في دراسة شملت ست دول:

الدعم الأوروبي لأوكرانيا لا يتآكل «باستثناء ألمانيا» ...!

الدعم الأوروبي لأوكرانيا لا يتآكل «باستثناء ألمانيا» ...!

-- اليمين الراديكالي في فرنسا وألمانيا هو بوتيني بدرجة أكبر، والظاهرة ضعيفة في البلدان الأخرى
-- يكشف استطلاع مؤسسة جان جوريس أيضًـــا عن اختـلافــات بين الأجيــال
-- في ألمانيا، تتآكل شعبية الرئيس زيلينسكي، وعودة قوية للتقاليد السلمية


   أظهر استطلاع أجرته مؤسسة جان جوريس- ايفوب، أن الأوروبيين ما زالوا متحدين نسبيًا... لكن في فرنسا، يدعم نصف الشباب فقط شحنات الأسلحة.
   بعد ثلاثة أشهر من بدء الحرب، لم يضعف الدعم الهائل من الأوروبيين لأوكرانيا، أو بالكاد. هذا هو الدرس الرئيسي لدراسة أجرتها ايفوب لمؤسسة جان جوريس أجريت في مايو في ست دول (فرنسا وألمانيا وبولندا والسويد وإسبانيا وإيرلندا)، والتي من المقرر نشرها اليوم الخميس 9 يونيو.

  وفقًا للاستطلاع، لا يزال 79 بالمائة من الفرنسيين يحملون رأيا ايجابيا عن أوكرانيا، مقارنة بـ 82 بالمائة في مارس.
في بولندا المجاورة، ترتفع النسبة الى 87 بالمائة. في السويد، التي تريد الانضمام إلى الناتو، تبلغ النسبة 82 بالمائة. لكن دولًا مثل إيرلندا (86 بالمائة) وإسبانيا (80 بالمائة)، ذات التقاليد المحايدة، والبعيدة مبدئيا عن الصراع، تظهر أيضًا تعبئة قوية لأوكرانيا.
 بالمقابل، 14 بالمائة فقط من الفرنسيين لديهم رأي جيد عن روسيا، وفي بولندا والسويد، تبلغ نصف النسبة (7 بالمائة).

«لا يزال هناك إجماع قوي على دعم أوكرانيا، سواء تعلق الامر بالعقوبات الاقتصادية أو تسليم الأسلحة أو استقبال لاجئين”، يحلل جيروم فوركيه، مدير قسم الرأي العام في إيفوب. “يمكننا التحدث عن رأي عام أوروبي حقيقي حول هذا الموضوع.في الوقت الحالي، لم يتغير الوضع، مع أن مدة الصراع هي معيار مهم، الى جانب ارتفاع التضخم والعواقب الاقتصادية للحظر. لقد اعتقد الروس أن الغرب الاستهلاكي سيتعب ويتخلى عن الأوكرانيين.

 ولكن في عصرنا، عصر الاني واللحظة، حيث يمكن أن تبدو ثلاثة أشهر وكأنها الأبديّة، لا توجد حركة تعب وضجر بين الأوروبيين «.
    دعم العقوبات الاقتصادية في فرنسا يبقى مستقرًا، حيث مرّت من 72 بالمائة في مارس إلى 71 بالمائة في مايو. ويوافق 63 بالمائة من الفرنسيين على تسليم الأسلحة، مقارنة بـ 86 بالمائة في بولندا. وبقدر ما يتعلق الأمر باللاجئين الأوكرانيين، فإن الفرنسيين يؤيدون أكثر فأكثر “توزيع هؤلاء الأشخاص بين مختلف البلدان الأوروبية، واستقبال فرنسا لبعضهم” (من 80 بالمائة في مارس إلى 84 بالمائة في مايو) . استقبال وضيافة ترتفع إلى 93 بالمائة في إسبانيا، و92 بالمائة في السويد.

الاستثناء الألماني
  بلد واحد فقط يتخلّف عن الركب: 57 بالمائة فقط من الألمان يدافعون عن الإمداد بالمعدات العسكرية، مقابل 66 بالمائة في مارس. في المانيا، تتآكل شعبية الرئيس زيلينسكي (68 بالمائة آراء مؤيدة مقابل 80 بالمائة في مارس). ربما ينبغي أن نرى في هذا عودة قوية للتقاليد السلمية، مثل تأثير سياسة “الأوستبوليتيك”، وفكرة اليد الممدودة إلى روسيا.

    لقد كان النقاش العام في ألمانيا، خلال الأسابيع الأخيرة، أكثر حيوية من أي مكان آخر حول هذا الموضوع. في نهاية شهر أبريل، نشر الفيلسوف الكبير يورغن هابرماس مقالاً في صحيفة سود دويتشه تسايتونج، أشاد فيه بـ “حصافة” حكومته. وبادرت المدافعة عن حقوق المرأة، أليس شوارزر، برسالة مفتوحة موقعة من شخصيات مختلفة مثل الكاتبين مارتن فالسر وجولي زيه، دعت فيها المستشار أولاف شولتز إلى التوقف عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة، لتجنب خطر “حرب عالمية ثالثة».

   وكان هذا التردد أكثر وضوحًا في ألمانيا الشرقية السابقة، حيث وافق 42 بالمائة فقط من المستجوبين على تسليم الأسلحة. رأي عام متذبذب يفسر، بلا شك، مماطلة الحكومة الألمانية فيما يتعلق بشحنات الأسلحة، بما يكفي لإثارة غضب أوكرانيا.
   وقد انتقد وزير الخارجية دميترو كوليبا، في 30 مايو، “هناك دول نتوقع أن تسلم لنا أسلحة، وهناك دول سئمنا من انتظار تسليمها إلينا، وتنتمي ألمانيا إلى المجموعة الثانية”. وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا وألمانيا، وهما ركيزتان أساسيتان في الاتحاد الأوروبي، هما أيضًا الأقل تأييدا للترشح الأوكراني (63 بالمائة)، بينما تتمتع الأخيرة بدعم هائل في بولندا (89 بالمائة).

اختلاف بين الأجيال
   يكشف استطلاع مؤسسة جان جوريس أيضًا عن الاختلافات بين الأجيال. ففي فرنسا، يؤيد 52 بالمائة فقط من الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا، تسليم الأسلحة، مقارنة بـ 75 بالمائة بين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. “هناك تقليد سلمي غالبًا ما يكون أقوى في صفوف الشباب، لكن ذكرى الحرب الباردة ليست هي نفسها أيضًا. يقول كبار السن لأنفسهم أننا عدنا إلى فترة اعتقدنا أنها قد انتهت، مع شبح الدبابات الروسية: لم يعرف الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا العالم إلا بعد سقوط جدار برلين”، حسب تحليل جيروم فوركيه.
   وأصبح فلاديمير بوتين أقل شعبية أكثر من أي وقت مضى في القارة العجوز. 8 بالمائة فقط من الفرنسيين لديهم “رأي ايجابي” عنه “مقابل 12 بالمائة في مارس”، وهو نفس الرقم في ألمانيا. في بولندا، تبلغ النسبة 4 بالمائة، وفي السويد 3 بالمائة.
   في المقابل، يرتفع تصنيف الرئيس الروسي بين مؤيدي “استعادة فرنسا”، حزب إريك زمور، بنسبة 32 بالمائة “رأي إيجابي”، مقابل 10 بالمائة بين مؤيدي التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان. إن “اليمين الراديكالي في فرنسا وألمانيا هو بوتيني بدرجة أكبر، وهي ظاهرة أقل تواجدًا في البلدان الأخرى”، يخلص جيروم فوركيه.
--------------------------