سباق تكنولوجي على مدار الساعة
الذكاء الاصطناعي يقود ثورة الطائرات المسيرة خلال الحرب الأوكرانية
في حقل مفتوح بريف أوكرانيا، فقدت طائرة مسيرة مزودة بقنبلة، الاتصال بمشغلها على الأرض، بعد تعرضها لهجوم بمعدات للتشويش الإلكتروني، ولكن بدلاً من تحطمها على الأرض، واصلت طريقها نحو هدفها ودمرته.
تمكنت الطائرة المسيرة من تجنب مصير الآلاف من الطائرات الأخرى غير المأهولة في هذه الحرب، وذلك بالاعتماد على برنامج ذكاء اصطناعي جديد مسؤول عن التدخل الإلكتروني الذي تستخدمه روسيا بشكل شائع، مما أدى إلى استقرار الطائرة بدون طيار وإبقائها عاملة على هدف محدد سلفاً.
وتقول صحيفة “واشنطن بوست” إن قدرات الذكاء الاصطناعي تساعد المسيرة على إكمال مهمتها، حتى لو تحرك هدفها، مما يمثل تطوراً كبيراً عن الطائرات بدون طيار الحالية التي تتعقب إحداثيات محددة.
القفزات المبتكرة
وتعتبر تقنية الذكاء الاصطناعي هذه، والتي يطورها عدد متزايد من شركات الطائرات بدون طيار الأوكرانية، واحدة من العديد من القفزات المبتكرة الجارية في سوق الطائرات بدون طيار المحلي في كييف، والتي تعمل على تسرع الأدوات غير المأهولة للحرب، وهو أمر مهم بشكل خاص للجيش الأوكراني، الذي يقاتل جيشاً أكبر وعدواً روسي مجهزاً بشكل أفضل.
وتلفت “واشنطن بوست” إلى أن التحسينات في السرعة ومدى الطيران وحجم الحمولة والقدرات الأخرى لها تأثير فوري على ساحة المعركة، ما يمكّن أوكرانيا من تدمير المركبات الروسية، وتفجير نقاط المراقبة، وحتى تحطيم أجزاء من جسر القرم، في عملية الأسبوع الماضي.
وقد تؤثر ابتكارات التصميم والبرمجيات، فضلاً عن النشر الجماعي للمعرفة التجريبية، على طريقة استخدام الطائرات بدون طيار بعيدًا عن الحرب في أوكرانيا، مع تداعيات خطيرة على الحكومات، التي تواجه ميليشيات انفصالية وعصابات المخدرات، والجماعات المتطرفة التي تسعى إلى اكتساب ميزة تكنولوجية.
وقال صامويل بينيديت، خبير الطائرات بدون طيار في CNA، وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن: “مع تدريب عشرات الآلاف على الطائرات بدون طيار على جانبي هذه الحرب، من المحتمل جداً أن تنتشر هذه التجربة على نطاق واسع».
أوكرانيا مختبر للاختراع
ويشار إلى أن أوكرانيا المعروفة بالزراعة وغيرها من الصناعات الثقيلة، ليست مكانًا واضحاً لابتكار الطائرات بدون طيار. ومع ذلك، فإن مقتضيات الحرب حولت البلاد إلى نوع من مختبرات للاختراع، وجذب الاستثمار من الشخصيات البارزة في مجال الأعمال التجارية، بما في ذلك الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل إريك شميدت.
وتعمل أكثر من 200 شركة أوكرانية تشارك في إنتاج الطائرات بدون طيار، جنباً إلى جنب مع الوحدات العسكرية على الخطوط الأمامية لتعديل وزيادة الطائرات بدون طيار وتحسين قدرتها على قتل العدو والتجسس عليه.
وقال نائب رئيس الوزراء الأوكراني ميخايلو فيدوروف، في مقابلة بمكتبه بالعاصمة كييف،: “هذا سباق تكنولوجي على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.. التحدي هو أنه يجب تغيير كل منتج في كل فئة يومياً لاكتساب ميزة».
تعويض التفوق الروسي
وفيدوروف (32 عاماً) هو مسؤول عن برنامج “جيش الطائرات بدون طيار” الأوكراني، الذي يعتبر محاولة لزيادة استخدام كييف للطائرات بدون طيار للاستطلاع والهجوم لتعويض التفوق الكبير لروسيا في القوة الجوية والمدفعية.
وساعد البرنامج الشركات الخاصة في تدريب أكثر من 10 آلاف من مشغلي الطائرات بدون طيار العام الماضي، ويهدف إلى تدريب 10 آلاف آخرين خلال الأشهر الستة المقبلة.وتشير التقديرات إلى أن القوات الجوية الروسية أكبر بعشر مرات من القوات الجوية الأوكرانية، لكن كييف أبقت الكثير منها على الأرض بعد إسقاط عدة طائرات مقاتلة في الأيام الأولى من الصراع. وأتاحت الطائرات بدون طيار لأوكرانيا مراقبة وضرب أهداف حساسة بعيدة عن خطوط العدو مع تحسين دقة مدفعيتها التقليدية.