هل ستقدم تلك الآلات حلولاً جديدة للمرضى؟

الذكاء الاصطناعي يساعد في تشخيص وبحوث مرض ألزهايمر

الذكاء الاصطناعي يساعد في تشخيص وبحوث مرض ألزهايمر

عبارة عن ضمور في خلايا المخ السليمة يؤدي إلى تراجع مستمر في الذاكرة

مرض ألزهايمر هو عبارة عن ضمور في خلايا المخ السليمة يؤدي إلى تراجع مستمر في الذاكرة، وهو شديد التعقيد، وتلعب عوامل عدة دوراً فيه كتراكم لويحات الأميلويد، وتشابكات بروتينات "تاو"، وفقدان الروابط بين الخلايا العصبية.وبعدما أثبتت أساليب البحث التقليدية عدم كفايتها، برز الذكاء الاصطناعي في بحوث ألزهايمر، متجاوزاً العقبات في التشخيص واكتشاف الأدوية. 

وتتيح قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل مجموعات البيانات الضخمة ونمذجة العمليات البيولوجية فرصاً للكشف المبكر، وفهم آليات المرض، وحتى توقع فعالية الأدوية.

تشخيص مرض ألزهايمر مبكراً وبكفاءة أعلى
أحدث الذكاء الاصطناعي تأثيراً كبيراً في تشخيص ألزهايمر، لا سيما من خلال المساعدة في التصوير الطبي وتحليل المؤشرات الحيوية. وتتدرب نماذج التعلم الآلي المتقدمة حالياً على اكتشاف العلامات المبكرة لمرض ألزهايمر في فحوصات تصوير الدماغ، مثل لويحات الأميلويد، بدقة مذهلة.
وأظهرت دراسة أجرتها جامعة "كاليفورنيا، سان فرانسيسكو" الأميركية أخيراً أن الذكاء الاصطناعي قادر على تحليل سجلات المرضى للتنبؤ بمرض ألزهايمر قبل ظهور الأعراض السريرية التقليدية بسبع سنوات، مما يجعله يحدث نقلة نوعية في مجال الكشف المبكر ويفتح آفاق التدخلات المبكرة.
وإلى جانب التصوير، يمتلك الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة في تحليل المؤشرات الحيوية، وهي مؤشرات قابلة للقياس في الدم، والسائل الدماغي الشوكي، والبيانات الجينية، والتي يمكنها توقع مرض ألزهايمر قبل ظهور الأعراض.

اكتشاف أدوية لمرض ألزهايمر بمساعدة الذكاء الاصطناعي
بعيداً من التشخيص، هناك تغيير جذري آخر في مجال اكتشاف الأدوية، إذ يمكن للعلماء الآن محاكاة كيفية عمل الأدوية الافتراضية على المستوى الجزيئي، وفحص مجموعات كبيرة من المركبات بصورة أسرع بكثير.
وما يفعله العلماء اليوم باستخدام الذكاء الاصطناعي الحسابي لا يقتصر على تكرار ما كانوا يرونه في المختبر والذي غالباً ما يعتمد على النظر إلى بيانات بديلة ودمج أجزاء مختلفة من البيانات لتكوين صورة كاملة، بل يشمل أيضاً بناء عمليات محاكاة تُعرض كفيلم، مما يسمح لهم بفهم ما يحدث من خلال الملاحظة المباشرة.
في الأساس، يتيح الذكاء الاصطناعي الانتقال نحو الملاحظة المباشرة لتحديد الفرضيات الصحيحة والأهداف ذات الصلة، مع فهم أفضل للآليات العاملة، كذلك يدمج البيانات بطريقة منطقية للوصول إلى الفرضية الصحيحة.
وتتجاوز قدرات الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية مجرد فحص المركبات. إذ تستطيع المنصات القائمة على الذكاء الاصطناعي محاكاة التفاعلات الجزيئية بسرعة، والتنبؤ بالآثار الجانبية، مما يقلل بصورة كبيرة من الوقت والكلفة اللازمين تقليدياً.
على سبيل المثال، تستخدم منصة الذكاء الاصطناعي التابعة لشركة "إكسينتيا" للتكنولوجيا الحيوية، النمذجة التنبؤية لتبسيط اختيار المركبات المرشحة. وقد نجحت هذه المنصة بالفعل في اختبار 3 أدوية مرشحة مصممة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك DSP-0038 لعلاج ذهان ألزهايمر، والذي يستهدف مستقبلات السيروتونين للمساعدة في تخفيف الأعراض السلوكية المرتبطة بالمرض.
وبالشراكة مع جامعة "كامبريدج" البريطانية، تستخدم شركة "إنسيليكو ميديسن" نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها لاستهداف البروتينات المرتبطة بمرض ألزهايمر من خلال عملية تعرف باسم "فصل طور البروتين". وقد حددوا أهدافاً علاجية مثل ماركس (MARCKS) وكامكك2 (CAMKK2)، وبي 62 (p62)، وهي بروتينات يحتمل أن تكون مسؤولة عن تطور مرض ألزهايمر نظراً لميلها إلى تكوين تجمعات بروتينية غير طبيعية.
وفي حين لم تكمل أي من أدوية الذكاء الاصطناعي المرشحة لعلاج مرض ألزهايمر رحلتها السريرية الكاملة بعد، فقد يكون الأمر مسألة وقت فحسب حتى تقدم آلات الذكاء الاصطناعي حلولاً جديدة للمرضى.

