بلومبرغ: إسرائيل أمام خيارين في مواجهة مواطنيها العرب

بلومبرغ: إسرائيل أمام خيارين في مواجهة مواطنيها العرب


قال الكاتب حسين إيبش في موقع بلومبرغ الأمريكي، إن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني يبدو مثل يوم مرعب يتكرر إلى ما لا نهاية، تتبادل “حماس” وإسرائيل القصف، فيما السلطة الفلسطينية عاجزة ومشلولة، وتعزز إسرائيل بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة.
لكن هذه المرة، هناك لاعب لا يلتفت إلى دوره في العادة، يضطلع اليوم بدور أكبر الفلسطينيون في إسرائيل، الذين يعرفون أيضاً بـ”عرب إسرائيل” وعددهم مليونا نسمة أي 20% من السكان، والذين يواجهون تمييزاً هائلاً. كما أن هناك 6 ملايين فلسطيني في الأراضي الفلسطينية، محكومون أيضاً من إسرائيل، إلا أنهم لا يحملون جنسيتها.
وتاريخياً، لعب عرب إسرائيل دوراً هامشياً في المجتمع الإسرائيلي والحركة الوطنية الفلسطينية على حد سواء.
ومع وجود قوتين تتجاذبان الساحة، فإن ذلك قد يتغير قريباً. وقد لا يكون لهم التأثير الكبير على القتال الدائر، لكنه قد يغير شكل الكفاح في المستقبل.

دمج في الحياة الإسرائيلية
وبطريقة ما، يدمج عرب إسرائيل تدريجياً في الحياة الإسرائيلية. وتباهى الكثير من اليهود الإسرائيليين بالخدمة البطولية لأطبائهم في مكافحة وباء كورونا. لكن على المستوى الجماعي فإنهم يشعرون بمزيد من التغريب ويحسون بأنهم “فلسطينيون” أكثر.في 2018، تبنت إسرائيل “قانون الدولة”، الذي ينص على أن لليهود وحدهم حق تقرير المصير الوطني في إسرائيل.

وأظهر العنف المجتمعي الأخير في “المدن المختلطة” بين مثيري الشغب اليهود والعرب، فإن نبض إثبات هويتهم الفلسطينية ضد الهيمنة الإسرائيلية يتصاعد، وكذلك المجازفة بأن يتعرضوا للهجمات من اليهود المتطرفين. وأضاف إيبيش أن عاملاً مهماً يحركهم ألا وهو زوال “الخط الأخضر”، أي الحدود المفترضة التي كانت تفصل الأراضي الإسرائيلية، عن الأراضي المحتلة، وتشكل قاعدة الأمل دولة فلسطينية. وتجاهلت إسرائيل طويلاً هذا التمييز، ما سمح لليهود بالعيش بمقتضى القوانين نفسها في دولة موحدة بينما أوجدت الكثير من القواعد والوقائع المختلفة بالنسبة إلى الفلسطينيين، بالإعتماد على المكان، الذي يعيشون فيه. ومع ذلك، فإن سراب الخط الأخضر لا يزال يوفر الأمل في أن يكون القمع موقتاً. وبدد ذلك فعلاً في السنوات الأخيرة مع استبعاد الحكومة الإسرائيلية رسمياً حل الدولتين، بينما تنتقد مجموعات حقوق الإنسان، إسرائيل على نحوٍ متزايد بسبب “نظام الأبارتهيد” بدل “الاحتلال».
 
شعور بالقمع
وما تبقى، هو شعور عميق بالقمع المشترك في صفوف عرب إسرائيل، لأنهم مواطنين من الدرجة الثانية، بينما أخوانهم الفلسطينيين يعيشون تحت نظام أمر واقع من الأبارتهيد، ما أدى إلى كفاح فلسطيني أكثر اتحاداً، حتى لو اتخذ أشكالاً مختلفة في غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية، وداخل إسرائيل.
وثمــــــة دينــــاميكيــة جديدة أيضاً، تتمثل في أن الأحزاب العربية المنقسمة والعاجزة في إسرائيل، بدأت تتجه نحو درجة جديدة من الفاعلية البرلمانية.
وبعد انتخابات 2020، باتت القائمة العربية المشتركة ثالث أكبر كتلة في الكنيست، في اختراق تاريخي، لكن ذلك تغير عندما كسر حزب “يش عتيد” هناك مستقبل، التحالف مع إئتلاف أبيض أزرق الأكبر.
والأكثر مدعاة للدهشة، أن منصور عباس زعيم الحزب الإسلامي الذي يعرف بـ”رام”، دخل في غزل مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في الأشهر الماضية بعد احتمال انضمامه إلى ائتلاف حكومي إسرائيلي.
ورغم أن عباس، عربي وإسلامي، فإن آراءه القائمة على كره المثليين، وذات الثقافة الرجعية، هي صدى لآراء بعض المجموعات اليهودية اليمينية، المحيطة بنتانياهو.

منصور عباس
وواجه مثل هذا الائتلاف معارضة قوية. وأخفق نتانياهو في نهاية المطاف في تشكيل غالبية، وانتقلت الفرصة إلى السياسي الوسطي يائير لابيد، واليميني نفتالي بينيت.
ولكن عباس حسّن موقعه ولا يزال يُنظر إليه على أنه شريك محتمل في الائتلاف. لكن الغضب اليهودي على العنف المجتمعي قد يقتل فرصه، ويعمق غضب ناخبيه.

لكن النزاع قد يفتح أيضاً طريقاً أمامه ليقفز إلى الحكومة الإسرائيلية. ويبدو أنه مصمم على مواصلة المفاوضات، مندداً بأعمال الشغب وغياب القانون وواضعاً نفسه في موقع الوكيل المسؤول والداعي إلى التهدئة. ولا يزال يؤدي لعبة سياسية للحصول على السلطة الرسمية ورعاية الدولة.
ويرى بعض المعلقين الإسرائيليين أن دخول عباس إلى الحكومة، بمثابة فرصة لمعالجة التهديد الأمني الداخلي المتزايد بتقريب عرب إسرائيل أكثر من التيار الإجتماعي والسياسي العام.

وحدث شيء مشابه في 1984 عند ضم حزب شاس لليهود الشرقييين المهمشين إلى الحكومة.
وإذا قوبلت جهود عباس لدخول الحكومة وفق ما توحي به التعليقات الأخيرة لبينيت، فإن ذلك قد يُبعد سياسيين آخرين من عرب إسرائيل، ويزيد من شعور المجتمع، بالغربة والإقصاء.
 تواجه إسرائيل خياراً واضحاً، إما أن تجد سبلاً لدمج مواطنيها العرب في الحياة الوطنية، وتتراجع عن اتجاه متزايد من التغريب، أو أن يصبح مواطنوها العرب جزءاً قوياً من حركة وطنية فلسطينية أكثر اتحاداً في مواجهة الحكم الإسرائيلي.