محمد بن راشد: يلقي كلمة بمناسبة مرور 80 عاماً على تأسيس منظمة الأمم المتحدة
المخالفات والجزاءات الإدارية في برنامج «نافس»: التوظيف الصوري مخالفة جسيمة .. جريمة «التوظيف الصوري»: القانون بالمرصاد
في إطار جهود دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز التوطين وتمكين الكفاءات الوطنية، أطلقت الحكومة برنامج "نافس" بهدف تحفيز القطاع الخاص على توظيف المواطنين وتوسيع حضورهم في سوق العمل. ورغم المزايا الكبيرة التي يوفرها "نافس"، إلا أن بعض أصحاب العمل يحاولون التحايل على البرنامج، ما دفع المشرع إلى وضع عقوبات رادعة لضمان التزام المنشآت بلوائح البرنامج وأحكام القوانين الاتحادية.
وقد نص المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2024 بشأن قانون علاقات العمل بالمادة رقم 60، إلى جانب قرار مجلس الوزراء رقم (43) لسنة 2025، على مجموعة من المخالفات والجزاءات الإدارية المرتبطة ببرنامج "نافس"، بما يضمن تحقيق أهداف التوطين بعدل وإنصاف وفعالية. وقد حدد القرار في مادته الثانية عددًا من المخالفات الجسيمة، من أبرزها:
التوظيف الصوري، ويُقصد به تسجيل مواطنين في جهات العمل دون توفر وظائف حقيقية، أو منحهم رواتب وهمية فقط لاستحقاق الدعم الحكومي.
• عدم الالتزام بنسب التوطين المحددة دون مبرر قانوني.
• تزوير البيانات أو المستندات المقدمة للجهات المعنية بغرض الحصول على دعم "نافس".
• عدم صرف الرواتب أو المنافع المتفق عليها للمواطنين العاملين ضمن إطار البرنامج.
أما فيما يتعلق بالجزاءات المترتبة على هذه المخالفات، فهي تختلف حسب طبيعة المخالفة وخطورتها، وتشمل:
• وقف الدعم المالي المقدم من برنامج "نافس".
• استرداد المبالغ المصروفة للمنشأة بشكل غير مستحق.
• فرض غرامات مالية تتناسب مع حجم المخالفة.
• إلغاء الترخيص أو تعليقه في حال تكرار المخالفات.
• الإحالة إلى النيابة العامة في حال ثبوت التحايل أو التزوير، ما قد يعرض المخالفين للمساءلة القانونية والجزاءات الجنائية.
ويُعد برنامج "نافس" حجر الزاوية في استراتيجية التوطين التي تتبناها حكومة دولة الإمارات، حيث يوفّر حزمة تحفيزية سخية تصل إلى ملايين الدراهم سنويًا للشركات التي تلتزم بتعيين الكوادر الوطنية. وتسعى المبادرة إلى تمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة في سوق العمل، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني عبر بناء اقتصاد معرفي مستدام قائم على الكفاءات.
وفي هذا السياق، أكدت سعادة القاضي حمدة أهلي، قاضٍ في المحكمة العمالية بمحاكم دبي، أن التوظيف الصوري يُعد من أبرز التحديات القانونية والإدارية التي تهدد نزاهة سوق العمل، وهو لا يُعد مجرد مخالفة إدارية بل يرتقي إلى مستوى جريمة تمس المال العام، وتُعامل قضائيًا على أنها شكل من أشكال الاحتيال أو الاختلاس. وأضافت أن هذا النوع من التحايل يهدف إلى الحصول على الدعم المالي من الدولة دون وجه حق، مما يُشكل إساءة واضحة لموارد الحكومة وثقة الجهات المانحة.
وأوضحت سعادتها أن العقوبات القانونية المترتبة على مثل هذه المخالفات قد تشمل الغرامات المالية الكبيرة، الحبس، أو كليهما، إضافة إلى العقوبات الإدارية مثل حرمان المنشأة من المزايا الحكومية أو تعليق ترخيصها. كما شددت على أن القضاء الإماراتي يتعامل مع هذه القضايا بصرامة وشفافية، ويحرص على تسريع الإجراءات القانونية لحماية النزاهة الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدة في الوقت نفسه أن مكافحة هذه الظواهر تتطلب تعاونًا وتوعيةً من مختلف شرائح المجتمع، لا سيما القطاع الخاص.
وفي ضوء ما سبق، تؤكد الجهات المختصة أن الامتثال لأحكام برنامج "نافس" لا يقتصر على الالتزام الشكلي، بل يتطلب تطبيقًا فعليًا وحقيقيًا لأهداف التوطين. ومن هذا المنطلق، تأتي مبادرة "خلك قانوني" كمبادرة وطنية توعوية تهدف إلى تعزيز ثقافة الالتزام القانوني بين أصحاب العمل والمواطنين، وتذكير الجميع بأن التحايل على برامج الدعم الحكومي يُعرض المخالفين للمساءلة القانونية، ويقوّض الجهود المبذولة لبناء اقتصاد قوي وعادل.