هل يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في عوامل خطر ألزهايمر والوقاية منه؟
تلعب عوامل الخطر القابلة للتعديل، مثل فقدان السمع، وصحة القلب والأوعية الدموية، وقلة النوم دوراً أساساً في تعزيز أعراض ألزهايمر. ويمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في تتبع هذه العوامل من خلال التطبيقات أو الأجهزة القابلة للارتداء، مما يقدم رؤى شخصية ويشجع الناس على اتباع سلوكيات صحية.
وكما بات معلوماً تقلل تطبيقات الذكاء الاصطناعي أو الأجهزة القابلة للارتداء من خطر الإصابة بأمراض القلب، أو السكتات الدماغية، وتشجع على اتباع سلوكيات صحية جيدة ونمط حياة صحي، وبالتالي تترك تأثيراً إيجابياً كبيراً على حياتنا كأفراد.
 
ما الذي ينقص الذكاء الاصطناعي لإيجاد علاج جذري لمرض ألزهايمر؟
لكي يحدث الذكاء الاصطناعي التأثير التحويلي في مرض ألزهايمر، لا تزال هناك حاجة إلى معالجة بعض القضايا، وأهمها توفير البيانات، فهو تحد شائع جداً في مجال الذكاء الاصطناعي، خصوصاً حين لا توجد بيانات كافية، أو لا تكون منظمة. أما التحدي الآخر فيكمن بعدم إمكان تعميمها، فعند النظر إلى التنوع الجيني، نجد أن الاختلافات صغيرة جداً لدرجة يصعب رصدها.
تعيق محدودية توافر البيانات عالية الجودة والموحدة فعالية الذكاء الاصطناعي في بحوث ألزهايمر، فغالباً ما تكون مجموعات البيانات صغيرة وغير متجانسة، أو تُجمع في ظل ظروف متفاوتة، مما يعقد تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التي تتطلب بيانات موثوقة ومتنوعة لتعميمها بفعالية على مختلف الفئات السكانية.
وبعيداً من القيود التقنية، لا تزال هناك مخاوف في شأن سهولة تفسير كيفية توصل الذكاء الاصطناعي إلى استنتاجاته. وفي الوقت الحالي، يشبه الذكاء الاصطناعي صندوقاً أسود، إذ تكون آلياته المعقدة غامضة للغاية، ويحاول الخبراء تدريجاً فهمه بصورة أفضل. وإلى جانب مشكلة الصندوق الأسود، يعد جمع البيانات معقداً للغاية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر ببيانات حساسة للغاية مثل البيانات الطبية.