محمد بن راشد: قوة الترابط بين أبناء الإمارات نموذج عالمي في الأُلفة والتعايش
اللبان العماني أيقونة القرية العالمية بدبي
عرف اللبان منذ عصور ما قبل الميلاد, واعتمدت على تجارته حضارات قديمة مثل مملكة حضرموت ومملكة معين والأنباط, كما ارتبطت تجارة اللبان بطريق البخور وهو طريق تجاري يربط الهند بالجزيرة العربية ومصر.. وتشير المصادر التاريخية إلى أن الملكة المصرية الفرعونية حتشبسوت كانت تجلب اللبان المقدس من بلاد بونت "شمال شرق الصومال أو ظفار العمانية", كما تشير المصادر التاريخية إلى أن ازدياد الطلب على اللبان يرجع إلى القرن السادس قبل الميلاد لبلاد اليونان وبلاد الشام والعراق وفارس إزاء ما كان يمثله اللبان من أهمية للإمبراطوريتين الفارسية والرومانية في الطقوس الدينية.. ووصل اللبان إلى أوروبا الغربية عن طريق الحملات الصليبية على الشرق في العصور الوسطى حيث يذكر بعض الباحثين أن اللبان انتقل لأوربا الغربية من لبنان.
وتعتبر منطقة ظفار جنوب سلطنة عُمان وسوقطرى حضرموت من أكبر المناطق التاريخية الرئيسية لإنتاج اللبان وعرفت قديما ببلاد اللبان وساكلن وبونت, وكان ميناء سمهرم ميناء مملكة حضرموت في ظفار يصدر اللبان في القرن الأول الميلادي إلى اليمن ومصر وروما, ويسمى أجود نوع من اللبان في محافظة ظفار باسم: الحوجري.
واللبان الذكر عبارة عن خليط متجانس من الراتنج والصمغ وزيت طيار ويستخرج من أشجار لا يزيد ارتفاعها على مترين, مشوكة لها أوراق كأوراق الآس وثمره مثل ثمر الآس, وقال الأصمعي "ثلاثة أشياء لا تكون إلا باليمن وقد ملأت الأرض الورس واللبان والعصب".. وشجر اللبان لا ينمو في السهول وإنما في الجبال فقط.. وللبان رائحة وطعم مر مميز والجزء المستخدم من شجرته اللبان وقشور الساق. ويتحصل على اللبان من سيقان الأشجار وذلك بخدشها بفأس حاد ثم تترك فيخرج سائل لزج مصفر إلى بني اللون ويتجمد على المكان المخدوش من السيقان ثم تجمع تلك المواد الصلبة وهذا هو اللبان المصدر الرئيسي له هي عمان واليمن.
وتتعدد الموارد الاقتصادية لمحافظة ظفار بسلطنة عمان منذ قديم الزمن وتمثّل شجرة اللبان واحدة من هذه الموارد التي تدر دخلا جيدا لسكانها, وازدادت أهمية هذه الشجرة نتيجة للمادة التي تنتجها والتي تستخدم في العديد من الأغراض سواء في المجالات الطبية أو المنزلية أو في المناسبات الدينية والعائلية كالأعراس وفي الكنائس بجانب استخداماتها اليومية في المنازل على شكل بخور ذات رائحة طيبة, كما يستخدمها البعض في عملية الصمغ خاصة النساء إضافة إلى استخداماتها الأخرى, ويطلق البعض على هذه الشجرة بالشجرة المقدسة.. وتنمو شجرة اللبان بشكل طبيعي على الحواف المتأثرة بالأمطار الموسمية في هذه المحافظة, ونظرا لما تمثله هذه الشجرة من أهمية تاريخية وطبيعية ودينية واقتصادية وصحية فقد أجريت لها العديد من الدراسات والأطروحات العلمية حولها والتي تناولت هذه الشجرة من زوايا مختلفة, أما الحقيقة الثابتة حولها فإن محافظة ظفار تنفرد عن باقي المناطق والحافظات العمانية في زراعة هذه الشجرة. ويقول معمر أحمد