوانب بخيوط ملونة سواء مع أو بدون خرز وتقوم المرأة بتثبيت الشيلة بعصابة حمراء أو صفراء اللون أغلب الوقت.. والزي النسائي التراثي في وسط المملكة المخنق وهي رداء من القماش الحريري سواء من التلي أو خامة الشيفون وكان ذلك الرداء مخصصاً أكثر للفتيات الأصغر سنا عندما يخرجن من البيوت وكان المخنق مطرزاً بالكامل على الجانبين ماعدا الفتحة التي تطوق الرأس.. والزي النسائي التراثي في شرق المملكة (البطولة) وهي غطاء للوجه بالكامل يتم صباغته بالنيلة السوداء وتعتبر مخصصة بشكل أكبر للنساء الأكبر سنا وتحاك من قماش يبطن من الداخل ويستثنى من البطولة مكان لفتحة العين.. أما الزي النسائي التراثي في غرب المملكة المسدح وهو يقارب العباءة الحديثة للنساء في الوقت الحالي وهو عبارة عن ثوب فضفاض واسع لا يمكنه إظهار أي معلم من معالم جسد المرأة و يتكون من خمسة قطع يتم تجميعها مع بعضها عند الارتداء لتصل الى شكلها النهائي ويمكن أن يحاك المسدح سواء بالأقمشة المنقوشة أو السادة سيان .
 

 الملابس التقليدية للرجال 

 كما الحال مع الملابس التقليدية النسائية فإن ملابس الرجال في وقت تأسيس الدولة السعودية الأولى لم تكن بالبسيطة فقد كانت فكرة غطاء الرأس حينها متطورا للغاية فالبتدرج من الكوفية التي كانت تستخدم قبل ذلك وصولاً الى الغترة التي تعرف بشكلها الحالي. .أما عن عصابة الرأس فقد حل مكانها العقال الذي كان يتميز بعدة أشكال أثناء فترة التأسيس الأولى فكان كل ما يميز اللباس التقليدي للرجل السعودي حينها هو العقال الذي كانت تصاميمه تتعدد بشكل فريد مثل عصابة وتصنع من القطن بألون مختلفة يقوم الرجل بربطها حول الرأس وتتدلى ذؤابة العمامة من خلف العصابة.. وعقال الشطفة الذي يتميز بشكله الخماسي الأضلاع تتم حياكته من أقمشة الصوف الأسود الناعم ويتم تزيينه بخيوط الزري بعقد كبيرة الحجم بعض الشيء.. والعقال المقصب وهو رباعي الأضلاع في الأغلب مشابه لعقال الشطفة ولكن بعقد صغيرة بعض الشيء أما عن العصائب فكانت أكثر طولا من عصائب عقال الشطفة ومع زري وقصاب أكبر بشكل ملحوظ.. والعقال الأسود ويصنع في الغالب من صوف الماعز باللون الأسود ويتم تبطينه بالقطن الأبيض من الداخل ويتم ربط أجزاء العقال برمانات في النهاية ويتميز العقال الأسود بشكله الدائري المعروف.