مع ظهور صراعات الشارع:

الشابي: «النهضة قرّرت الدخول في مواجهة مع الدولة»...!

الشابي: «النهضة قرّرت الدخول في مواجهة مع الدولة»...!

-- الطبوبي: كان من الأولى إيجاد حلول بعيدا عن صراعات الشّارع
-- قيس سعيّد: «ترون بأعينكم اليوم مظاهر الإفلاس السياسي»
-- بوغانمي: النهضة اختـارت الشـارع لتصريف أزمتها الداخلية


   اعتبر نور الدين الطبوبي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل، أمس السبت، أنّ الساحة السياسية بتونس تشهد عودة للاستقطابات الثنائية، وأنّه “كان من الأولى التخلي عن المناكفات السياسية وإيجاد حلول بعيدا عن صراعات الشارع».
   ونقلت إذاعة “شمس أف أم” عن الطبوبي قوله تعليقا على مسيرة حركة النهضة، “أصبح لدينا منطق استعراض العضلات وكنا نتمنى أن يكون استعراض العضلات لإيجاد حلول ومخرجات لانتظارات الشعب”، لافتا الى أنّ الحلّ اليوم يتمثل في الجلوس إلى الطاولة نفسها .

«استعراض قوة»
   من جهته، حذر عضو مجلس رئاسة حزب أمل، أحمد نجيب الشابي، أمس السبت، من خطورة الأوضاع التي آل إليها المشهد السياسي المتأزم في البلاد “وما أصبح يهدد استقرارها وأمنها القومي”، محملا حركة النهضة مسؤولية ما قد تؤول إليه الأوضاع في ظل ما وصفه بـ “استعراض قوة عضلاتها” أمس، عبر دعوة أنصارها للخروج إلى الشارع للتظاهر.   وكانت حركة النهضة، نظمت أمس السبت مسيرة بالعاصمة دعت اليها أنصارها وحلفاءها الداعمين لحكومة المشيشي، تحت شعار “مسيرة الثبات والدفاع عن المؤسسات”، وبداعي “الدفاع عن وحدة مؤسسات الدولة والكف عن دعوات الفوضى ودعوات حل البرلمان».   

وقال الشابي، في اجتماع عقده حزب أمل، إن حركة النهضة سبق لها أن تصرفت بهذا المنهج واستعملت الشارع للصراع مع الدولة، الشيء الذي كانت له، حسب قوله، “عواقب وخيمة وكارثية على الحياة السياسية وعلى أمن الدولة واستقرارها».    ودعا، في هذا السياق، المجتمع المدني والمنظمات الوطنية إلى التحرك العاجل لتنظيم حوار وطني بإمكانه إخراج البلاد من هذا المأزق السياسي المتأزم.    واعتبر الشابي أن الصراع، الذي تحول الى الشارع، يعبر عن خطورة الأوضاع الراهنة وعن “رغبة حركة النهضة في الدخول في مواجهة جديدة مع الدولة على غرار ما فعلته في السابق”، وهو ما سيقود، وفق تقديره، إلى مزيد تعميق الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد وخلق مناخ من الخوف وعدم الاستقرار السياسي.

«رحيل المنظومة»
   من جانبه، اعتبر حمّة الهمامي الأمين العام لحزب العمّال، أنّه على منظومة الحكم الحاليّة الرحيل. وقال الهمامي في تصريح إعلامي على هامش مسيرة نظمها حزبه أمس، “تونس تستحق ما هو أفضل”، متوجها برسالة لحركة النهضة بالقول “من يقرأ بيان النهضة يذهب في ظنه انهم يموتون حبا في تونس وانه ليس لديهم اية مسؤولية فيما حدث والحال انهم قضوا 10 سنوات في الحكم ولديهم مسؤولية رئيسية في تدمير هذا الوطن ونحن سواء كنا كثيرين او قليلين لن نتركهم يدمرونه».    يذكر أن تونس تعيش على وقع أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية حادة، تجلت بالخصوص في أزمة التحوير الوزاري الأخير، بعد رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد قبول الوزراء الجدد (11) أداء اليمين، وكذلك في تدهور المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، ما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات في مناطق مختلفة من البلاد وإيقاف أكثر من ألفي شخص.    وتزايدت في الفترة الاخيرة دعوات التظاهر في الشارع من قبل أحزاب سياسية في الحكم وفي المعارضة وكذلك من مكونات من المجتمع المدني، رغم دعوات الحوار التي أطلقت، خاصة من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر المنظمات النقابية في البلاد.

   في حين أكد الرئيس قيس سعيد، في تصريح اذاعي، في القيروان، على هامش زيارة أداها أمس السبت، إلى منطقة منزل المهيري، أن لدى تونس الامكانيات المادية لإنجاز المشاريع، معتبرا أن الحديث عن إفلاس البلاد ينطبق في الحقيقة على السياسيين المفلسين.
وقال سعيد “ترون بأعينكم اليوم مظاهر الإفلاس السياسي، ولكن ليس مظاهر الإفلاس المالي”، في إشارة إلى التحركات الاحتجاجية التي تشهدها تونس العاصمة.

«غياب المسؤولية»
   في حين بيّن الباحث في العلوم السياسية أيمن بوغانمي، أن النزول إلى الشارع بعيد عن الحل للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد ويعكس غياب المسؤولية السياسية لدى الأطراف التي اختارت ذلك سواء كانت في الحكم أو المعارضة، محذرا من إمكانية أن تفضي مسيرات النهضة وحزب العمال إلى كارثة صحية في ظل جائحة كورونا.    واعتبر بوغانمي ان المظاهرات ستزيد في إرهاق المؤسسة الأمنية ومزيد الاحتقان والتصدع في النسيج السياسي المتأزم. وقال بوغانمي أن الأزمة السياسية الظرفية التي تعيشها تونس اليوم هي أزمة نخب وعلى هذه النخب أن تديرها بالتفاوض والتنازلات المتبادلة والتفاهمات على أساس الاعتدال والعقلانية، مشيرا إلى أن الشارع لن يمثل حلا أو وسيلة للحل.    وعبّر بوغانمي عن تخوفه من مثل هذه المظاهرات الجماهيرية التي تنزع الى استعراض العضلات السياسية أكثر مما تنزع الى العقلانية والاعتدال، موضحا ان الشارع يعتبر المنطقة الوسطى بين الدولة والغابة وفق قوله. 

   وقال بوغانمي أن الأحزاب الكبرى محمول عليها ان تكون أكثر عقلانية لكنها بخيار النزول الى الشارع تنزل الى مستوى الاحزاب الصغرى في ظل إمكانية شعورها بفقدان شعبيتها وتراجع شرعيتها، موضحا أنها استشعرت إمكانية أن تؤثر انقساماتها الداخلية على مستقبلها فعمدت إلى استخدام الشارع لتبيان قوتها الشعبية وتصريف أزمتها الداخلية مؤكدا أنه لا يرى في مثل هذه التحركات مصلحة للبلاد.