بعد 36 عامًا من نهاية حكم والده:

الفلبين: «بونغ بونغ» ماركوس على أبواب السلطة...!

الفلبين: «بونغ بونغ» ماركوس على أبواب السلطة...!

-- يدين الوريث بنجاحه، لآلة الحرب الرقمية الكاسحة التي تم وضعها في خدمته
-- المرشح المفضل لمنصب نائب الرئيس، ليست سوى ابنة رئيس الدولة، سارة دوتيرتي


لقد عاد ماركوس! بعد ستة وثلاثين عامًا من سقوط فرديناند، أصبح ابنه فرديناند جير ماركوس، المعروف باسم “بونغ بونغ”، اليوم هو الأوفر حظا لخلافة رئيس الدولة، رودريغو دوتيرتي.
قبل أيام من الانتخابات الرئاسية في 9 مايو، تمنح استطلاعات الرأي ما لا يقل عن 55 بالمائة من نوايا التصويت لمن يبلغ من العمر 64 عامًا، ولا يتنكّر لإرث العائلة. ومرة أخرى، في مقابلة مع سي ان ان الأسبوع الماضي، أشاد بـ “العبقرية السياسية” لوالده الراحل، الذي توفي عام 1989، بعد ثلاث سنوات من إجباره على المنفى.

   كيف نفهم تأتأة التاريخ هذه؟ كيف يمكن تفسير أنّ عشرين عامًا من حكم مطلق (1965-1986)، اتسم بالفساد -يتذكر الجميع 3 الاف زوج من الأحذية التي جمعتها إيميلدا ماركوس -والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لم تنل من الأسرة سياسيا؟
  «الشعب من الشباب، بمتوسط عمر يبلغ 25 عامًا فقط”، تؤكد أديل ويب الباحثة في جامعة كوينزلاند بأستراليا، وبالنسبة لهم، تنتمي الفترة الديكتاتورية إلى ماض بعيد».
   ويرى جان فرانكو، الأستاذ المساعد في جامعة ديليمان في مانيلا، أن ذلك هو نتيجة أيضًا “للحالة المؤسفة لنظام التعليم” الفلبيني. لم تعد الكتب المدرسية تتناول فترة الأحكام العرفية، الى درجة أن البعض يمجّد سنوات ماركوس».

آلة حرب رقمية
   تدين منطقة بونغبونغمانيا التي تسيطر على الأرخبيل الآسيوي وسكانه البالغ عددهم 110 ملايين نسمة بالقليل الى مواهب الوريث. “من الناحية الفكرية، هو متوسط المستوى ولم يتمكن حتى من التخرج من أكسفورد، حيث كان يدرس بفضل أمواله، يجرّح روبن كارانزا، المحامي الذي كان، بين 2000 و2004، طرفا في اللجنة المسؤولة عن التحقيق في الثروة التي نهبها ماركوس، ويعوض ذاك النقص بغطرسة ووقاحة تامة”. كانت حملته، بالتأكيد استثنائية كما هو معتاد في الفلبين، وجذابة. مدافعًا عن وحدة البلاد، استخدم بشكل أساسي الحجج الشعبوية، والوعود الغامضة بشأن التوظيف والمقدرة الشرائية.
   يدين الوريث بنجاحه الى آلة حرب رقمية خارقة للعادة، تم وضعها في خدمته. وحتى لو لم تقدم دليلاً، اتهمت بعض وسائل الإعلام المحلية في الماضي فرديناند جونيور بالاستنجاد بخدمات كامبريدج أناليتيكا، الشركة التي عملت من أجل انتصار دونالد ترامب عام 2016. وفي كل الأحوال، جيش من المتصيدين، يغمر منذ شهور فيسبوك وتيك توك بقنابل كريهة وأخبار كاذبة.
   عملت هذه التعبئة في البداية على تشويه سمعة الخصم الرئيسي لبونغ بونغ، نائب الرئيس الحالي، ليني روبريدو. ولكن، تم استخدامها خاصة لإعادة تأهيل لقب ماركوس، وإعادة كتابة التاريخ الوطني. “لئن تضخم مؤخرًا على الشبكات الاجتماعية، إلا أن هذا المشروع التحريفي الذي يهدف إلى تحويل فترة حكم والده إلى عصر ذهبي تم في الواقع على الويب في وقت مبكر من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين”، تؤكد أديل ويب.

بمباركة الرئيس
الحالي دوتيرتي
   ولأن عملية التطهير لم تستمر طويلاً بالنسبة لآل ماركوس، عادوا في التسعينات إلى الأرخبيل مصممين على الانتقام من الثوار الذين طردوهم. في نظام الزبائني تهيمن عليه العشائر والسلالات، في مقاطعة إيلوكوس نورتي، معقلها الشمالي، استعادت عائلة ماركوس موطئ قدم لها، وأعادت بناء شبكتها، تحت زخم إيميلدا نفسها.
   ومثل الأخطبوط، انتُخبت عائلتها -الأبناء، وأبناء العم، وأبناء الأشقاء -في مناصب رئيسية مثل العمدة، والنائب، والمحافظ. وكان الهدف، إذن، هو استعادة السلطة، وهذا ما يوشك فرديناند جونيور على تحقيقه. ولكن أيضا -خاصة؟ - حفاظا على الثروة الهائلة للأسرة، ثمرة عقدين من نهب الدولة المقدرة بـ 13 مليار دولار.
  «كافحت إيميلدا ماركوس لاسترداد الأموال التي استعادها رجال أعمال مقربون منها”، يقول روبن كارانزا.  للمحامي أوهام قليلة في حال انتخاب ابن ماركوس، “لن يرغب فقط في إنهاء التحقيقات في ثروة عائلته، بل سيحصل أيضًا على 5 إلى 7 مليارات دولار استردتها الدولة».
   ولا يتوقع أن يشجع بونغ بونغ محاكمة الرئيس الحالي، رودريغو دوتيرتي، الذي يخضع للتحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية بشأن حرب المخدرات المميتة التي تمارسها حكومته. لقد دخلت العشيرتان في تحالف منذ سنوات. “عام 2016، أيد ماركوس ترشيح دوتيرتي، ووضع أمواله وتنظيمه في خدمته”، تقول أديل ويب.
   علاوة على ذلك، فإن المرشح المفضل لمنصب نائب الرئيس، وهو موضوع انتخابات منفصلة، ليست سوى ابنة رئيس الدولة، سارة دوتيرتي. على الرغم من أنها أقل قسوة من والدها، إلا أنها، وفقًا لروبن كارانزا، قامت بإدامة الحرب العنيفة ضد المخدرات في مدينة دافاو، والتي كانت أيضًا رئيسة بلديتها. المحامي متشائم للغاية بشأن مسلسل الأحداث: “إذا تم انتخابها هي وفيرديناند جونيور، فسيكون طرفا عالم الجريمة هما اللذان وصلا إلى السلطة».