من الصعب التقليل من أهميتها في ظل تصاعد التوتر بين موسكو و الناتو :

المناورات العسكرية الروسية «زاباد» تُثيرُ قَلَقَ الغرب و تَحثُه على اتخاذ موقع «الدفاع»

المناورات العسكرية الروسية «زاباد» تُثيرُ قَلَقَ الغرب و تَحثُه على اتخاذ موقع «الدفاع»


بدأ عشرات الآلاف من جنود الجيوش الثلاثة، البرية والجوية والبحرية، رافعين أعلام روسيا وبيلاروسيا، تدريبهم المشترك الذي يستمر خمسة أيام صباح الجمعة في أراضي البلدين، وفي بحر البلطيق وبارنتس. وعلق دميتري بيسكوف يوم الخميس قائلاً: «تدريبات مُخطط لها لا تستهدف أحدًا».
صحيح أن هذه المناورات، المسماة «زاباد-2025» الغرب بالروسية، مُخطط لها منذ زمن، إلا أنه من الصعب التقليل من أهميتها في ظل التوتر المُتصاعد في الأيام الأخيرة بين موسكو وحلف الناتو. تُراقب بولندا وليتوانيا ولاتفيا - الدول الثلاث الأعضاء في الحلف - هذه المناورات عن كثب، على مقربة شديدة من حدودها. 
بل إن وارسو قالت إنها تتوقع «استفزازات» خلال تقدمهـــــا. وهو مصطلــح يُســـــتخدم بالفعل في الغرب بعد اختراق نحو عشرين طائرة مُسيرة للمجال الجوي البولندي ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء.
 أولًا، بســـــبب عــــدد الطائرات المســــيرة، وُصفت بأنها عمل متعمد من جانب روسيا، وهو ما نفته موسكو.

دفعت المشاعر الشديدة التي أثارتها هذه القضية بولندا إلى إعلان إغلاق حدودها مع بيلاروسيا، مما أثار استياء مينسك وموسكو الشديد. كما دقّ البولنديون ناقوس الخطر من خلال تفعيل المادة الرابعة من ميثاق التحالف لتنظيم مشاورات طارئة بين أعضائه. ويعمل الحلفاء الروس والبيلاروسيون على وصف مناورات «زاباد-2025» بأنها دفاعية. وعلى الأرض، ، يُخطط للتسلسل على مرحلتين، وفقًا لوزارة الدفاع الروسية، حيث ستُجرى العمليات الأولى «كجزء من الرد على عدوان»، ثم في المرحلة الثانية، إجراءات تهدف إلى «استعادة وحدة أراضي» الشريكين. ويوضح الجنرال البيلاروسي أندريه بوغوديل، الملحق بهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في مينسك: «من المقرر أن تُدرّب المناورات على مجموعة واسعة من المهام، من تنفيذ عمليات خاصة إلى مواجهة مجموعات التخريب وتحسين العمليات الهجومية والاعتداءية». 
وفقًا للجنرال البيلاروسي، سيتم التركيز بشكل خاص على مواجهة الطائرات المسيرة وتنفيذ عمليات قتالية في ظل إجراءات إلكترونية مضادة مكثفة. هذه كلها تقنيات قتالية «دفاعية» تُطبّق يوميًا في إطار الهجوم واسع النطاق في أوكرانيا...
تُظهر الصور الأولى التي نشرتها وزارة الدفاع الروسية معدات عسكرية ثقيلة - مركبات مدرعة، مروحيات، سفن - تشارك في التدريبات. ومن المتوقع أن يكون أبرز ما في التدريبات هو التخطيط لاستخدام الأسلحة النووية التكتيكية ونظام صواريخ أوريشنيك متوسطة المدى القادرة على حمل رؤوس نووية مثل تلك التي ضربت مدينة دنيبرو الأوكرانية في نوفمبر الماضي.  وتزداد هذه الرسالة وضوحًا مع انتشار الأسلحة النووية الروسية على الأراضي البيلاروسية: قنابل جوية من طراز RN-40 بقوة تفجيرية تبلغ 30 كيلوطنًا، وصواريخ 9M723-1 بقوة تفجيرية قصوى تبلغ 50 كيلوطنًا.    تُعيد عودة مناورات «زاباد» العسكرية، التي تُجرى كل أربع سنوات، إلى الأذهان ذكرياتٍ مُرّة. عُقدت النسخة السابقة عام 2021، قبل بضعة أشهر من الهجوم على أوكرانيا. في ذلك الوقت، لم يُنذر هذا الانتشار الضخم لنحو 200 ألف جندي روسي بغزوٍ روسيٍّ بالنسبة لمعظم الدبلوماسيين الغربيين. أما هذه المرة، فمن المتوقع أن يكون حجم المناورات أصغر بكثير. أشارت مينسك في البداية إلى مشاركة 13 ألف جندي في «زاباد» قبل أن تُخفّض هذا العدد إلى النصف في مايو الماضي. مع ذلك، عززت وارسو وفيلنيوس وريغا إجراءاتها الأمنية وقيّدت حركة الملاحة الجوية في بعض المناطق. وأعلنت فرنسا إرسال ثلاث طائرات رافال لمهام استطلاعية في المنطقة. وفي الأيام المقبلة، من المقرر أن تُجري بولندا ودول أخرى أعضاء في حلف شمال الأطلسي مناوراتها العسكرية الاستراتيجية الخاصة في الجزء الشرقي من أوروبا، والذي يُحثّ الآن، في ظلّ الصراع الأوكراني، على اتخاذ وضع «الدفاع».