جناح الإمارات يحتفي غدا بـ«يوم دولة الإمـــارات في إكســبو 2025 أوســاكا»
الطاقة النووية بين موسكو وبكين وواشنطن... سباق الهيمنة يتصاعد
تشهد الطاقة النووية في العالم سباقاً محموماً بين القوى الكبرى، حيث تبرز الصين وروسيا في محور تعاون إستراتيجي يهدد ريادة الولايات المتحدة في هذا القطاع الحيوي، الذي يمس الأمن القومي بقدر ما يهم الطاقة النظيفة. وفي هذا الإطار تناولت إيميلي داي، الباحثة في شؤون الجغرافيا السياسية والطاقة النووية، في مقال بموقع مجلة «ناشونال إنترست»، أبعاد هذا التنافس الدولي، مؤكدة أن فشل واشنطن في المواجهة قد يفتح الباب أمام هيمنة بكين وموسكو على معايير وأسواق الطاقة النووية عالمياً.
روسيا تمكّن الصين من
تجاوز الولايات المتحدة
وقالت الكاتبة إن رئيس مؤسسة «روس آتوم» النووية الروسية الحكومية أعلن التزام موسكو بمساعدة الصين على بلوغ هدفها في الوصول إلى 100 غيغاواط من القدرة النووية المركبة، وهو ما يعني تجاوز الولايات المتحدة التي تمتلك حالياً أكبر شبكة نووية في العالم بطاقة تصل إلى 97 غيغاواط. وأضافت الكاتبة أن روسيا بنت حتى الآن أربعة مفاعلات نووية في الصين وتستعد لبناء أربعة أخرى، بينما لم تضف الولايات المتحدة سوى مفاعلين منذ عام 2015، في حين أن بكين أنشأت 35 مفاعلاً خلال الفترة نفسها. وتابعت الكاتبة أن هذا التوسع الصيني يتطلب واردات ضخمة من اليورانيوم والوقود النووي، وقد وضعت موسكو خطة لتزويد بكين بدورة وقود نووي مغلقة تعتمد على التكنولوجيا الروسية، بما يسمح بإعادة معالجة الوقود المستهلك. وأوضحت الكاتبة أن هذه الخطوة تجعل التعاون الروسي-الصيني حجر زاوية في تحدي النفوذ الأميركي، خاصة وأن واشنطن تعتبر الطاقة النووية ركناً أساسياً في استراتيجيتها للأمن القومي والطاقة النظيفة.
جنوب إفريقيا تدخل
السباق بخطط طموحة
وأشارت الكاتبة إلى أن جنوب إفريقيا تسعى بدورها إلى إحياء برنامجها النووي عبر إضافة 10 غيغاواط من الطاقة النووية خلال العقد المقبل. ونقلت عن زيزاميلي مبامبو، نائب المدير العام للطاقة النووية، قوله في مؤتمر عالمي: «نسعى إلى جعل جنوب أفريقيا مكتفية ذاتياً عبر سلسلة القيمة النووية».
وأضافت أن الخطط تشمل إعادة تشغيل برنامج المفاعلات الصغيرة المعيارية (SMRs) والبدء بمفاعل جديد لإنتاج النظائر المشعة، مع تخصيص موقع بالقرب من محطة كويبرغ قادر على استيعاب 4.6 غيغاواط من الطاقة. وتابعت الكاتبة: التحدي الأكبر أمام هذه الخطط يتمثل في شح المياه وارتفاع تكلفتها بنسبة 50% منذ عام 2020، إلى جانب ضرورة إقناع الرأي العام بأهمية الطاقة النووية وجدواها الاقتصادية، خاصة بعد أن عانت البلاد من انقطاعات متكررة في شبكة الكهرباء بلغت 290 يوماً في 2023.
التعدين الأمريكي
والعودة إلى اليورانيوم
وقالت الكاتبة إن إدارة ترامب تسعى إلى تسريع مشروعات التعدين لدعم الاستقلال النووي الأميركي. ففي ولاية ساوث داكوتا، حصل مشروع منجم «دوي بوردوك» لليورانيوم على إدراج ضمن برنامج FAST-41 للتصاريح الفيدرالية السريعة، ما يقلص فترة المراجعة بنحو 18 شهراً. وأضافت أن هذا المشروع، المتعثر منذ عقدين، يحظى بأهمية خاصة في ظل الأوامر التنفيذية لترامب الرامية إلى تعزيز إنتاج المعادن وزيادة الاعتماد على المصادر المحلية ضمن ما يُعرف بـ»أجندة الهيمنة في الطاقة».
أمريكا والرهان
على الاندماج النووي
وأوضحت الكاتبة أن واشنطن لا تكتفي بالمفاعلات التقليدية، بل تستثمر بقوة في مجال الاندماج النووي، الذي يُعد مستقبل الطاقة النظيفة. فقد أعلنت وزارة الطاقة الأميركية تخصيص 134 مليون دولار لدعم الريادة الأميركية في هذا القطاع، منها 128 مليوناً لسبعة فرق بحثية ضمن برنامج FIRE، و6.1 ملايين لتمويل 20 مشروعاً عبر شبكة INFUSE. وتابعت الكاتبة أن هذه المشروعات تشمل تطوير تقنيات الليزر، والذكاء الاصطناعي، والمغانط فائقة التوصيل، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تنضم إلى الصين واليابان وبريطانيا في سباق عالمي يشهد استثمارات قاربت 2.7 مليار دولار خلال عام واحد.
سباق نووي بثوب جديد
خلصت الكاتبة إلى أن موازين القوى في قطاع الطاقة النووية تشهد تحولاً جذرياً، حيث تدفع الشراكة الروسية-الصينية نحو تقليص التفوق الأميركي، بينما تسعى واشنطن عبر الاستثمار في الاندماج النووي والتعدين المحلي إلى استعادة زمام المبادرة.
وأكدت الكاتبة أن الفشل في هذه المواجهة لن يكون مجرد خسارة ســــــوقية، بل خسارة للمعايير الدولية والنفوذ الجيوسياسي في أحد أهم أسواق الطاقة الإستراتيجية.