بعد عمليات سرية لـ»سي آي إيه».. واشنطن تحضّر لضربة في العمق الفنزويلي
كشفت مصادر سياسية أمريكية، أن تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتوسيع العمليات العسكرية ضد عصابات تهريب المخدرات من البحر إلى البر في إشارة إلى فنزويلا، يحمل استهداف مصانع منتجة للمواد المخدرة بالداخل والمنفذين لعمليات التهريب التي يذهب جانب كبير منها إلى الولايات المتحدة، بالتعاون مع عسكريين بارزين في الجيش الفنزويلي، باستخدام آليات ومعدات من القوات المسلحة الفنزويلية. وأفادت المصادر لـ»إرم نيوز»، أن تفويض ترامب للاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» بعمليات سرية داخل فنزويلا، جاء بتكوين خريطة كاملة تحمل إحداثيات أماكن التصنيع الرئيسية للحبوب والمواد المخدرة بالداخل، والتي يتم تقديمها للموزعين الذين بدورهم يقومون بتحديد وجهات تسويقها في الخارج ويقومون على ذلك، ومن بين تلك الوجهات الولايات المتحدة.
وتعهد ترامب مؤخرًا، بتوسيع العمليات الأمريكية ضد عصابات تهريب المخدرات، مؤكدًا أن الإجراءات المتبعة في البحر ستُطبق على البر قريبًا، في إطار ما وصفه بمحاولة «إغلاق كل الطرق» أمام المهربين، موضحًا أن بلاده بدأت بالفعل تحقيق نتائج كبيرة في البحر، انعكست في انخفاض كميات المخدرات التي تدخل الولايات المتحدة بحرًا بنسبة 94%. ويتزامن مع ذلك، تأدية 5600 جندي فنزويلي اليمين الدستورية مؤخرًا، في وقت تصاعدت فيه التوترات مع الولايات المتحدة التي كثفت وجودها العسكري في منطقة البحر الكاريبي، بما يشمل أسطولًا من السفن الحربية وأكبر حاملة طائرات في العالم، ضمن حملة لمكافحة تهريب المخدرات. ودعا الرئيس نيكولاس مادورو إلى تكثيف التجنيد العسكري، مؤكدًا أن هذه الخطوة تأتي في مواجهة ما وصفه بمحاولة أمريكية للإطاحة بحكومته والسيطرة على احتياطيات بلاده النفطية.
ويقول قيادي في الحزب الجمهوري، إن تعهد ترامب، يقصد توجيه ضربات في الداخل الفنزويلي لمعسكرات تصنيع المخدرات التي هي عبارة عن منظومة وليست مجموعات عصابية غير منظمة.
وأوضح السياسي الجمهوري في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن العمليات العسكرية البرية التي يجهزها ترامب في فنزويلا، تضع من بين أهدافها، القائمين على تلك المصانع والمنفذين لعمليات التهريب التي يتم جانب كبير منها بالتعاون مع قيادات بارزة في النظام وعسكريين كبار بالجيش الفنزويلي، يسخرون القدرات العسكرية ومنها آليات ومعدات، لعمليات نقل وتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة ودول أخرى في الكاريبي. وبحسب المصدر الجمهوري البارز الذي رفض الإفصاح عن اسمه ، فإن كل ما جرى الفترة الماضية منذ سبتمبر الماضي نحو فنزويلا، للقضاء على تلك العصابات، كانت ضربات موجهة لقوارب وأهداف بحرية لهذه المنظومة الإجرامية «عصابات المخدرات» ولكن لم يكن هناك ضربات مباشرة للأراضي الفنزويلية من الجو أو البحر.
وأفاد المصدر بأن تفويض الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» بعمليات سرية داخل فنزويلا، لم تكن متعلقة فقط بالعمل على تفكيك الزعامة الحزبية أو انقسام بين قيادات الجيش فقط أو العمل على دعم المعارضة بالداخل للتحرك في توقيت معين، ولكن هناك عمليات أخرى تعمل على تكوين خريطة كاملة تحمل الإحداثيات لأماكن التصنيع الرئيسية للحبوب والمواد المخدرة بالداخل، والتي يتم تقديمها للموزعين الذين بدورهم يقومون بتحديد وجهات تسويقها إلى الخارج ويقومون على ذلك، ومن بين تلك الوجهات الولايات المتحدة.
