تضم القائمة بعض كبار القضاة:

الرئيس التونسي قيس سعيد يعزل 57 قاضيا...!

الرئيس التونسي قيس سعيد يعزل 57 قاضيا...!


عزل الرئيس التونسي قيس سعيد، مساء الأربعاء، 57 قاضياً اتهمهم بالفساد والتواطؤ والتستر على متهمين في قضايا إرهاب.
وأكد قيس سعيد أن قراره جاء لوجود تلكؤ وتأخير متعمّد لفتح كل الملفات، مشددا على أن الوضع لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية له وعلى أن صبر الشعب عيل، معدّدا الأسباب التي دعت إلى اتخاذ مثل هذا القرار. وضمت القائمة التي أعفاها سعيد، بعض كبار القضاة، من بينهم يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء المنحل، والبشير العكرمي وهو قاضٍ يتهمه ناشطون سياسيون بأنه أخفى ملفات قضايا إرهابية، وأنه على علاقة وطيدة بحركة النهضة، وهو ما تنفيه هذه الاخيرة.

وحلّ سعيد في وقت سابق هذا العام المجلس الأعلى للقضاء وعوضه بمجلس مؤقت في خطوة قال معارضوه وقضاة، إنها تهدف إلى وضع يده على السلطة القضائية.
ويعتبر سعيد، أن القضاء “وظيفة وليست سلطة”، ولطالما اتهم قضاة بأنهم متورطون في علاقات مشبوهة مع أحزاب سياسية.
وقال الرئيس التونسي، الاربعاء، في اجتماع وزاري “الواجب المقدس يدفعنا إلى اتخاذ هذا القرار التاريخي حفاظاً على السلم الاجتماعي وعلى الدولة”. وأضاف “لقد أعطيت الفرصة تلو الفرصة والتحذير تلو التحذير حتى يطهر القضاء نفسه... ولكن لا يمكن أن نطهر البلاد من الفساد وتجاوز القانون إلا بتطهير كامل للقضاء».

وجاء في المرسوم الجديد الذي صدر في الجريدة الرسمية أن “للرئيس في صورة التأكد أو المساس بالأمن العام أو بالمصلحة العليا للبلاد، وبناءً على تقرير معلَل من الجهات المخولة، إصدار أمر رئاسي يقضي بإعفاء كل قاضٍ تعلق به ما من شأنه أن يمس بسمعة القضاء أو استقلاليته أو حسن سيره”. وأضاف، “تُثار الدعوى العمومية ضد كل قاضٍ يتم إعفاؤه على معنى هذا الفصل».
رد فعل الأوساط القضائية لم يتأخر. وقد وصف رئيس الجمعية التونسية للقضاة الشبان مراد المسعودي، في تصريح اذاعي، قرار قيس سعيّد، بالقرار الظالم في حقّ “قضاة شرفاء”، وجاء كردّة فعل على “وقوفهم ضدّ محاولة سعيّد إرساء قضاء تابع له”، وفق تعبيره، مؤكّدا أنّهم سيتصدون لهذا القرار وسيرفعون شكايات دولية ووطنية.

وأضاف: “القرار سُلط على قضاة شرفاء ومن بينهم منخرطون في جمعية القضاة الشبان نتيجة للمواقف التي تمّ اتخاذها في مواجهة قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء».
وتابع: “سنتصدى لهذا القرار من خلال رفع شكايات دولية ووطنية وسنبلغ الرأي العامّ بكلّ التطوّرات، والتحرّكات ضدّ العبث الدستوري الذي يمارسه رئيس الجمهورية وهجومه على مؤسسات الدولة وممثليها».
وبيّن مراد المسعودي، الذي صدر اسمه في قائمة القضاة المعفيين، أنه لا يوجد ضده أي تتبع جزائي أو قضية مرفوعة ضده مفيدا بأنه ليست لديه علاقة بأي حزب سياسي.

من جانبه، اعتبر رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء والرئيس السابق والشرفي لجمعية القضاة التونسيين، أحمد الرحموني، في تدوينة نشرها على صفحته فيسبوك، أنّ “القضاء في طابور الاعدام!».
وتابع الرحموني في تدوينته: “لا اعتقد ان خطابا كالذي سمعناه (من الرئيس، قاضي القضاة) يمكن ان يتوقعه أحد رغم ان القضاء قد فقد منذ مدة وجوده وقدرته على الفعل والمقاومة».
كما قال إنه “لم يعد اي معنى للعدل ولا للشرف ولا للكرامة! متسائلا “هل علينا ان ننتظر متى وكيف وباي ذنب تنصب المقصلة وتتدلى الرؤوس!؟».

 في حين اعتبرت القاضية كلثوم كنو، أن القرار الرئاسي المتعلق بإعفاء عدد من القضاة فيه ظلم لبعض القضاة. ولاحظت في تدوينة، أن هناك قضاة أعفاهم الرئيس بسبب اختلافهم معه في توجهاته.
واستنكرت مجموعة “محامون لحماية الحقوق والحريات،” قرار قيس سعيد، معربة، في بيان أصدرته الخميس، عن رفضها لعدم تمكين القضاة المعزولين من ممارسة حقهم في الدفاع عن أنفسهم ومناقشة ما هو منسوب إليهم، ودون تمكينهم من حقهم القانوني في دحض التهم والمآخذ المنسوبة لهم، والدفاع عن أنفسهم أمام مجالس تأديب.

وقالت “ إن قائمة العزل تضم عددا كبيرا من الشرفاء المشهود بكفاءتهم ونزاهتهم مما يرجح أنّ سبب عزلهم يعود إما إلى عدم رضوخهم للتعليمات أو لانتقادهم للانقلاب أو لنظرهم في ملفات حساسة يراد توجيهها».
ونددت المجموعة، بما وصفته “ استهداف القضاء تارة بالوصم والتشويه وطورا بالعزل والترهيب”، داعية القضاة والمحامين إلى التصدي لتغوّل السلطة.

على الجبهة السياسية، نددت جبهة الخلاص الوطني بالأمر الرئاسي، معتبرة أن رئيس الدولة يسعى لهدم ما تبقى من صرح الديمقراطية والفصل بين السلطات ولتطويع القضاء وتسخيره لخدمة السلطة السياسية وفق نص البيان.

وانتقد الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، امس الخميس، المرسوم الرئاسي المتعلّق بتعديل مرسوم المجلس الأعلى المؤقت للقضاء والأمر الرئاسي المتعلّق بإعفاء عدد من القضاة، معتبرا أنّ ما أقدم عليه قيس سعيّد قرار منفرد وتنكيل بالقضاة الذين عارضوا التدخل في السلطة القضائية، على حدّ قوله.

وقال الشواشي إنّ قرار عزل القضاة يهدف من خلاله رئيس الدولة إلى وضع اليدّ على السلطة القضائية وإرهاب القضاة وتهديدهم بالإعفاء في حال رفض الأوامر، وفق تقديره.