برتراند بادي يقرأ الكفّ الفرنسية-الأوروبية

الرئاسية الأمريكية: «ماكرون مهتم بفوز بايدن»...!

الرئاسية الأمريكية: «ماكرون مهتم بفوز بايدن»...!

     سيصدر قريبا أستاذ العلاقات الدولية في معهد الدراسات السياسية بباريس، برتراند بادي، كتابه الجديد “لم يعد العالم جيوسياسيًا “”منشورات المركز القومي للبحث العلمي”. وقبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يشرح الباحث، في حوار لصحيفة لو باريسيان اجراه هنري فيرنيه، لماذا يمتلك المرشح الديمقراطي جو بايدن، الفائز حاليا في استطلاعات الرأي ضد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، كل شيء لطمأنة إيمانويل ماكرون وشركائه في الاتحاد الأوروبي.

  *هل يتمنى إيمانويل ماكرون فوز جو بايدن؟
  - نعم، من الواضح أن ماكرون مهتم بفوز بايدن لثلاثة أسباب. أولاً، يريد أن يكون جزءً من استمرارية العلاقة الكلاسيكية بين أوروبا والولايات المتحدة. ومن أجل ذلك، يحتاج إلى إعادة تأسيس أسس الثقة والتضامن الأطلسي. ثانيًا، مثل معظم القادة الأوروبيين، باستثناء ربما أنجيلا ميركل، يجد صعوبة في التعامل مع مواقف المواجهة مع واشنطن.

   *بمعنى؟
  - لقد رأينا نوعا من التردد والتلعثم في جميع القضايا الرئيسية، حول الطاقة النووية الإيرانية، وخطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط، والنزاعات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وأخيراً حول الناتو. وهذه أربعة ملفات لا يوجد فيها خط واضح للهجوم الأوروبي المضاد.

  *وما السبب الثالث؟
   - إنه أيديولوجي بطبيعته. ماكرون -مثل ميركل هذه المرة -لديه تردد غريزي تجاه أي سلوك شعبوي. مع الخوف الكامن من أن هذه الشعبوية، التي تتربص بالعالم مثل الفيروس، سوف تستقر في أوروبا. بشكل عام، أصبح أي حوار يُبنى مع الولايات المتحدة مستحيلاً اليوم تحت ضغط هذا الجو.

  *إذن، هل غيّر الرئيس الفرنسي موقفه تجاه دونالد ترامب؟
   نعم. يمكننا تقسيم ولايته إلى قسمين. في الجزء الأول، وحتى العامين الماضيين، بذل جهودًا جبارة للتغلب على ما لا يمكن التغلب عليه: العشاء في برج إيفل مع الزوجين ترامب، موكب 14 يوليو، الاحتفالات على شرف كبار السن، وقدماء المحاربين ... ثم كانت زيارة ماكرون لواشنطن مربكة، حيث قام ترامب بإهانة مضيفه بنفض الغبار عن سترته، وأخيراً فشل الاتصال الهاتفي الذي سعى اليه ماكرون بين الرئيس الأمريكي والإيراني روحاني ... سلسلة كاملة من الاخفاقات أفرغت من جوهرها هذه العلاقة الفرنسية الأمريكية التي ضعفت فجأة. لم تجد فرنسا ولا أي شخص في أوروبا المفتاح لدخول أمريكا ترامب.

  *ما هي الفائدة التي سيقدمها جو بايدن؟
  - لديه كل شيء ليثير الاطمئنان: إنه يجســــد استمرارية الدبلوماسية الأمريكية، إنه وسطي لطيف، وقد سبق ان لمسنا ذلك عندما كان نائب الرئيس باراك أوباما. هناك نوع من الفصام في أوروبا، التي لا تتوقف أبدًا عن المطالبة بالاستقلال والسيادة، لكن قادتها ما زالوا يشعرون بالحنين إلى القوة الأمريكية والحماية التي توفرها، لأن استبدالها بدفاع أوروبي سيكون مكلفًا للغاية، ولأن الانسجام بين دول الاتحاد الأوروبي ليس كبيرًا بما يكفي لإقامة دفاع فعال.
  *ما الذي نتوقعه بشكل ملموس من جو بايدن في البيت الأبيض؟
  - العودة إلى الوضع القائم، أو ببساطة استمرارية بدايات الأمس. لأنه في غضون أربع سنوات من ولاية ترامب، لم تحدث القطيعة حقًا، لقد كان تفريغًا خطابيًا أكثر. ومع ذلك، ما يمكن أن نخشاه في حالة ولاية ثانية هو أنه سيتخذ إجراءات بشأن الناتو، وبشأن إعادة إطلاق الحرب التجارية، وحل منظمة التجارة العالمية، وهو أخطر بكثير من الانسحاب من منظمة الصحة العالمية أو اليونسكو! أتخيل الفوضى الأوروبية في وجه قرارات ترامب التي لا يمكن إصلاحها، ولما لا انسحاب أمريكي من الأمم المتحدة. لأن نظام ترامب هو قيادة منعزلة: يجب أن يسمعنا العالم، لكن ليس علينا أن نسمع العالم.

  *دونالد ترامب يشعر بهذا العداء؟
   - إنه لا يهتم، مثل أي زعيم شعبوي، بل يمكنه حتى تحويله إلى ســـــلاح من خــــــلال دعوة ناخبيه للتنديد بـ “النائم العجوز” (اللقب الذي يطلقه ترامب على بايدن) الذي يحتاج إلى السعي وراء مساعدة الزعماء الأوروبيين ...  عن لوباريسيان