الخبير باللبان أن اللبان كان يمثل عمود التجارة الأساسي في جنوب شبه الجزيرة العربية قديما ومصدرا مهما من مصادر الدخل حيث اشتهرت محافظة ظفار بإنتاج أجود أنواع اللبان في العالم لتوفير المناخ الملائم لنمو أشجاره في مجموعات صغيرة ويكون ارتفاع شجرة اللبان حوالي ثلاثة أمتار وتصبح قادرة على العطاء بعد ثماني أو عشر سنوات من زراعتها.. واحتلت شجرة اللبان أهمية بالغة تضارع قيمة الذهب وهدايا الملوك ولا تزال تلعب دورا هاما حتى عصرنا الحديث.. ويطلق على أفضل أنواع اللبان اسم البخور الفضي وينتج في محافظة ظفار, ووصف المؤرخ الرومان بلينى مادة اللبان بأنها "مادة بيضاء لامعة تتجمع في الفجر على شكل قطرات أو دموع كأنها اللؤلؤ", إن المقصود باللؤلؤ هو هذه المادة الراتنجية التي تنتج عند جرح الأشجار في مواقع معينة. وأضاف معمر أن الشجرة تنمو بشكل طبيعي دون تدخل الإنسان على الحواف المتأثرة بالأمطار الموسمية وتقدر المساحة التي تنمو بها أشجار اللبان 4 آلاف كيلومترات مربعة, وأن الدراسات تشير إلى أن محافظة ظفار كانت حتى وقت قريب تنتج ما بين 5 إلى 6 آلاف طن سنويا من مادة اللبان, وكان اللبان يشكل 75% من دخل البلد. ولهذه الشجرة أهمية مستقبلية وأهمية اقتصادية حيث أن على مادة اللبان طلب كبير في الكنائس والمعابد وفي الطب الشعبي, وهناك دراسات على استخدام اللبان في الطب الحديث.. وتوجد في ظفار أربعة أنواع من اللبان تختلف باختلاف المناطق ومدى ارتفاعها وابتعادها عن الساحل:
* اللبان الحوجري.. أجود أنواع اللبان الذي تنمو أشجاره في الأجزاء الشرقية من منطقة ظفار .
* اللبان النجدي.. يلي الحوجري في الجودة وتنمو أشجاره في منطقة نجد الواقعة إلى الشمال من مرتفعات ظفار الوسطى.
* اللبان الشعبي.. وهو النوع الثالث والذي تنمو أشجاره قرب ساحل ظفار ويسمى شعبي وهو أقل الأنواع جودة. * اللبان الشزري.. يليه النوع الذي ينمو على جبال القراء الممتدة وراء الساحل ويسمى شزري وهو نوع جيد.
إستخدامات اللبان وفوائده:
ويقول صلاح المعرشي الذي يعرض ويبيع اللبان بالقرية العالمية أن اللبان يستخدم كعلك للمضغ كما يستخدم كأحد أنواع البخور حيث تم استخدامه في التبخير في بعض الطقوس الدينية كما أن ذكر اللبان قد ورد في إنجيل متى, ويحتوى اللبان على مادة الكورتيزون المثبطة للالتهابات.. ويقول الباحثون إن الكورتيزون المتوفر في اللبان ذا جودة عالية وفاعلية أفضل بكثير من الكورتيزون الصناعي كما يشيد الباحثون الغربيون بأن كورتيزون اللبان ليست له أعراض جانبية كالكورتيزون الصناعي الذي يسبب مضاعفات خطيرة منها هشاشة العظام والبشرة الورقية وقصور في وظائف الكبد والكلى. وتوجد أدوية عدة تم تصنيعها بعد فصل واستخلاص مادة الكورتيزون من اللبان وغالبها أدوية غربية.. أما فوائد اللبان أنه مقوي للقلب والدماغ وينفع في البلادة والنسيان وسوء الفهم, وهو نافع من نفث وإسهال الدم إذا شرب أو سف منه ملعقة صغيرة.. وكان أطباء الفراعنة يستخدمونه في علاج المس وطرد الأرواح الشريرة, وهو يذهب السعال والخشونة وأوجاع الصدر وضعف الكلى والهزال.