من يتابع كتابات ومؤلفات الدكتور محمد عبيد الأدبية والأكاديمية سيكتشف الترابط الوثيق في مفرداته اللغوية الجاذبة للقارئ، فالمدرسة الأدبية التى ينتمي إليها بمعانيها كونت لديه أسلوب سلس، وقدرة على بناء الهيكل المراد تصنيفه عما إذا كان النص قصة أو مقال أو حتى كتاب في القانون، فهو مهموم بقضايا الوطن الكبير، ولكونه من رجالات القانون الدولي فكان لازماً عليه أن يتخطى الحدود الجغرافية للمكان، ويفكر خارج الصندوق ليخرج بكتابه الجديد ( الحماية القانونية للصحة العامة) وذلك في اطار اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية، التى تنم عن فكر واع من رجل قانون يعرف دوره تجاه الوطن الكبير.

جاء كتاب الدكتور محمد عبيد ( الحماية القانونية للصحة العامة) في 260 صفحة من المقاس الكبير ، وتزامناً مع تفشي وباء كورونا ودخوله كل بيت بلا استئذان، ونهم الدول المتقدمة في البحث العلمي وتسخير علمائها لتوفير الترياق اللازم لمكافحة هذا الوباء الذي حصد أرواح الكثير من البشر على مدار عامين ومازال مستمر، ولأن الدول والحكومات من واجبها كفالة مواطنيها على الدوام وحمايتهم من كل ما يهدد صحتهم العامة، خرج هذا الكتاب ليتناول الإطار العام لاتفاقية تريبس مبيناً أهدافها ومبادئها الأساسية والتزاماتها وأحكامها العامة، بالإضافة لنطاق حماية حقوق الملكية الفكرية المكفولة بها، مما يبين دور الاتفاقية في منح دول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بشكل صريح اعتماد التدابير اللازمة لحماية الصحة العامة، واتخاذ ما يلزم لمنع حائزي حقوق الملكية الفكرية من إساءة استخدامها، بل وبرز الكاتب ترسيخ مبادئ اتفاقية تريبس التى تعزز حق الدول في حماية الصحة العامة,

وتمكن الدكتور محمد عبيد رئيس المركز الاستشاري لحماية التجارة والاستثمار، من تسخير قدراته الإبداعية في تبسيط لغة القانون وتحويلها إلى لغة تمتلك مفردات سهلة تمكن غير المتخصصين في المجال من الاستيعاب والفهم، ولم تعد اللغة مقتصرة على رجال القانون أو المهتمين بهذا المجال الأكاديمي، فالمفردات المستخدمة في الكتاب تسهل الكثير على القارئ فهم المصطلحات القانونية بكل يسر، واستعراض الكاتب لأسلوب المنهج البحثي كان في غاية الدقة والترتيب والتسلسل، حيث جاء في المبحث الثاني من الكتاب بيان القواعد القانونية لحماية الصحة العامة والربط بينها وبين التجارة، معززاً هذه الخطوات والمبادئ بنصوص الإعلان والتعديلات التى جاءت لتتماشى مع المستجدات، ووضها الكاتب كما وردت مترجمة بالعربية للاستفادة منها ولتكون للباحثين والمهتمين مرجعاً مهماً في هذا المسار.

وضع الدكتور محمد عبيد خبراته السابقة في هذا الكتاب المهم، الذي يقوم بدوره بوضع آليات العمل وما تقتضية الحاجة للتمسك بالحقوق الخاصة بالصحة العامة، وما يترتب على الملكية الفكرية لتصنيع العلاج على سبيل المثال في وجود مرض متفشي أو جائحة تضرب العالم، فوضع الكتاب آليات عدة للتعامل مع هذه القضايا التى تخص صحة المواطنين حول العالم، فالكتاب يعتبر واحد من اهم الكتب التى تخدم قطاع الصحة وشركات الأدوية والباحثين القانونيين وطلاب الماجيستير والدكتوراة، وما دفعني أن احلل هذا الكتاب هو أهميته ودوره في الحفاظ على الصحة العامة تحت مظلة القانون