وبين السياسي الجمهوري، أن عمليات «سي آي إيه» في كراكاس، حددت علاقات مباشرة بين رؤوس «زعماء» هذه العصابات بشخصيات مقربة من الرئيس الفنزويلي، يمارسون نشاطهم الواسع في هذا المجال عبر معسكرات كاملة لعمليات تصنيع المخدرات وتعبئتها وتصنيفها وتغليفها، وهي منظومة كاملة وصناعة منظمة وليس عملًا يقوم عليه مجموعات من الهواة أو نشاط بشكل عشوائي.
فيما يؤكد عضو لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان الفنزويلي السابق، والمستشار السابق في مجلس الدفاع الوطني بوزارة الدفاع الفنزويلية، السياسي عادل الزغير، أن كل ما يقدم عليه ترامب من استهداف لكراكاس مع وصول الأمر إلى الاستعداد لعمل بري، هو استكمال لسيناريو الكذب الذي يفضحه ساسة جمهوريون وقيادات منهم بالكونغرس، طمعًا منه في ثروات فنزويلا عبر مخطط ليس له أي علاقة بالمخدرات.
ويرى الزغير في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن اتهام فنزويلا بإيواء عصابات المخدرات مثله مثل الحرب على دول تحت عنوان مكافحة الإرهاب الذي وضح أن إدارات أمريكية هي من صنعت هذه الجماعات حتى يتهموا البلدان التي تدور أطماع تجاهها بأنها تؤوي هذه التنظيمات المتطرفة التي تشغلها في الأساس أركان أمريكية ، وهو السيناريو ذاته الذي جرى مع العراق منذ أكثر من عقدين، بأنها تمتلك أسلحة نووية، وفي النهاية أسقطوا النظام وعمت الفوضى ولم يستطيعوا تقديم أي دليل.
واستكمل الزغير أن هناك من داخل الحزب الجمهوري من يكذبون ترامب فيما يتعلق بفنزويلا ووجه أكثر من سؤال للرئيس الأمريكي حول توجيه الاتهامات إلى كراكاس في وقت قامت فيه الأخيرة بتدمير كافة الطائرات التي تأتي من كولومبيا وبيرو وتحاول استعمال الأجواء الفنزويلية لتهريب المخدرات.
واستطرد الزغير بأن هناك انتقادات قوية من قبل السياسيين في واشنطن على التصرفات العدائية ضد فنزويلا، في وقت يحمل فيه إنتاج المخدرات بشكل أكبر في المكسيك وكولومبيا وبيرو التي هي من أكبر حلفاء واشنطن، ليخرج 70% من المخدرات المنتجة في هذه الدول عن طريق الإكوادور التي يتواجد فيها عدد كبير من الجيش الأمريكي في ظل حضور سفن حربية للولايات المتحدة هناك
وتحدث الزغير بأن نحو 95% من أسلحة عصابات المخدرات في المكسيك تأتي من الأراضي الأمريكية، موضحًا أن على الحدود بين البلدين هناك 15 ألف متجر لبيع الأسلحة من مجموع 34 ألف محل بالولايات المتحدة لتجارة السلاح.
وبدوره، يقول الباحث في الشأن اللاتيني، علي فرحات، إن كل ما يمكن أن يلاحظ من التحشيد العسكري الأمريكي في الكاريبي يشير إلى أن أي ضربات أو عملية عسكرية على فنزويلا ستكون عبر الجو أو السفن البحرية في ظل استبعاد تقارير أي تدخلات برية أمريكية لعدة اعتبارات من بينها أن عدد الجنود الذين يحتشدون مع القطع العسكرية في هذه المنطقة، لا يكفون للقيام بعمل بري في ظل صعوبة جغرافيا فنزويلا.
وأضاف فرحات في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أنه من الصعب أن يكون هناك قرار بالدخول البري إلى أراضي فنزويلية ولا سيما أن هناك قطاعات شعبية مدربة على حرب العصابات وبالتالي مع الانقسامات الداخلية الأمريكية بين التحقيقات الجارية في الكونغرس وحتى الخلافات في المنظومة العسكرية، لا اتعكس مؤشرات أن واشنطن في صدد عملية برية في ظل الإستراتيجية التي تحيط إدارة ترامب، بتحقيق الأهداف بأقل خسائر ممكنة.